جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَلَمَّا سَمِعَتۡ بِمَكۡرِهِنَّ أَرۡسَلَتۡ إِلَيۡهِنَّ وَأَعۡتَدَتۡ لَهُنَّ مُتَّكَـٔٗا وَءَاتَتۡ كُلَّ وَٰحِدَةٖ مِّنۡهُنَّ سِكِّينٗا وَقَالَتِ ٱخۡرُجۡ عَلَيۡهِنَّۖ فَلَمَّا رَأَيۡنَهُۥٓ أَكۡبَرۡنَهُۥ وَقَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّ وَقُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٞ كَرِيمٞ} (31)

{ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } ، تسميته مكرا لما علمت أنهن أردن بهذا القول أن تريهن يوسف أو لأنهن أفشين{[2388]} سرها ، { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } : دعتهن ، { وأعدت لَهُنَّ مُتَّكَأ{[2389]} } : ما يتكأ عليه قال أكثر السلف المتكأ المجلس المعد فيه مفارش ومخاد{[2390]} وطعام فيه ما يقطع بالسكين ، { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا } : لقطع ما في المائدة مما يحتاج إليه ، { وَقَالَتِ } : حين أخذن السكاكين : { اخْرُجْ } : يا يوسف ، { عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } عظمنه وهبن ذلك الحسن وقيل : أكبرنه أي : حضن له من شدة الشبق فإن المرأة إذا أكبرت حاضت أو الهاء للسكت ، { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } : جرحنها من فرط الحيرة ، { وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ } : أصله حاشا فحذفت الألف تخفيفا وهي من حروف الجر وضعت موضع التنزيه والبراءة كأنه قال : براءة ثم قال : لله ؛ لبيان من يبرئ وينزه كسقيا لك والمعنى تنزيها لله من العجز وتعجبا من قدرته على هذا الخلق الجميل ، { مَا هَذَا بَشَرًا } : فإنه لم يعهد للبشر مثل ذلك الجمال وأعمل ما عمل ليس لمشاركتهما في نفي الحال وهو لغة الحجاز ، { إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } فإن{[2391]} جماله فوق جمال البشر .


[2388]:يعني هي استكتمتهن فأفشينه عليها /12.
[2389]:يقال اتكاؤنا عنه: أي طعمنا وعن مجاهد متكأ طعاما يجز جزا كأن المعنى يعتمد بالسكين لقطعه /12.
[2390]:جمع مخدة بالكسر /12.
[2391]:أخرج أحمد وغيره عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعطي يوسف و أمه شطر الحسن" وقد وردت روايات عن جماعة من السلف في وصف حسن يوسف والمبالغة في ذلك /12 فتح. [أخرجه أحمد (3/286)، والحاكم (2/570) وغيرهما وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي، ولفظ مسلم (1/390) كما في حديث ا لإسراء: "فإذا أن بيوسف 6صلى الله عليه وسلم إذا هو قد أعطى شكر الحسن"].