نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (30)

ولما ذكر الحياة والموت المشاهدين تنبيهاً على القدرة على ما اتبعهما{[1508]} به من البعث ثم دل على ذلك أيضاً بخلق هذا الكون كله على هذا النظام البديع وختم ذلك بصفة العلم ذكر ابتداء خلق هذا النوع البشري المودع من صفة العلم ما ظهر به فضله بقوله تعالى عطفاً على قوله : { اعبدوا ربكم } وبياناً لقوله :

{ رب العالمين }[ الفاتحة : 2 ] إذ من البدءة تعلم{[1509]} العودة لمن تدبر ، أو يكن عطفاً على ما تقديره : اذكر هذا لهم ، وذلك أنه سبحانه لما خاطبهم بهذا الاستفهام الذي من معانيه الإنكار ذاكراً الاسم الأعظم الذي هو أعلى الأسماء وأبطنها غيباً والضمير الذي " هو " أبطن منه ، وأتبعه بعض ما هم له منكرون أو به جاهلون ، وأشار بقوله : " لكم " مثبتة في ما هو ظاهر عندهم ومحذوفة مما{[1510]} هو خفي عنهم ، كما نبه عليه في الاحتباك إلى أنه لم يخلق{[1511]} هذا النوع البشري للفناء بل للبقاء بما أبان عن أنه إنما خلق جميع ما في هذه الأكوان لأجلهم ، فالبعض رزق لهم والبعض أسباب له ، والبعض أسجدهم لأبيهم وهم في صلبه ووكلهم{[1512]} بهم في حفظ أعمالهم وقسم أرزاقهم ونفخ أرواحهم وغير ذلك من تربيتهم وإصلاحهم ؛ لم يكونوا أهلاً لفهم هذا الخطاب حق فهمه تلقياً{[1513]} عن الله لعلوه سبحانه وعلو هذا الخطاب بالأسماء الباطنة{[1514]} وما نظم بها من المعاني اللائقة بها علواً وغيباً فأعلم سبحانه{[1515]} بعطف " إذ " {[1516]} على غير ظاهر أنه معطوف على نحو : اذكر لهم{[1517]} أيها الرسول هذا ، لأنه لا يفهمه حق فهمه عنا سواك ، وهم إلى الفهم عنك أقرب " وإذ " أي واذكر ما اتفق إذ{[1518]} ، وحذف هذا المعطوف عليه لاحتمال المأمور بذكره الإنكار{[1519]} والسياق لإيراد الرفق والبشارة على لسانه صلى الله عليه وسلم استعطافاً لهم إليه وتحبيباً فيه وفي حذفه أيضاً والدلالة عليها بالعاطف حث على تدبر ما قبله تنبيهاً على جلالة مقداره ودقة أسراره ، ولما علمت الإشارة لكن لأهل البصارة أتبعها قصة آدم عليه السلام دليلاً ظاهراً ومثالاً بيناً لخلاصة ما أريد بهذه الجمل{[1520]} مما{[1521]} نبه عليه بالعاطف من أن النوع الآدمي هو المقصود بالذات من هذا الوجود ، وأنه لا يجوز في الحكمة أن يترك بعد موته من غير إحياء يرد به إلى دار لا يكون في شيء من أمورها من أحد نوع من الخلل وتكون الحكمة فيها ظاهرة جداً {[1522]}لا خفاء بها{[1523]} أصلاً .

فيظهر الحمد أتم ظهور ؛ ولذلك ذكر تفضيل{[1524]} آدم عليه السلام بالعلم ، ثم بإسجاد الملائكة له ، ثم بإسكانه الجنة ، ثم بتلقي أسباب التوبة عند صدور الهفوة ؛ وقد روى البيهقي في أواخر الدلائل{[1525]} والحارث بن أبي أسامة والحاكم في المستدرك عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : " إن أكرم خليقة{[1526]} الله{[1527]} على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ، قلت : رحمك الله ! فأين الملائكة ؟ فنظر إليّ وضحك فقال : يا ابن أخي ! وهل تدري ما الملائكة ؟ إنما الملائكة خلق كخلق الأرض وخلق السماء وخلق السحاب وخلق الجبال وخلق الرياح وسائر الخلائق التي لا تعصي الله{[1528]} شيئاً ، وإن أكرم الخلائق على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " وقال البيهقي : إنه ليس بموقوف{[1529]} بل حكمه{[1530]} الرفع . وقال الحرالي : لما جعل الله تعالى نور العقل هادياً لآيات ما ظهر في الكون وكان من{[1531]} الخلق مهتد به ومعرض عنه بعث الله النبيين مبشرين لمن اهتدى بنور العقل بمقتضى الآيات المحسوسة وتلك هي الحنيفية والملة الإبراهيمية ، ومنذرين لمن أعرض عن ذلك وشغلته شهوات دنياه ، فترتب لذلك خطاب الكتاب بين ما يخاطب به الأعلين المهتدين وبين ما يخاطب به الأدنين المعرضين ، وكذلك{[1532]} تفاوت الخطاب بين ما يخاطب به الأئمة{[1533]} المهتدين والمؤتّمون بهم ، فكان أعلى الخطاب ما يقبل على إمام الأئمة وسيد السادات وأحظى خلق الله عند الله محمد صلى الله عليه وسلم . فكان أول الخطاب ب الم ذلك الكتاب إقبالاً عليه وإيتاء له من الذكر الأول كما قال عليه السلام : " أوتيت البقرة وآل عمران من الذكر الأول " وهو أول مكتوب حين كان الله ولا شيء معه ، وكتب في الذكر الأول{[1534]} كل شيء ، فخاطبه الله عز وجل بما في الذكر الأول وأنزله قرآناً ليكون آخر{[1535]} المنزل الخاتم{[1536]} هو أول{[1537]} الذكر السابق ليكون{[1538]} الآخر الأول في كتابه كما هو في ذاته ، فمن حيث كان الخطاب الأول من أعلى خطاب الله لمحمد صلى الله عليه وسلم انتظم به ما هو أدنى خطاب من آيات الدعوة تنبيهاً لمن أعرض عن الاستضاءة بنور العقل لما بين الطرفين من تناسب التقابل ؛ ثم عاد وجه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم بما هو إعلام بغائب الماضي عن كائن الوقت من أمر ابتداء مفاوضة الحق ملائكته في خلق آدم ليكون ذلك ترغيباً للمبشرين في علو الرتب إلى التكامل كما كانت آية{[1539]} الدعوة تنبيهاً للمعرضين ليعودوا إلى الإقبال ، وخصوص الإنزال إنما هو في الإنباء بغيب الكون من ملكوته وغائب أيام الله الماضية ومنتظر أيام الله الآتية ، فذلك الذي يخص المهتدين بنور العقل ليترقوا{[1540]} من حد الإيمان إلى رتبة اليقين ، وإنما يرد التنبيه والتنزيل بما في نور العقل هدايته من أجل المعرضين ؛ فكان ما شمله التنزيل بذلك أربعة أمور : أحدها التنبيه على الآيات بمقتضى أسماء الله من اسمه الملك إلى اسمه الرحمن الرحيم إلى اسمه رب العالمين إلى اسمه العظيم الذي هو الله ، والثاني التنبيه على غائب المنتظر الذي الخلق صائرون إليه ترغيباً وترهيباً ، والثالث الإعلام بماضي{[1541]} أمر الله جمعاً{[1542]} للهمم{[1543]} للجد والانكماش في عبادة الله ، والرابع التبصير ببواطن كائن الوقت الذي في ظاهره إعلامه ؛ فكان أول التنزيل في هذه السورة أمر أول يوم من ذكر الله وهو كتب مقتضى العلم والقدرة في قسمه تعالى عباده بين مؤمن وكافر ومنافق ، ثم أنزل الخطاب إلى آية الدعوة من وراء حجاب الستر بسابق التقدير فعم به الناس ونبههم على آيات ربوبيته وحياً أوحاه الله منه إليه ، ثم عطف على ذلك إعلاماً لابتداء المفاوضة في خلق آدم عطفاً على ذلك الذي يعطيه إفهام هذا الإفصاح ، فلذلك قال تعالى { وإذ } فإن الواو حرف يجمع{[1544]} ما بعده مع شيء قبله إفصاحاً في اللفظ أو إفهاماً في المعنى ، وإنما يقع ذلك لمن يعلو خطابه ولا يرتاب في إبلاغه .

وإذ اسم{[1545]} مبهم لما مضى من الأمر والوقت ، { قال }{[1546]} من القول وهو إبداء صور الكلم نظماً بمنزلة ائتلاف الصور المحسوسة جمعاً ، فالقول مشهود القلب{[1547]} بواسطة الأذن ، كما أن المحسوس مشهود القلب{[1548]} بواسطة العين وغيره .

ثم قال : لما أنبأ الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بما في الذكر من التقدير الذي هو خبء الشرعة ونظم به ما أنزل من دعوة الخلق إلى حكمه فانتظم ذلك رتبتي أمر نظم تعالى بذلك إنزال ذكر خلق معطوفاً على ذكر خلق أعلى رتبة منه ، نسبته منه كنسبة الدعوة من خبئها ، فذكر خلق آدم ظاهر خبء ما عطف عليه وهو والله أعلم ذكر خلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو خبء خلق آدم ، فكأنه تعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بأمر خلقه له بدء وحي سر ثم أعلن بما عطف عليه من ذكر خلق آدم وحي علن ليكون أمر خلق محمد{[1549]} صلى الله عليه وسلم{[1550]} عند الخاصة فهماً كما كان أمر خلق آدم عند العامة إفصاحاً ؛ وكان المفهوم : اذكر يا محمد إذ كان في خلقك كذا وإذ قال : { ربك } أي المحسن إليك برحمة العباد بك الذي خبأك{[1551]} في إظهار خلق آدم { للملائكة } ما أنزل ، وتأويل الملائكة{[1552]} عند أهل العربية أنه جمع ملاك مقلوب من مألك من الألك وهي الرسالة ، فتكون الميم زائدة ويكون وزنه معافلة ، ويكون الملك من الملك وهو إحكام ما منه التصوير ، من ملكت العجين ، وجمعه أملاك ، تكون {[1553]}فيه الميم{[1554]} أصلية ، فليكن اسم ملائكة جامعاً للمعنيين منحوتاً من الأصلين ، فكثيراً ما يوجد ذلك في أسماء الذوات الجامعة كلفظ إنسان بما ظهر فيه من أنه من الأنس والنسيان معاً ، وهو وضع للكلم على مقصد أفصح وأعلى مما يخص به اللفظ معنى واحداً ، فللكلام رتبتان : رتبة عامة ورتبة خاصة أفصح وأعلى كَلِماً وكلاماً{[1555]} .

قال{[1556]} : وفيه أي هذا الخطاب مع ذلك استخلاص لبواطن أهل الفطانة من أن تعلق بواطنهم بأحد من دونه حين أبدى لهم انفراده بإظهارهم خلقاً دون ملائكته الأكرمين ، حتى لا تعلق قلوبهم بغيره من أهل{[1557]} الاصطفاء فكيف بمن يكون في محل البعد والإقصاء ! توطئة{[1558]} لقبيح{[1559]} ما يقع من بعضهم من اتباع خطوات الشيطان ؛ وذلك لأن في كل آية معنى تنتظم{[1560]} به بما قبلها ومعنى تتهيأ{[1561]} به للانتظام{[1562]} بما بعدها ؛ وبذلك كان{[1563]} انتظام الآي داخلاً في معنى الإعجاز الذي لا يأتي الخلق بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً .

{ إني } إن حرف يفهم توكيداً من ذات نفس المؤكد وعلمه . والياء اسم عليّ يخص المضيف إلى نفسه الذي يضيف الأشياء إليه ، { جاعل في الأرض }{[1564]} ولما كانت خلافة آدم عليه السلام كاملة في جميع الأرض بنفسه وبذريته وحّد لذلك مع أنه يصح أن يراد به الجنس فقال : { خليفة } الخليفة{[1565]} ذات قائم بما يقوم به المستخلف على حسب رتبة ذلك{[1566]} الخليفة منه ، فهو خليقة الله في كونه مُلكه وملكوته ، وهم أيضاً بعضهم خلفاء بعض ؛ فهو خليفة بالمعنيين - انتهى .

وجعل سبحانه هذا التذكير في سياق داع إلى عبادته وقائد إلى محبته حيث متّ إلى هذا النوع الآدمي بنعمه عليهم وإحسانه إليهم قبل إيجادهم{[1567]} ، فذكر لهم ما حاجّ به ملائكته عنهم ، وما شرف به أباهم آدم من العلم وأمر الملائكة المقربين بالسجود له ، ثم ما وقع لإبليس معه وهما عبدان من عبيده فتاب عليه ولم يتب على إبليس مع سبقه له بالعبادة بل أوجب طرده وأبّد بعده فقال تعالى حكاية عن الملائكة جواباً لسؤال من كأنه قال ما قالوا حين أخبرهم سبحانه بذلك : { قالوا }{[1568]} طالبين الإيقان على الحكمة في إيجاد من يقع منه شر{[1569]} { أتجعل فيها } أي في{[1570]} الأرض { من يفسد فيها } أي{[1571]} بأنواع المعاصي {[1572]}بالقوة الشهوانية{[1573]} ، { ويسفك } من السفك ، {[1574]}قال الحرالي : وهو {[1575]}سكب بسطوة { الدماء } أي بغير حقها{[1576]} بالقوة الغضبية{[1577]} ، لعدم عصمتهم ، وخلقهم جوفاً لا يتمالكون ، وأصحاب شهوات عليها يتهالكون ؛ وكأنهم لما رأوا صورة آدم تفرسوا فيها ذلك لو سألوا عن منافع أعضائه{[1578]} وما أودع فيها من القوى والمعاني{[1579]} أخبرهم تعالى بما تفرسوا منه ذلك والدم .

قال الحرالي : رزق البدن الأقرب إليه المحوط{[1580]} فيه { ونحن } أي والحال إنا نحن{[1581]} ، وهذا الضمير كما قال الحرالي : اسم القائل{[1582]} المستتبع لمن هو في طوع أمره لا يخالفه { نسبح } أي نوقع التسبيح أي التنزيه{[1583]} لك والإبعاد عما لا يليق بك ملتبسين في التسبيح { بحمدك } والحاصل إنا نبرئك عن صفات النقص حال إثباتنا لك صفات الكمال ، {[1584]}وحذف المفعول للتعميم{[1585]} ؛ وقال الحرالي : التسبيح تنزيه الحق تعالى عن{[1586]} بادية نقص في خلق أو رتبة ، وحمد الله استواء أمره علواً وسفلاً ومحو الذم عنه والنقص منه ، وذلك تسبيح أيضاً في علو أمر الله ، فما سبح بالحمد إلا أهل الحمد من آدم ومحمد صلى الله عليه وسلم ، فغاية المسبح الحمد ، والحمد تسبيح لمن غايته وراء ذلك الاستواء - انتهى .

{ ونقدس } أي نطهر{[1587]} كل شيء نقدر عليه من نفوسنا وغيرها ، { لك } أي لا لغيرك{[1588]} لعصمتنا بك ، أو المعنى نوقع التقديس أي التطهير لك بمعنى أنك في الغاية من الطهارة والعلو في{[1589]} كل صفة . قال الحرالي : القدس طهارة دائمة لا يلحقها نجس ظاهر ولا رجس باطن ، واللام تعلة للشيء لأجله كان ما أضيف به - انتهى .

ولما تضمن تفرسهم هذا نسبتهم أنفسهم إلى العلم المثمر للإحسان ، ونسبة{[1590]} الخليفة إلى الجهل المنتج للإساءة أعلمنا سبحانه لنشكره أنه حاجَّ ملائكته عنا ، فبين لهم أن الأمر على خلاف ما ظنوا بقوله استئنافاً : { قال إني أعلم } أي من ذلك وغيره { ما لا تعلمون } . وقال الحرالي : وأعلم تعالى بما أجرى عليه خلقه من القضاء بما ظهر والحكم على الآتي بما مضى حيث أنبأ عن ملائكته بأنهم قضوا على الخليفة في الأرض بحال من تقدمهم في الأرض من الجبلة الأولين من الجن الذين أبقى منهم عزازيل وغيرهم ليتحقق أن أمر الله جديد وأنه{[1591]} كل يوم هو في شأن لا يقضي على آتي وقت بحكم ما فيه ولا بما مضى قبله - انتهى . والأظهر{[1592]} ما ذكرته أنهم إنما قالوا ذلك تفرساً بحكم ما ظهر لهم من صورته ونحو ذلك من إعلامهم بأنه يجمع فيه بين الشهوة والعقل ، ومن المعلوم أن الشهوة حاملة على الفساد ؛ وعلم سبحانه ما خفي عنه من أنه يوفق من أراد منهم للعمل بمقتضى العقل مع قيام منازع الشهوة والهوى ، فيأتي غاية الكمال التي هي{[1593]} فوق درجة العامل{[1594]} بمقتضى العقل من غير منازع له فيظهر تمام القدرة والله أعلم .


[1508]:وفي م: اتبعها.
[1509]:في ظ: يعلم.
[1510]:في ظ: فيما.
[1511]:قال البيضاوي: واعلم أن صحة الحشر مبنية على ثلاث مقدمات وقد برهن عليها في هاتين الآيتين: أما الأولى فهي أن مواد الأبدان قابلة للجمع والحياة، وأشار إلى البرهان عليها بقوله "وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم" فإن تعاقب الافتراق والاجتماع والموت والحياة عليها يدل على أنها قابلة لها بذاتها وما بالذات يأبى أن يزول ويتغير؛ وأما الثانية والثالثة فإنه عالم بها وبمواقعها قادر على جمعها وإحيائها وأشار إلى وجه إثباتهما بأنه تعالى قادر على إبدائهم وإبداء ما هو أعظم خلقا وأعجب صنعا فكان أقدر على إعادتهم وإحيائهم، وأنه خلق خلقا مستويا محكما من غير تفاوت واختلال مراعي فيه مصالحهم وسد حاجاتهم، وذلك دليل على تناهي علمه وكمال حكمته جلت قدرته ودقت حكمته – انتهى كلامه.
[1512]:وفي م: وكله.
[1513]:في م: تلقا.
[1514]:في م: الباقية.
[1515]:قال البيضاوي: تعداد لنعمة ثالثة تعم الناس كلهم فإن خلق آدم وإكرامه وتفضيله على سكان ملكوته بأن أمرهم بالسجود له إنعام يعم ذريته. وقال أبو حيان: وإضافته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبيه على شرفه واختصاصه بخطابه وهز لاستماع ما يذكر بعد ذلك من غريب افتتاح هذا الجنس الإنساني وابتداء أمره ومآله، وهذا تنويع في الخطاب وخروج من الخطاب العام إلى الخاص وفي ذلك أيضا إشارة لطيفة إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحفظ الأعظم والقسم الأوفر، من الجملة المخبر بها، إذ هو في الحقيقة أعظم خلفائه؛ ألا ترى إلى عموم رسالته ودعائه وجعل أفضل أنبيائه، أم بهم ليلة إسرائه، وجعل آدم فمن دونه يوم القيامة تحت لوائه، فهو المقدم في أرضه وسمائه وفي داري تكليفه وجزائه – انتهى.
[1516]:في م: أو.
[1517]:ليس في ظ.
[1518]:ليس في م.
[1519]:بهامش الأصل: معمول الاحتمال.
[1520]:وفي ظ: الجملة.
[1521]:في ظ: ما.
[1522]:في م وظ: لاخفايها - كذا.
[1523]:في م وظ: لاخفايها – كذا.
[1524]:في م: تفصيل.
[1525]:العبارة من هنا إلى "المستدرك" ليست في ظ.
[1526]:في الأصل: خليفة.
[1527]:ليس في م.
[1528]:وفي م: لربه والصواب: لربها.
[1529]:في م: لموقوف.
[1530]:في م ومد: الحكمة – كذا.
[1531]:في مد: في.
[1532]:في م: لذلك، ولا يتضح في مد.
[1533]:في الأصول: أئمة – كذا.
[1534]:هكذا ثبت في الأصل وظ ولكن ضرب عليه في الأصل؛ وليس في م ومد.
[1535]:في م: أول.
[1536]:زيد في م: و.
[1537]:في م: آخر.
[1538]:زيد في م: في.
[1539]:ليس في ظ.
[1540]:زيد في مد: إلى.
[1541]:في ظ: بما مضى.
[1542]:في م: جميعا.
[1543]:في م: اللهم – وهو كما ترى.
[1544]:في م: بجميع.
[1545]:في ظ: أنتم – كذا.
[1546]:قال البيضاوي: وإذ ظرف وضع لزمان نسبة ماضية وقع فيه أخرى، والقول هو التلفظ بما يفيد ويقال بمعنى المقول وللمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ، وللرأى والمذهب مجاز – انتهى.
[1547]:ليست العبارة في ظ.
[1548]:ليست العبارة في ظ.
[1549]:في م: عليه السلام.
[1550]:في م: عليه السلام.
[1551]:في م: حباك – كذا بالحاء المهملة.
[1552]:وفي البحر المحيط: الملك ميمه أصلية وهو فعل من الملك وهو القوة ولا حذف فيه وجمع على فعائلة شذوذا – قاله أبو عبيدة وكأنهم توهموا أنه ملاك على وزن فعال وقد جمعوا فعالا للمذكر والمؤنث على فعائل قليلا، وقيل وزنه في الأصل فعأل نحو شمأل ثم نقلوا الحركة وحذفوا وقد جاء فيه ملأك فيحتمل أن يكون فعألا، وعلى هذا تكون الهمزة زائدة في الكلمة وعينها، فمنهم من قال: الفاء لام والعين همزة من لاك إذ أرسل وهي لغة محكية، فملك أصله ملاك فخفف بنقل الحركة والحذف إلى فعل قال الشاعر: فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوب. فجاء به على الأصل، وهذا قول أبي عبيد واختاره أبو الفتح، وملائكة على هذا القول مفاعلة، ومنهم من قال: الفاء همزة والعين لام من الألوكة وهي الرسالة فيكون على هذا أصله مألكا، ويكون ملأك مقلوبا جعلت فاؤه مكان عينه وعينه مكان فائه، فعلى هذا القول يكون في وزنه معفلا.
[1553]:في ظ: الميم فيه.
[1554]:في ظ: الميم فيه.
[1555]:زيد في مد: وله جمع آخر بحذف الهاء هذا أخف منه على اللسان أشهر به فكذلك عبر به في جميع القرآن ولاحتمال هائه المبالغة.
[1556]:زيد في مد: الحرالي.
[1557]:ليس في م.
[1558]:في ظ: لتوطئه، وفي م: طوطية – كذا.
[1559]:من م ومد وظ، وفي الأصل: لقبح.
[1560]:في م: ينتظم.
[1561]:في ظ: يتهيأ – كذا.
[1562]:في ظ: الانتظام.
[1563]:في م: لان.
[1564]:العبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ.
[1565]:قال البيضاوي: والخليفة من يخلف غيره ويناب منابه، والهاء فيه للمبالغة، والمراد به آدم عليه السلام، لأنه كان خليفة الله في أرضه، وكذلك كل نبي استخلفه في عمارة الأرض وسياسة الناس وتكميل نفوسهم وتنفيذ أمره فيهم، لا لحاجة به إلى من ينوبه بل لقصور المستخلف عليه عن قبول فيضه وتقلى أمره بغير وسط، ولذلك لم يستنئ ملكا، كما قال تعالى "ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا".
[1566]:ليس في م.
[1567]:قال البيضاوي : وفائدة قوله هذا للملائكة تعليم المشاورة، وتعظيم شأن المجعول بأن بشر بوجوده سكان ملكوته ولقبه بالخليفة قبل خلقه، وإظهار فضله الراجح على ما فيه من المفاسد بسؤالهم وجوابه، وبيان أن الحكمة تقتضي إيجاد ما يغلب خيره فإن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير – وغير ذلك. قال المهائمي: "إذ قال ربك" أي وقت قول ربك إظهار لفضل آدم قبل خلقه لئلا يرى بعين الحقارة أصلا "إني جاعل في الأرض" أي التي هي محل الكون والفساد فهو محل التصرف من عناصرها ومن الروح السماوي "من يفسد فيها" لكونه من العناصر المختلفة الداعية إلى اللذات السفلية "ويسفك الدماء " إذ فيه قوة غضبية من النار.
[1568]:العبارة من هنا إلى "شر" ليست في ظ.
[1569]:في مد: شرا.
[1570]:ليس في م.
[1571]:ليس في مد.
[1572]:ليست في ظ.
[1573]:ليست في ظ.
[1574]:ليست في ظ.
[1575]:ليست في ظ.
[1576]:ليست في ظ.
[1577]:ليست في ظ.
[1578]:العبارة ليست في ظ.
[1579]:العبارة ليست في ظ.
[1580]:في ظ: المحطوط.
[1581]:قال البيضاوي: والمعنى أتستخلف عصاة ونحن معصومون أحقاء بذلك، والمقصود منه الاستفسار عما رجحهم مع ما هو متوقع منهم على الملائكة المعصومين في الاستخلاف لا العجب والتفاخر، وكأنهم علموا أن المجعول خليفة ذو ثلاث قوى عليها مدار أمره: شهوية وغضبية تؤديان به إلى الفساد وسفك الدماء وعقلية تدعوه إلى المعرفة والطاعة،ونظروا إليها مفردة وقالوا: ما الحكمة في استخلافه وهو باعتبار تينك القوتين لا يقتضي الحكمة إيجاده فضلا عن استخلافه؟ وأما باعتبار القوة العقلية فنحن نقيم ما يتوقع منها سليما عن معارضة تلك المفاسد؛ وغفلوا عن فضيلة كل واحدة من القوتين إذا صارت مهذبة مطواعة للعقل متمرنة على الخير كالعفة والشجاعة ومجاهدة الهوى والإنصاف، ولم يعلموا أن التركيب يفيد ما يقصر عنه الآحاد كالإحاطة بالجزئيات واستنباط الصناعات واستخراج المنافع الكائنات من القوة إلى الفعل الذي هو المقصود من الاستخلاف.
[1582]:في ظ: القابل – كذا.
[1583]:في م: التبريه.
[1584]:العبارة ليست في ظ.
[1585]:العبارة ليست في ظ.
[1586]:في ظ: عند.
[1587]:قال المهائمي: "ونحن" وإن لم يكن لنا جمعية "نسبح" ذاتك ملتبسا "بحمدك" على كمالاتها "ونقدس" أي ننزه صفاتك فنقول: إنها مستحقة "لك" دون غيرك "قال إني أعلم" من قصور تسبيحكم وتقديسكم وعدم صلاحيتكم لخلاقي على الكل واقتضاء ظهور أسمائي اللطفية والقهرية. وقال النسفي: "ونقدس لك" ونطهر أنفسنا لك، وقيل: التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء، من سبح في الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها وأبعد، "قال إني أعلم مالا تعلمون" أي أعلم من الحكم في ذلك ما هو خفى عليكم.
[1588]:في م: غيرك.
[1589]:في ظ: من.
[1590]:كذا، والظاهر: نسبت، معطوفة على "نسبتهم أنفسهم".
[1591]:في ظ: أن.
[1592]:في التفسير المظهري: إن الملائكة كانوا يعلمون بإخبار من الله تعالى أن من البشر صالحين وعصاة وكفارا فلا جرم زعموا أن الملائكة أفضل منهم لكونهم كلهم معصومين "لا يعصمون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" فاستخلافهم أولى واستخلاف البشر موجب للفساد كما وقع من شرارهم ولم يعلموا أن الله تعالى يستودع في قلوب بعضهم محبة ذاتية منه تعالى موجبة للمعية الذاتية والمحبوبية الصرفة كما نطق به رأس المحبوبين: المرء مع من أحب - رواه الشيخان، ويكون لهم قرب ومنزلة من الله لا يتصور لغيرهم بحيث يكون التقرب إلى عباد الله الصالحين موجبا للتقرب إليه تعالى. أعلم أنه قد تقرر عند الأكابر من الصوفية أن ضوء الشمس كما يتحملها الأرض لكثافتها دون غيرها من عناصر الخلق كذلك التجلي الذاتي لا يتحملها إلا عنصر التراب وأما غيرها من العناصر فلنوع من الكثافة التي فيها يتحمل التجليات الصفاتية دون الذاتية، وأما لطائف عالم الأمر فلا نصيب لها إلا من التجليات الظلية، والإنسان لما كان مركبا من اللطائف العشرة التي هي أجزاء العالم الكبير ولم يجتمع في شيء من أفرادها إلا بعضها كان هو أهلا للخلافة وحاملا للأمانة التي عرضها الله تعالى على السماوات والأرض والجبال "فابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا" لعظم المحمول.
[1593]:وفي م: هو.
[1594]:في م: العاقل.