المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَعُولُواْ} (3)

{ أدنى } معناه : أقرب ، وهو من الدنو ، وموضع - أن - من الإعراب نصب بإسقاط الخافض ، والناصب أريحية الفعل الذي في { أدنى } ، التقدير : ذلك أدنى إلى أن لا تعولوا ، و { تعولوا } معناه : تميلوا ، قاله ابن عباس وقتادة والربيع وقتادة والربيع بن أنس وأبو مالك والسدي وغيرهم ، يقال : عال الرجل يعول : إذا مال وجار ، ومنه قول أبي طالب في شعره في النبي صلى الله عليه وسلم{[3852]} :

بميزان قسط لا يخسُّ شعيرة . . . ووزان صدق وزنه غير عائل

يريد غير مائل ، ومنه قول عثمان لأهل الكوفة حين كتب إليهم : إني لست بميزان لا أعول ، ويروى بيت أبي طالب : «له شاهد من نفسه غير عائل » وعال يعيل ، معناه : افتقر فصار عالة ، وقالت فرقة منهم زيد بن أسلم وابن زيد والشافعي : معناه : ذلك أدنى ألا يكثر عيالكم ، وحكى ابن الأعرابي أن العرب تقول : عال الرجل يعول إذا كثر عياله ، وقدح في هذا الزجاج وغيره ، بأن الله قد أباح كثرة السراري ، وفي ذلك تكثير العيال ، فكيف يكون أقرب إلى أن لا يكثر .

قال القاضي أبو محمد : وهذا القدح غير صحيح ، لأن السراري إنما هن مال يتصرف فيه بالبيع ، وإنما العيال الفادح الحرائر ذوات الحقوق الواجبة .


[3852]:- انظر سيرة ابن هشام 1/242 وتفسير القرطبي 5/21