{ واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ( 27 ) لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ( 28 ) } .
{ واتل عليهم نبأ ابني آدم } وجه اتصال هذا بما قبله التنبيه من الله على أن ظلم اليهود ونقضهم المواثيق والعهود هو كظلم ابن آدم لأخيه ، فالداء قديم ، والشر أصيل ، وقد اختلف أهل العلم في بني آدم المذكورين هل هما لصلبه أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى الأول ، وذهب الحسن والضحاك إلى الثاني ، وقالا : " إنهما كانا من بني إسرائيل ، فضرب بهما المثل في إبانة حسد اليهود ، وكانت بينهما خصومة فتقربا بقربانين ولم تكن القرابين إلا في بني إسرائيل " .
قال ابن عطية : " هذا وهم ، كيف يجهل صورة الدفن أحد من بني إسرائيل حتى يقتدي بالغراب " ، قال الجمهور من الصحابة فمن بعدهم اسمهما قابيل وهابيل .
{ بالحق } أي تلاوة متلبسة بالحق ، واختاره الزمخشري أو نبأ متلبسا بالحق ، { إذ قربا قربانا } القربان اسم لما يتقرب به إلى الله عز وجل من صدقة أو ذبيحة أو نسك أو غير ذلك مما يتقرب به ، قال الزمخشري ، وقيل المصدر أطلق على الشيء المتقرب به ، قاله أبو علي الفارسي وكان قربان قابيل حزمة من سنبل لأنه كان صاحب زرع ، واختارها من أردأ زرعه حتى إنه وجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأكلها ، وكان قربان هابيل كبشا لأنه كان صاحب غنم أخذه من أجود غنمه .
{ فتقبل } القربان { من أحدهما } وهو هابيل فرفع إلى الجنة فلم يزل يرعى فيها إلى أن فدى به الذبيح عليه السلام ، وكذا قال جماعة من السلف ، وقيل نزلت نار من السماء فأكلت قربانه { ولم يتقبل من الآخر } أي قابيل فحسده وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم .
{ قال لأقتلنك } قيل سبب هذا القربان أن حواء كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى إلا شيثا عليه السلام فإنها ولدته منفردا ، وكان آدم عليه السلام يزوج الذكر من هذا البطن بالأنثى من الآخر ، ولا تحل له أخته التي ولدت معه ، فولدت مع قابيل أخت جميلة وإسمها إقليما ، ومع هابيل أخت ليست كذلك وإسمها ليوذا ، فلما أراد آدم تزويجهما قال قابيل أنا أحق بأختي فأمره آدم فلم يأتمر وزجره فلم ينزجر ، فاتفقوا على القربان وأنه يتزوجها من تقبل قربانه ، قال ابن عباس : قال ابن كثير في تفسيره إسناده جيد ، وكذا قال السيوطي في الدر المنثور .
{ قال إنما يتقبل الله من المتقين } استئناف كالأول كأنه قيل فماذا قال الذي تقبل قربانه فقال : قال الخ ، وإنما للحصر أي إنما يتقبل القربان من المتقين لا من غيرهم ، وكأنه يقول لأخيه إنما أتيت من قبل نفسك لا من قبلي ، فإن عدم تقبل قربانك بسبب عدم تقواك وأن حصول التقوى شرط في قبول الأعمال ، وعن ابن عباس قال : كان من شأن بني آدم أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه ، وإنما كان القربان يقربه الرجل فبينما ابنا آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قربانا ثم ذكر ما قررناه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.