تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (27)

{ واتل عليهم نبأ ابني آدم } ، يقول : اتل يا محمد على أهل مكة نبأ ابنى آدم ، { بالحق } ليعرفوا نبوتك ، يقول : اتل عليهم حديث ابنى آدم هابيل وقابيل ، وذلك أن حواء ولدت في بطن واحد غلاما وجارية ، قابيل وإقليما ، ثم ولدت في البطن الآخر غلاما وجارية ، هابيل وليوذا ، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل ، فلما أدركا ، قال آدم ، عليه السلام ، ليتزوج كل واحد منهما أخت الآخر ، قال قابيل : لكن يتزوج كل واحد منهما أخته التي ولدت معه ، قال آدم ، عليه السلام : قربا قربانا ، فأيما تقبل قربانه كان أحق بهذه الجارية .

وخرج آدم ، عليه السلام ، إلى مكة ، فعمد قابيل ، وكان صاحب زرع ، فقرب أخبث زرعه البر المأكول فيه الزوان ، وكان هابيل صاحب ماشية ، فعمد فقرب خير غنمه مع زبد ولبن ، ثم وضعا القربان على الجبل ، وقاما يدعوان الله عز وجل ، فنزلت نار من السماء ، فأكلت قربان هابيل ، وتركت قربان قابيل ، فحسده قابيل ، فقال لهابيل : لأقتلنك ، قال هابيل : يا أخي ، لا تلطخ يدك بدم برئ ، فترتكب أمرا عظيما ، إنما طلبت رضا والدي ورضاك ، فلا تفعل ، فإنك إن فعلت أخزاك الله بقتلك إياي بغير ذنب ولا جرم ، فتعيش في الدنيا أيام حياتك في شقوة ومخافة في الأرض ، حتى تكون من الخوف والحزن أدق من شعر رأسك ، ويجعلك إلهي ملعونا .

فلم يزل يحاوره حتى انتصف النهار ، وكان في آخر مقالة هابيل لقابيل : إن أنت قتلتني كنت أول من كتب عليه الشقاء ، وأول من يساق إلى النار من ذرية والدي ، وكنت أنا أول شهيد يدخل الجنة ، فغضب قابيل ، فقال : لا عشت في الدنيا ، ويقال : قد تقبل قربانه ولم يتقبل قرباني ، فقال له هابيل : فتشفى آخر الأبد ، فغضب عند ذلك قابيل ، فقتله بحجر دق رأسه ، وذلك بأرض الهند عشية ، وآدم ، عليه السلام ، بمكة ، فذلك قوله عز وجل : { إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين } .