تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية

قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال بنو إسرائيل والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، هن من العتاق الأول وهن من تلادي .

هذا تنبيه من الله عز وجل على اقتراب الساعة ودنوها ، وأن الناس في غفلة عنها ، أي لا يعملون لها ولا يستعدون من أجلها . وقال النسائي : حدثنا أحمد بن نصر ، حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم { في غفلة معرضون } قال : «في الدنيا » . وقال تعالى : { اتى أمر الله فلا تستعجلوه } وقال { اقتربت الساعة وانشق القمر ، وإن يروا آية يعرضوا } الآية ، وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن هانئ أبي نواس الشاعر أنه قال : أشعر الناس الشيخ الطاهر أبو العتاهية حيث يقول :

الناس في غفلاتهم *** ورحى المنية تطحن

فقيل له : من أين أخذ هذا ؟ قال من قول الله تعالى : { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } وروى في ترجمة عامر بن ربيعة من طريق موسى بن عبيد الآمدي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب ، فأكرم عامر مثواه ، وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وادياً في العرب ، وقد أردت أن اقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك ، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

بِسمِ اللّهِ الرحمَن الرّحِيمِ

القول في تأويل قوله تعالى : { اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مّعْرِضُونَ } .

يقول تعالى ذكره : دنا حساب الناس على أعمالهم التي عملوها في دنياهم ونعمهم التي أنعمها عليهم فيها في أبدانهم ، أجسامهم ، ومطاعمهم ، ومشاربهم ، وملابسهم وغير ذلك من نعمه عندهم ، ومسئلته إياهم ماذا عملوا فيها وهل أطاعوه فيها ، فانتهوا إلى أمره ونهيه في جميعها ، أم عصوه فخالفوا أمره فيها ؟ وَهُمْ في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ يقول : وهم في الدنيا عما الله فاعل بهم من ذلك يوم القيامة ، وعن دنوّ محاسبته إياهم منهم ، واقترابه لهم في سهو وغفلة ، وقد أعرضوا عن ذلك ، فتركوا الفكر فيه والاستعداد له والتأهب ، جهلاً منهم بما هم لاقوه عند ذلك من عظيم البلاء وشديد الأهوال .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال أهل التأويل ، وجاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : ثني أبو معاوية ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال : «في الدنيا »