تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَعُولُواْ} (3)

{ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } ، نزلت في خميصة بن الشمردل ، وذلك أن الله عز وجل أنزل : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } ، يعني بغير حق ، { إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } ( النساء : 10 ) ، فخاف المؤمنون الحرج ، فعزلوا كل شيء لليتيم من طعام ، أو لبن ، أو خادم ، أو ركوب ، فلم يخالطوهم في شيء منه ، فشق ذلك عليهم وعلى اليتامى ، فرخص الله عز وجل من أمولهم في الخلطة ، فقال : { وإن تخالطوهم فإخوانكم } ( البقرة : 220 ) ، فنسخ من ذلك الخلطة ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عما ليس به بأس ، وتركوا أن يسألوه عما هو أعظم منه ، وذلك أنه كان يكون عند الرجل سبع نسوة ، أو ثمان ، أو عشر حرائر ، لا يعدل بينهن ، فقال سبحانه : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } ، يقول : ألا تعدلوا في أمر اليتامى ، فخافوا الإثم في أمر النساء ، واعدلوا بينهن ، فذلك قوله عز وجل : { فانكحوا ما طاب لكم } ، يعني ما يحل لكم { من النساء مثنى وثلاث ورباع } ، ولم يطب فوق الأربع ، ثم قال سبحانه : { فإن خفتم } الإثم { ألا تعدلوا } في الاثنين والثلاث والأربع في القسمة والنفقة ، { فواحدة } ، يقول : فتزوج واحدة ولا تأثم ، فإن خفت أن لا تحسن إلى تلك الواحدة ، { أو ما ملكت أيمانكم } من الولائد ، فاتخذ منهن { ذلك أدنى ألا تعولوا } ، يقول : ذلك أجدر ألا تميلوا عن الحق في الواحدة وفي إتيان الولائد بعضهم على بعض ، ولما نزلت : { مثنى وثلاث ورباع } ، كان يومئذ تحت قيس بن الحارث ثمان نسوة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "خل سبيل أربعة منهن وأمسك أربعة" ، فقال للتي يريد إمساكها : أقبلي ، وللتي لا يريد إمساكها : أدبري ، فأمسك أربعة وطلق أربعة .