قوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ في اليتامى } يعني : ألا تعدلوا في أموال اليتامى ، يقال في اللغة : أقسط الرجل إذا عدل ، وقسط إذا جار . وقال صلى الله عليه وسلم : " المُقْسِطُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " يعني العادلون . قال الله تعالى : { وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [ الجن : 15 ] يعني الجائرون . ثم قال تعالى : { فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ } وذلك أنهم كانوا يسألون عن أمر اليتامى ويخافون ألا يعدلوا ، وكانوا يتزوجون من النساء ما شاؤوا ، فنزلت هذه الآية { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ في اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ } { مّنَ النساء مثنى وثلاث وَرُبَاعَ } يعني فكما خفتم ألا تعدلوا في اليتامى ، فخافوا في النساء إذا اجتمعن عندكم ألا تعدلوا بينهن . وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان الناس يتزوجون اليتامى ولا يعدلون بينهن ، ولم يكن لهم أحد يخاصم عنهن ، فنهى الله المؤمنين عن ذلك فقال : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ في اليتامى } الآية . ويقال : إنهم كانوا يتزوجون امرأة لها أولاد أيتام ، وكانوا لا يحسنون النظر إليهم ، فنزل { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ في اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ } يعني بغير ولد { مثنى وثلاث وَرُبَاعَ } .
ثم قال تعالى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ } في القسم والنفقة { فواحدة } يقول : تزوجوا امرأة واحدة ، وإن خفتم ألا تعدلوا في الواحدة { أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانكم } يعني الإماء ، ويقال إن خفتم ألا تعدلوا في القسم بين النساء فواحدة ، أي واشتروا الإماء لأن الواحدة لا تحتاج إلى القسمة ، والإماء لا يحتاج فيهن إلى القسمة .
وقال بعض الروافض بظاهر هذه الآية أنه يجوز نكاح تسع نسوة ، لأنه قال مثنى وثلاث ورباع ، فيكون ذلك تسعاً . ولكن أجمع المفسرون أن المراد به التفصيل لا الاجتماع ، ومعناه مثنى أو ثلاث أو رباع ، وبذلك جاءت الآثار ، وهو حديث غيلان بن سلمة أنه أسلم ومعه عشر نسوة ، فخيّره النبي صلى الله عليه وسلم فاختار أربعاً وفارق البواقي . وروي عن الكلبي ومقاتل أن قيس بن الحارث كان عنده ثمان نسوة حرائر ، فلما نزلت هذه الآية أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق أربعاً ويمسك أربعاً . وروى محمد بن الحسن في كتاب السير الكبير ، أن ذلك كان الحارث بن قيس الأسدي ، وهذا هو المعروف عند الفقهاء . ثم قال تعالى : { ذلك أدنى أَلاَّ تَعُولُواْ } أي أحرى ألا تميلوا ولا تجوروا ولا تظلموا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.