الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{رَفِيعُ ٱلدَّرَجَٰتِ ذُو ٱلۡعَرۡشِ يُلۡقِي ٱلرُّوحَ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ لِيُنذِرَ يَوۡمَ ٱلتَّلَاقِ} (15)

ثم قال تعالى : { رفيع الدرجات ذو العرش } أي : هو رفيع الصفات ذو السرير المحيط بما دونه .

{ يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده } أي : ينزل الوحي على من يشاء ، يختص بذلك من يشاء من خلقه{[59487]} .

وقيل : ( من ) بمعنى الباء . والمعنى{[59488]} : يلقى الروح بأمره{[59489]} أي : يلقى الوحي{[59490]} بأمره على من يشاء{[59491]} .

وقيل : معنى { رفيع الدرجات } ( هي الدرجات ){[59492]} التي يعطيها الله عز وجل للأنبياء صلوات الله عليهم والمؤمنين في الجنة .

فالمعنى : رفيع الثواب والمجازاة للأنبياء والمؤمنين .

وسمي الوحي روحا{[59493]} لأن الناس يحيون به من الضلالة ، والمهتدي حي ، والضال ( ميت{[59494]} في ) التمثيل .

قال مجاهد : الروح هنا : الوحي{[59495]} ، وقال قتادة : هو الوحي والرحمة{[59496]} .

وقال ابن عباس : الروح : النبوة{[59497]} .

وقال : الضحاك : الروح : الكتاب الذي ينزله على من يشاء{[59498]} ومثله قوله : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } يعني : القرآن في قول جميع المفسرين .

والروح : جبريل أيضا ، وهو قوله : { نزل به الروح الأمين }{[59499]} سمي روحا لأنه ينزل{[59500]} من عند الله تعالى بما يحيي به من أنزل عليه{[59501]} .

فأما قوله تعالى : { يوم يقوم الروح والملائكة صفا }{[59502]} فقال ابن زيد : الروح هنا القرآن{[59503]} . وفيه اختلاف سيذكر إن شاء الله .

والضمير{[59504]} في ( لينذر ) يعود على الله جل ذكره ، وقيل : يعود على الروح وهو الوحي ، وقيل : يعود على النبي .

وقد قرأ{[59505]} الحسن ( لينذر ) بالتاء على المخاطبة{[59506]} .

وقوله : { يوم التلاق } ، أي : يوم يلتقي أهل السماوات{[59507]} وأهل الأرض ، والأولون والآخرون .


[59487]:(ت): عبادة.
[59488]:ساقط من (ح).
[59489]:(ح): من أمره. وانظر: التصاريف 229، وجامع القرطبي 15/299.
[59490]:(ت): الروح.
[59491]:(ت): يشاء من عباده.
[59492]:ساقط من (ح).
[59493]:(ت): وحيا.
[59494]:ساقط من (ت).
[59495]:نسب الطبري في جامع البيان 24/33 هذا القول لقتادة.
[59496]:انظر: جامع البيان 24/33.
[59497]:نسب ابن عطية في المحرر هذا القول لقتادة والسدي 14/122.
[59498]:انظر: جامع البيان 24/33، والمحرر الوجيز 14/122.
[59499]:الشعراء: 193.
[59500]:(ح): نزل.
[59501]:انظر: جامع القرطبي 15/299.
[59502]:النبأ: 38.
[59503]:انظر: جامع البيان 24/33.
[59504]:(ح): والضمير في الياء.
[59505]:في طرة (ت).
[59506]:انظر: جامع القرطبي 15/300، وفيه أن الذين قرؤوا (لتنذر) بالتاء هم: ابن عباس والحسن وابن السميفع. إلا أن ابن عطية في المحرر الوجيز قال: إن ابن السميفع قرأها بالياء وفتح الذال وضم الميم من (يوم) 14/122.
[59507]:(ح): السماء.