المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأنبياء هذه السورة مكية بإجماع وكان عبد الله بن مسعود يقول : الكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول وهي من تلادي{[1]} يريد من قديم ما كسبت وحفظت من القرآن كالمال التلاد{[2]} .

روي أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يبني جداراً فمر به آخر في يوم نزول هذه السورة فقال الذي كان يبني الجدار ماذا نزل اليوم من القرآن ؟ فقال الآخر نزل اليوم { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون } فنفض يده من البنيان وقال والله لا بنيت أبداً وقد اقترب الحساب ، وقوله تعالى : { اقترب للناس حسابهم } عام في جميع الناس ، المعنى وإن كان المشار إليه في ذلك الوقت كفار قريش ويدل على ذلك ما بعد من الآيات ، وقوله { وهم في غفلة معرضون } يريد الكفار .

قال القاضي أبو محمد : ويتجه من هذه الألفاظ على العصاة من المؤمنين قسطهم .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.