قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فروي عن أنس بن مالك قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعنا مثلها قط فقال : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " قال فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم حنين فقال رجل : من أبي ؟ فقال فلان فنزلت هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } وفي رواية أخرى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر فيها أموراً عظاماً ثم قال : من أحب أن يسألني عن شيء فليسأل ، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي فأكثر الناس البكاء وأكثر أن يقول سلوا فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال : من أبي ؟ فقال : أبوك حذافة . ثم أكثر أن يقول سلوني فبرك عمر على ركبتيه فقال : " رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً " فسكت ثم قال : عرضت علي الجنة والنار أنفاً في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر . قال ابن شهاب : فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : قالت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة ما سمعت بابن قط أعق منك أمنت أن تكون أمك قارفت بعض ما تقارف أهل الجاهلية فتفضحها عن أعين الناس ؟ فقال عبد الله بن حذافة : لو ألحقني بعبد أسود للحقته زاد في رواية أخرى قال قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } أخرجاه في الصحيحين ( خ ) .
عن ابن عباس قال : " كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل : تضل ناقته أين ناقتي ؟ فأنزل الله هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } الآية " كلها وقيل نزلت هذه الآية في شأن الحج عن علي بن أبي طالب قال : " لما نزلت { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً } قالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عام ؟ فسكت فقالوا يا رسول الله صلى الله في كل عام ؟ قال : " لا ولو قلت نعم لوجبت " فأنزل الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } أخرجه الترمذي وقال حديث غريب ( م ) .
عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله فقال : " يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا " . فقال رجل : أفي كل عام ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ثم قال : " ذروني ما تركتكم ولو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم وإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه " .
وروى مجاهد عن ابن عباس : لا تسألوا عن أشياء قال هي البحيرة والوصيلة والسائبة والحام ألا ترى أنه يقول بعد ذلك ما جعل الله من بحيرة ولا كذا ولا كذا وقال عكرمة : إنهم كانوا يسألون عن الآيات فنهوا عن ذلك ثم قال قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ومعنى الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء } جمع شيء { إن تبد لكم } أي تظهر لكم وتبن لكم { تسؤكم } يعني إن أمرتم بالعمل بها فإن من سأل عن الحج لم يأمن أن يؤمر به فلا يقدر عليه فيسوءه ذلك ومن سأل عن نسبه لم يأمن أن يلحقه النبي صلى الله عليه وسلم بغير أبيه فيفتضح ويسوءه ذلك { وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم } معناه : إن صبرتم حتى ينزل القرآن بحكم من فرض أو نهي أو حكم وليس في ظاهره شرح ما تحتاجون إليه ومست حاجتكم إليه فإذا سألتم عنه فحينئذ يبدى لكم ، ومثال هذا : أن الله عز وجل لما بيَّن عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها والحامل ولم يكن في عدد هؤلاء دليل على عدة التي ليست ذات قرء ولا حامل فسألوا عنها فأنزل الله عز وجل جوابهم في قوله { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } الآية { عفا الله عنها } يعني عن مسألتكم عن الأشياء التي سألتم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كره الله لكم السؤال عنها فلم يؤاخذكم بها ولم يعاقبكم عليها { والله غفور } يعني لمن تاب منكم { حليم } فلا يعجل بعقوبتكم . وقال عطاء : غفور يعني لما كان في الجاهلية . حليم : يعني عن عقابكم منذ آمنتم وصدقتم . وقال بعض العلماء : الأشياء التي يجوز السؤال عنها ، هي ما يترتب عليها أمر الدين والدنيا من مصالح العباد وما عدا ذلك فلا يجوز السؤال عنه ( ق ) .
عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته " ( ق ) .
عن المغيرة بن شعبة أنه كتب إلى معاوية " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال " عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الأغلوطات " أخرجه أبو داود . والأغلوطات صعاب المسائل التي تزل فيها أقدام العلماء ويؤيد ذلك قول أبي هريرة : شرار الناس الذين يسألون عن شرار المسائل كي يغلطوا بها العلماء . عن سلمان قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء فقال : " الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما قد عفا عنه فلا تتكلفوا " وعن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تقربوها وترك أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها " هذان الحديثان أخرجهما في جامع الأصول ولم يعزهما إلى الكتب الستة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.