الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (101)

قوله تعالى : { يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ . . . } [ المائدة :101 ] .

اختلف الرواةُ في سببها ، والظاهرُ مِنَ الروايات أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَلَحّت علَيْه الأعراب والجُهَّال بأنواع من السؤالاتِ ، حَسْبَما هو معلومٌ في الروايات ، فزَجَرهم اللَّه تعالى عَنْ ذلك بهذه الآيةِ ، و{ أشْيَاء } : اسمٌ لجَمْعِ شيْءٍ ، قال ابنُ عباس : معنى الآية : لا تسأَلُوا عن أشياء في ضِمْن الأنباء عنْها مساءَةٌ لكم ، إما بتكليفٍ شرعيٍّ يلزمكم ، وإما بخَبَر يسوءُكم ، ولكن إذا نزل القرآن بشيء ، وابتدأكم ربُّكم بأمر ، فحينئذٍ إنْ سألتم عن تَفْصيله وبَيَانِهِ بُيِّنَ لكم ، وأُبْدِيَ ، ويحتملُ قوله : { وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القرءان تُبْدَ لَكُمْ } ، أنْ يكون في معنى الوعيدِ ، كأنه قال : لا تسألوا ، وإن سألتم ، لَقِيتُمْ غِبَّ ذلك وصعوبته ، قال النوويُّ : وعن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا ، وَحَدَّ حُدُوداً ، فَلاَ تَعْتَدُوهَا ، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ ، فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا ، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ ، رَحْمَةً بِكُمْ ، لاَ عَنْ نِسْيَانٍ ، فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا ) ، رُوِّينَاه في «سنن الدارقطنيِّ » ، انتهى .

وفي «صحيح البخاريِّ » ، عن أبي هريرةَ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : ( دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إنَّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ واختلافهم على أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فاجتنبوه ، وَإذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا استطعتم ) ، انتهى .

و{ عَفَا الله عَنْهَا } : معناه : تركَها ، ولم يُعَرِّفْ بها .