اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ} (4)

{ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذكرى } أي : قبول الحق ، «وما يدريك » أنَّ ما طمعت فيه كائن ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : { وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي } [ الأنعام : 52 ] .

وقوله : { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا } [ الكهف : 28 ] .

قوله : { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذكرى } .

قرأ عاصم : «فتنفعه » بالنصب .

والباقون{[59347]} : بالرفع .

فمن رفع ، فهو نسق على قوله : «أو يذَّكرُ » .

ومن نصب ، فعلى جواب التَّرجي كقوله في «المؤمن »{[59348]} : { فَأَطَّلِعَ } [ غافر : 37 ] ، وهو مذهب كوفي وقد تقدم الكلام عليه .

وقال ابن عطية{[59349]} : في جواب التمني ؛ لأنَّ قوله تعالى : { أَوْ يَذَّكَّرُ } في حكم قوله : { لَعَلَّهُ يزكى } .

قال أبو حيان{[59350]} : «وهذا ليس تمنياً إنما هو ترجٍّ » .

قال شهاب الدين{[59351]} : إنما يريد التًّمني المفهوم من الكلام ، ويدلُّ له ما قاله أبو البقاء : «وبالنصب على جواب التمني في المعنى » ، وإلاَّ فالفرق بين التمنِّي والترجِّي لا يجهله ابن عطية .

وقال مكي : «من نصبه جعله جواب » لَعلَّ «بالفاء ؛ لأنَّه غير موجب ، فأشبه التَّمني والاستفهام ، وهو غير معروف عند البصريين » وقرأ عاصمٌ{[59352]} في رواية الأعرج : «أو يذْكُر » - بسكون الذال ، وتخفيف الكاف مضمومة - مضارع «ذكر » ، والمعنى : أو يتَّعظ بما يقوله : «فتنفعه الذكرى » أي : العِظَةُ .


[59347]:ينظر: السبعة 672، والحجة 6/376، وإعراب القراءات 2/439، وحجة القراءات 749.
[59348]:يعني سورة "غافر".
[59349]:ينظر: المحرر الوجيز 5/437.
[59350]:ينظر: البحر المحيط 8/419.
[59351]:ينظر: الدر المصون 6/478.
[59352]:ينظر: المحرر الوجيز 5/437، والبحر المحيط 8/419، والدر المصون 6/479.