أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

شرح الكلمات :

{ وقرن في بيوتكن } : أي أقررن في بيوتكن ولا تخرجن منها إلا لحاجة .

{ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } : أي ولا تتزين وتخرجن متبخترات متغنجات كفعل نساء الجاهلية الأولى قبل الإسلام .

{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } : أي إنما أمركُنَّ بما أمركن به من العفة والحجاب ولزوم البيوت ليطهركن من الأدناس والرذائل .

المعنى :

وقوله : { وقرن في بيوتكن } أي اقررن فيها بمعنى اثبتن فيها ولا تخرجن إلا لحاجة لا بد منها وقوله : { ولا تبرجن } أي إذا خرجتن لحاجة { تبرج الجاهلية الأولى } أي قبل الإِسلام إذ كانت المرأة تتجمل وتخرج متبخترة متكسرة متغنجة في مشيتها وصوتها تفتن الرجال .

وقوله تعالى : { وأقمن الصلاة } بآدائها مستوفاة الشروط والأركان والواجبات في أوقاتها مع الخشوع فيها { وآتين الزكاة ، وأطعن الله ورسوله } بفعل الأمر واجتناب النهى . أمرهن بقواعد الإِسلام وأهم دعائمه . وقوله : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } أي إنما أمرناكن ونهيناكن إرادة إِذهاب الدنس والإِثم إبقاء على طهركن يا أهل البيت النبوي .

وقوله تعالى : { ويطهركم تطهيراً } أي كاملاً تاماً من كل ما يؤثم ويدس النفس ويدنسها .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب بقاء النساء في منازلهن ولا يخرجن إلا من حاجة لا بد منها .

- حرمة التبرج وهى أن تتزين المرأة وتخرج بادية المحاسن متبخترة في مشيتها .

- على المسلم أن يذكر ما شرفه الله به من الإِيمان والإِسلام ليترفع عن الدنايا والرذائل .

- الإِشارة إلى وجود جاهلية ثانية وقد ظهرت منذ نصف قرن ، وهى تبرج النساء بالكشف عن الرأس والصدور والسيقان وحتى الأفخاذ .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} (33)

ولما تقدم إليهن في القول وقدمه لعمومه{[55539]} ، أتبعه الفعل فقال : { وقرن } أي اسكنّ وامكثن دائماَ { في بيوتكن } فمن كسر القاف وهم غير{[55540]} المدنيين{[55541]} وعاصم{[55542]} جعل الماضي قرر{[55543]} بفتح العين ، ومن فتحه فهو عنده قرر بكسرها ، وهما لغتان .

ولما أمرهن بالقرار ، نهاهن عن ضده مبشعاً له ، فقال : { ولا تبرجن } أي تظاهرن من البيوت بغير حاجة محوجة ، فهو{[55544]} من وادي أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهن بعد حجة الوداع بلزوم ظهور الحصر { تبرج الجاهلية الأولى } أي المتقدمة على الإسلام وعلى ما قبل الأمر بالحجاب ، بالخروج{[55545]} من بيت والدخول في آخر ، والأولى لا تقتضي أخرى كما ذكره البغوي{[55546]} ، وعن ابن عباس{[55547]} رضي الله عنهما أنها ما بين نوح وإدريس عليهما السلام ، تبرج فيها{[55548]} نساء السهول - وكن صباحاً وفي{[55549]} رجالهن دمامة - لرجال الجبال وكانوا صباحاً وفي نسائهن دمامة ، فكثر الفساد ، وعلى هذا فلها ثانية .

ولما أمرهن بلزوم البيوت للتخلية عن{[55550]} الشوائب ، أرشدهن إلى التحلية بالرغائب ، فقال : { وأقمن الصلاة } أي فرضاً ونفلاً ، صلة لما بينكن وبين الخالق لأن{[55551]} الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر { وآتين الزكاة } إحساناً إلى الخلائق ، وفي هذا بشارة بالفتوح وتوسيع الدنيا عليهن ، فإن العيش وقت نزولها كان ضيقاً عن القوت فضلاً عن الزكاة .

ولما أمرهن بخصوص ما تقدم لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية ، ومن اعتنى بهما حق الاعتناء جرتاه إلى ما وراءهما ، عم وجمع في قوله : { وأطعن الله } أي ذاكرات ما له{[55552]} من صفات الكمال { ورسوله } في جميع ما يأمران به ؛فإنه لم يرسل إلا للأمر والنهي تخليصاً للخلائق من أسر الهوى .

ولما كانت هذه الآيات قد نهت عن الرذائل ، فكانت عنها أشرف الفضائل ، قال مبيناً أن ذلك إنما هو لتشريف أهل النبي صلى الله عليه وسلم لتزيد الرغبة في ذلك مؤكداً دفعاً لوهم من يتوهم أن ذلك لهوان ، أو غير ذلك من نقصان وحرمان : { إنما يريد الله } أي وهو ذو الجلال والجمال بما أمركم به ونهاكم عنه من الإعراض عن الزينة وما تبعها ، والإقبال عليه ، عزوفكم عن الدنيا وكل ما تكون سبباً له { ليذهب } أي{[55553]} لأجل أن يذهب { عنكم الرجس } أي الأمر الذي يلزمه دائماً الاستقذار والاضطراب من مذام الأخلاق كلها { أهل } يا أهل { البيت } أي من كل من تكون من إلزام النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء من الأزواج والإماء والأقارب ، وكلما كان الإنسان منهم أقرب وبالنبي صلى الله عليه وسلم{[55554]} أخص وألزم ، كان بالإرادة{[55555]} أحق وأجدر .

ولما استعار للمعصية الرجس ، استعار للطاعة الطهر ، ترغيباً لأصحاب الطباع السليمة والعقول المستقيمة ، في الطاعة ، وتنفيراً لهم عن المعصية فقال{[55556]} : { ويطهركم } أي يفعل في طهركم بالصيانة{[55557]} عن جميع القاذورات الحسية والمعنوية فعل المبالغ فيه ، وزاد ذلك عظماً بالمصدر فقال : { تطهيراً } .


[55539]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بعمومه.
[55540]:سقط من ظ وم ومد.
[55541]:من ظ ومد، وفي الأصل: المدنيون، وفي م: المدنيان.
[55542]:راجع نثر المرجان 5/406.
[55543]:من م ومد، وفي الأصل وظ: قرن.
[55544]:زيد من ظ وم ومد.
[55545]:في ظ: من الخروج.
[55546]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 5/213.
[55547]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 5/213.
[55548]:زيد من ظ ومد.
[55549]:زيد من م ومد.
[55550]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: من.
[55551]:في ظ وم ومد: أن.
[55552]:ومن هنا تنقطع نسخة م إلى ما سننبه عليه.
[55553]:زيد من ظ ومد.
[55554]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ ومد فحذفناها.
[55555]:من مد، وفي الأصل وظ: بالإراة.
[55556]:من مد، وفي الأصل وظ: قال.
[55557]:من ظ ومد، وفي الأصل: الصيانة.