الإنعام يطلق ويراد به : نفع يساق إلى منعم عليه لغير عوض ؛ وعرفه الراغب بأنه : إيصال الإحسان إلى الغير من العقلاء ؛ فلا يقال : أنعمت على الفرس . .
وأخرج بن جرير عن ابن عباس : المنعم عليهم من أشار إليهم قول الله تعالى { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . . }{[67]}
{ غير المغضوب عليهم ولا الضالين }
من أنعم الله عليه فهداه فهو بعيد عمن غضب الله عليهم وهم اليهود بدليل قول المولى تبارك وتعالى { قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت . . }{[68]}
والمنعم عليهم من لدن البر الرحيم الوهاب الكريم سبحانه بعيد عن الضالين وهم النصارى الذين حرفوا ونسوا ما ذكروا به لقوله عز شأنه { . . ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل }{[69]} .
تبارك المولى الحكيم الخبير علمنا في تسع وعشرين كلمة هي عدد كلمات السورة العظيمة من التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير ولعل هذا من حكمة الله سبحانه في تسميتها أم القرآن لأن أقدس مطالبه الأربعة التي بينتها الآيات السبع آيات الفاتحة وتسمى الفاتحة لأنها يفتتح بها الكتاب العزيز تلاوة وخطا ولأنها تنفتح بها الصلاة .
وتسمى الشفاء والرقية لما ثبت في الصحيح{[1]} أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رقوا بها لديغا فقرأ أحدهم السورة الكريمة فأبرأه الله وكانوا قد اشترطوا على جماعة اللديغ جُعْلا فصالحوهم على قطيع من الغنم ولما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم قطيع الغنم وذكروا له ما كان من أمرهم قال للراقي ( وما يدريك أنها رقية ){[2]} ثم قال : ( لقد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما )
بل لقد سماها الرسول فيما يرويه عن ربه عز و جل ( الصلاة ) فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد { الحمد لله رب العالمين } قال الله حمدني عبدي وإذا قال { الرحمن الرحيم } قال الله أثنى علي عبدي فإذا قال { مالك يوم الدين } قال الله تعالى مجدني عبدني فإذا قال { إياك نعبد وإياك نستعين } قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال { إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) .
وفي الصحيحين صحيحي البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ){[3]} .
روى مسلم عن أبي هريرة قال : في كل صلاة قراءة : فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أَسْمَعْنَاكُم وما أخفى منا أخفيناه منكم ومن قرأ بأم القرآن فقد أجزأت عنه ومن زاد فهو أفضل وفي البخاري وإن زدت فهو خير لك .
كما روي عن أبي قتادة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأولتين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا وكذا يطول في الركعة الأولى من الظهر ويقصر في الثانية وكذلك في الصبح . وفي رواية يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب .
وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال ( إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم . فإذا كبر فكبروا ، وإذا قال { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا : آمين . يجبكم الله ) . أخرجه مسلم .
وجمهور علماء القرآن على أن سورة ( الحمد ) مكية- نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة- لكن بعض النصوص ومنها الحديث الصحيح الذي سنورده-{[4]} جعل عباس قال : بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا{[5]} من فوقه ، فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم ؛ فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتيهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ؛ لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته .
لكن هذه البشرى بثواب قراءة السورة وخواتيم سورة البقرة لا تدل على أن الفاتحة لم تنزل إلا بالمدينة ، لجواز أن يكون الملك قد نزل بثوابها بعد أن أوحي بها من قبل ؛ وطائفة أخرى ذهبت إلى أنها نزلت مرتين وعلى هذا تعتبر مكية مدنية{[6]} .
وآياتها سبع ، أولها : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ؛ وإن كان البعض يرى أنها آية من القرآن الكريم نزلت للفصل بين السور{[7]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.