الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ وَكُفۡرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَقَوۡلِهِمۡ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَلۡ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (155)

قوله : ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِئَايَاتِ اللَّهِ ) الآية [ 155-156-157 ] .

المعنى : وينقض( {[13952]} ) هؤلاء الذين تقدمت صفتهم : الميثاق –وهو كتمانهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أخذ عليهم ( لَتُبَيِّتُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ( {[13953]} ) ) وكفرهم بآيات الله أي : بإعلامه وأدلته وب( وَقَتْلِهِمُ الاَنْبِيَاءُ بِغَيْرِ حَقٍّ ) وب( وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ) أي : عليها غشاوة وأغطية عما يقول ، فلا نفهمه عنك ، فأخبر الله عز وجل بكذبهم في قولهم ، وقال ( بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ) أي : ليست بغلف ، ولكن طبع الله عليها طابعاً من أجل كفرهم بالله ( فَلاَ يُومِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) لأنهم إنما صدقوا ببعض الأنبياء ، فإيمانهم قليل لأنهم( {[13954]} ) قد كذبوا بأكثر الأنبياء فيما جاءوا به ، ومن كذب بالبعض ، فهو مكذب بالكل من جهة أن الذي صدق به من نبي وكتاب يصدق ما كذب به هو ويقرب بصحته وهذا كلام متصل بما قبله .

والمعنى : فبنقضهم ميثاقهم وبكفرهم ، وبكذا وبكذا أخذتهم الصعقة .

قال الطبري : هذا غلط لأن الذين أخذتهم الصاعقة قوم موسى صلى الله عليه وسلم ، والذين رموا مريم( {[13955]} ) بالبهتان بعدهم بدهر طويل ، فهؤلاء غير هؤلاء( {[13956]} ) .

والذي قال الطبري لا يلزم ، لأن اليهود قد تأخروا ، وهم الذين طالبوا عيسى صلى الله عليه وسلم بالصاعقة ، وإن لم تأخذهم بأعيانهم ، فقد أخذت آباءهم . فالمراد آباؤهم( {[13957]} ) على ما مضى في البقرة( {[13958]} ) وفي غيرها لأنهم راضون بما كان عليه آباؤهم من الكفر فلهم من الحكم ما لآبائهم إذ هم على مذهبهم .

وقال قتادة : ( لَعَنَّاهُمْ ) محذوف من الكلام كأنه : فبنقضهم ميثاقهم( {[13959]} ) وفعلهم كذا وكذا لعناهم( {[13960]} ) وهو اختيار الطبري( {[13961]} ) . قال : ودل( {[13962]} ) على المحذوف قوله : ( بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ) لأن من طبع الله على قلبه فقد لعنه الله وغضب عليه .

وقيل : المعنى : فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا ( وقولهم كذا ) ( {[13963]} ) . طبع الله عليها( {[13964]} ) .

وقال الزجاج : المعنى : فبنقضهم( {[13965]} ) ميثاقهم حرمنا( {[13966]} ) عليهم طيبات أحلت لهم( {[13967]} ) .


[13952]:- (د): بتعض.
[13953]:- آل عمران آية 187.
[13954]:- (د): قيل.
[13955]:- (ج): مريم عليها السلام.
[13956]:- انظر: جامع البيان 6/11.
[13957]:- (د): باباؤهم وهو خطأ.
[13958]:- البقرة آية 55.
[13959]:- (د): ففعلهم.
[13960]:- انظر: جامع البيان 6/11.
[13961]:- انظر: المصدر السابق.
[13962]:- (د): فدل.
[13963]:- ساقط من (ج).
[13964]:- انظر: المصدر السابق.
[13965]:- (د): فينفضم.
[13966]:- (د): صيرنا.
[13967]:- انظر: معاني الزجاج 2/127.