اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذٍ أَيۡنَ ٱلۡمَفَرُّ} (10)

قوله : { يَقُولُ الإنسان } . جواب «إذا » من قوله : «فإذا برق » ، و «أيْنَ المفَرُّ » منصوب المحل بالقول ، و «المَفَرّ » مصدر بمعنى «الفرار » وهذه هي القراءة المشهورة .

وقرأ الحسنان ابنا{[58663]} علي وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة : بفتح الميم وكسر الفاء ، وهو اسم مكان الفرار ، أي أين مكان الفرار .

وجوز الزمخشري أن يكون مصدراً ، قال : «كالمرجع » وقرأ الحسن{[58664]} عكس هكذا : أي بكسر الميم وفتح الفاء ، وهو الرجل الكثير الفرار ؛ كقول امرئ القيس يصف جواده : [ الطويل ]

4990 - مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً*** كجُلْمُودِ صَخْرٍ حطَّهُ السَّيلُ من عَلِ{[58665]}

وأكثر استعمال هذا الوزن في الآلات .

فصل في بيان ما يقوله الإنسان يوم القيامة

يقول الإنسان يومئذ : أين المفر ، أي : يقول ابن آدم ، وقيل : أبو جهل : أين المفر ، أين المهرب ؟ .

قال الماوردي : ويحتمل وجهين :

أحدهما : أين المفر من الله استحياءً منه .

والثاني : أين المفر من جهنم حذراً منها . ويحتمل هذا القول من الإنسان وجهين :

أحدهما : أن يكون من الكافر خاصة في عرصة القيامة دون المؤمن لثقة المؤمن ببشرى ربه .

والثاني : أن يكون من قول المؤمن والكافر عند قيام الساعة لهول ما شاهدوا منها .


[58663]:ينظر: المحرر الوجيز 5/403، والبحر المحيط 8/377، والدر المصون 6/428.
[58664]:ينظر: السابق.
[58665]:ينظر ديوانه ص 19، وإصلاح المنطق ص 25، وجمهرة اللغة ص 126، وخزانة الأدب 2/297، 3/242، 243، والدرر 3/115، وشرح أبيات سيبويه 2/339، وشرح التصريح 2/54، وأوضح المسالك 3/165، ورصف المباني ص 328، وشرح الأشموني 2/223، وشرح شذور الذهب ص 140، ومغني اللبيب 1/154، والمقرب 1/215، وهمع الهوامع 1/210.