الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّا سَمِعَتۡ بِمَكۡرِهِنَّ أَرۡسَلَتۡ إِلَيۡهِنَّ وَأَعۡتَدَتۡ لَهُنَّ مُتَّكَـٔٗا وَءَاتَتۡ كُلَّ وَٰحِدَةٖ مِّنۡهُنَّ سِكِّينٗا وَقَالَتِ ٱخۡرُجۡ عَلَيۡهِنَّۖ فَلَمَّا رَأَيۡنَهُۥٓ أَكۡبَرۡنَهُۥ وَقَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّ وَقُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٞ كَرِيمٞ} (31)

فلما سمعت بما فعلن ، أرادت أن تُوقِعهن فيما {[34194]} وقعت هي فيه : { أرسلت إليهن {[34195]} أعتدت لهن متكئا }[ 31 ] : أي : أعدت لهن {[34196]} مجلسا ، أو مما يتكئن عليه من النمارق . وهو يفتعل من ( وكأت ) . والأصل فيه : ( مؤتكا ) ، ففعل به ما فعل ( بمتزر ) {[34197]} من الوزر . وقد نطق به التاءع غير تاء الإفتعال . قالوا {[34198]} : ( تك الرجل متكئا ) .

وقال ابن جبير : متكئا : طعاما وشرابا {[34199]} .

وقال السدي : ما يتكئن {[34200]} عليه {[34201]} . وقال ابن عباس : مجلسا {[34202]} . وقرأ الحسن : ( متكى ) بإسكان التاء من غير همز {[34203]} ، على وزن ( فعل( ى ) {[34204]} وهو المجلس والطعام .

وقال الضحاك : المتك : الزُّماَوَرْد {[34205]} ، وقيل هو الأترنج ، روي ذلك عن ابن عباس {[34206]} .

وحكى القتيبي {[34207]} أنه يقال {[34208]} : ( اتكأنا عند فلان ، أي : أكلنا عنده {[34209]} ) .

قوله : { وأتت كل واحدة منهن سكينا }[ 31 ] : يدل على أنه طعام يقطع بالسكاكين {[34210]} .

فكأنه في التقدير : وأعتدت لهن طعاما متكئا ، ثم حذف مثل { واسأل القرية {[34211]} التي كنا فيها } {[34212]} {[34213]} . والسكين : يُذَكر ، ويؤنث عند الكسائي ، والفراء ، ولا يعرف الأصمعي إلا التذكير {[34214]} .

{ وقالت اخرج عليهن }[ 31 ] أي : قالت ليوسف : أخرج ، فخرج ( عليهن ) {[34215]} { فلما رأيته أكبرنه }[ 31 ] : أي عظم {[34216]} وجل في أعينهن ، وكبر ، وعظم {[34217]} وبهتن . وقيل : { أكبرنه } : حضن الحيض البين {[34218]} .

( فالهاء ) على القول الأول ليوسف {[34219]} ، وعلى القول الثاني للحيض ، كناية على المصدر . وأكبر[ ن ] {[34220]} ، بمعنى حضن ، مروي عن ابن عباس ، والضحاك {[34221]} .

وعن مجاهد أن المعنى : فلما رأينه أعظمنه فحضن {[34222]} .

وقوله : { وقطعن أيديهن }[ 31 ] بالحز {[34223]} بالسكاكين {[34224]} .

قال {[34225]} السدي : جعلن يحززن {[34226]} في أيديهن ، وهن {[34227]} يحسبن أنهن يقطعن الأترج {[34228]} ، ما يعقلن مما طرأ عليهن من جماله ، وهيأته .

وقال قتادة ، ومجاهد : ( تقطعن أيديهن حتى ألقينها ) {[34229]} .

قال عكرمة : قطعن أيديهن : أي : أكمامهن {[34230]} . وروي أن يوسف {[34231]} ، وأمه أعطيا ثلث الحسن {[34232]} وعن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنهما أعطيا ثلث الحسن ) {[34233]} .

وقوله {[34234]} : { وقلن حاش الله }[ 31 ] : أي {[34235]} : معاذ الله {[34236]} .

وحاشا {[34237]} يكون بمعنى التنزيه {[34238]} ، وبمعنى {[34239]} الاستثناء ، وهي هنا للتنزيه {[34240]} .

{ ما هذا بشرا }[ 31 ] : استعظمن أمره ، إذ لم يرين {[34241]} من البشر مثله {[34242]} .

{ إن هذا إلا ملك كريم }[ 31 ] : أي : من الملائكة {[34243]} .


[34194]:ط: في ما.
[34195]:وهو قول الزجاج في معانيه 3/105.
[34196]:ق: اعتدين.
[34197]:ط: بمتون. ق: بمتزز.
[34198]:ق: قال. ط: قالوا تكى.
[34199]:وهو قول الجماعة من أهل التفسير، انظر: تفسير مجاهد 395 وجامع البيان 16/69، وإعراب النحاس 2/326، ولم ينسبه ابن قتيبة في غريب القرآن 216، وتأويل مشكل القرآن 180.
[34200]:ق: يتكئون.
[34201]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/69.
[34202]:انظر هذا القول في: معاني الفراء 2/42 وجامع البيان 16/70، والنحاس 20/326.
[34203]:انظر: هذه القراءة الشاذة من شواذ القرآن 68، والمحرر 9/289. وكلاهما أورداها بتشديد التاء والمد على إشباع الحركة (متكأ).
[34204]:ساقط من ق.
[34205]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/70، ولم ينسبه في معاني الفراء 2/42، وتأويل مشكل القرآن.
[34206]:وهو أيضا قول مجاهد في تفسيره 395، وانظر: جامع البيان 16/71، ومعاني الزجاج 3/106، ولم ينسب في معاني الفراء 2/42، وغريب القرآن 216، وتأويل مشكل القرآن 41.
[34207]:هو أبو محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة، عالم، ناقد، مفسر، أديب، وصاحب التصانيف المشهورة. مشكل وغريب القرآن، والحديث وعيون الأخبار. (ت 276 هـ) انظر: طبقات الزبيدي 183، وإنباه الرواة 2/143، والوفيات 3/42.
[34208]:ط: قال.
[34209]:انظر هذا القول في: تأويل مشكل القرآن 180.
[34210]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/74.
[34211]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/326.
[34212]:ساقط من ط.
[34213]:يوسف: 82.
[34214]:انظر: إعراب النحاس 2/326.
[34215]:ساقط من ق.
[34216]:ق: أعظم.
[34217]:انظر: هذا التفسير في غريب القرآن 217، وجامع البيان 16/75.
[34218]:هذا الخبر نسبه الطبري إلى ابن عباس. انظر: جامع البيان 16/76-77، وعزاه في معاني الزجاج 3/106: إلى مجاهد، وفي الجامع 9/119: أنه قول قتادة، ومقاتل، والسدي.
[34219]:ط: صم.
[34220]:ساقط من ق.
[34221]:انظر التعليق التاسع في الصفحة السابقة.
[34222]:انظر هذا القول في: معاني الزجاج 3/106، وفي تفسير مجاهد 396: أعظمنه.
[34223]:ط: بالحد. ق: بالجز. والحز، والجز بمعنى واحد.
[34224]:وهو قول مجاهد. انظره: في تفسيره 396، وفي الجامع 9/119. وروي أيضا عن ابن عباس في جامع16/78.
[34225]:ط: وقال.
[34226]:ط: يحذرن.
[34227]:ق: وهو.
[34228]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/78.
[34229]:انظر هذين القولين في: جامع البيان 16/79.
[34230]:انظر هذا القول في: الجامع 9/119.
[34231]:ط: صم.
[34232]:هذا الخبر رواه الطبري في: جامع البيان 16/79 عن أبي الأحوص، عن مسعود.
[34233]:وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده 3/286 عن أنس بن مالك، والحاكم في المستدرك 2/570، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
[34234]:ساقط من ط.
[34235]:ق: أي، أي وهو سهو من الناسخ.
[34236]:وهو قول مجاهد في: تفسيره 396، وانظر: معاني الزجاج 3/107.
[34237]:ساقط من ق.
[34238]:ق: التيرية.
[34239]:ق: ومعنى.
[34240]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/83.
[34241]:ق: يوتى.
[34242]:ق: مثلة انظر: جامع البيان 16/84.
[34243]:وهو قول مجاهد في: تفسيره 396، انظر: جامع البيان 16/85.