{ هَآأَنْتُمْ أُوْلاءِ } ، تنبيه ، و { أَنْتُمْ } كناية للمخاطبين من الذكور ، { أُوْلاءِ } اسم الجمع المشار إليه { تُحِبُّونَهُمْ } خبر عنهم . ومعنى الآية : أنتم أيها المؤمنون تحبون هؤلاء اليهود الذين نهيتكم عن مباطنتهم للأسباب التي بينكم من المصاهرة والمحالفة والرضاع والقرابة والجوار ، { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } هم ؛ لما بينكم من مخالفة الدين . هذا قول أكثر المفسرين . وقال المفضل : معنى { تُحِبُّونَهُمْ } تريدون لهم الإسلام ، وهو خير الأشياء ، ولا تبخلون عليهم بدعائهم إلى الجنة ، { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } هم ؛ لأنهم يريدونكم على الكفر وهو الهلاك . أبو العالية ومقاتل : هم المنافقون يحبهم المؤمنون بما أظهروا من الإيمان ولا يعلمون ما في قلوبهم . قتادة : في هذه الآية والله إنّ المؤمن ليحب المنافق ويلوي إليه ويرحمه ، ولو أنّ المنافق يقدر على ما يقدر عليه المؤمن منه لأباد خضراءه .
{ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ } يعني بالكتب كلها ولا يؤمنون هم بكتابكم ، { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ } وكان بعضهم مع بعض { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ } يعني أطراف الأصابع واحدتها أنمَلة وأنمُلة ، بضم الميم وفتحها { مِنَ الْغَيْظِ } والحنق ؛ لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم وصلاح ذات بينهم . وهذا من مجاز الأمثال وإن لم يكن ثم عضّ ، قال الشاعر :
إذا رأوني أطال الله غيظهم *** عضوا من الغيظ أطراف الأباهيم
وقد صالحوا قوماً علينا أشحّة *** يعضّون غيضاً خلفنا بالأنامل
قال الله تعالى : { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ } ، إن قيل : كيف لا يموتون والله تعالى إذا قال لشيء كن فيكون ؟
فالجواب : أن المراد ابقوا بغيضكم إلى الممات فإن مناكم عن الاسعاف محجوبة .
وقال محمد بن جرير : خرج هذا الكلام مخرج الأمر وهو دعاء أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يدعو عليهم بالهلاك كمداً ممّا بهم من الغيظ ، قل يا محمد : اهلكوا بغيظكم : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } بما في القلوب من خير وشر . روى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال : ذكر أصحاب الأهواء فقال والذي نفسي بيده لئن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إليّ من أن يجاورني رجل منهم . يعني صاحب هوىً ، ولقد دخلوا في هذه الآية : { هَآأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.