{ واتلُ عَلَيْهِمْ } عطف على مقدّر تعلق به قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ موسى } [ المائدة ، الآية 19 ] الخ ، وتعلُقه به من حيث إنه تمهيدٌ لما سيأتي من جِنايات بني إسرائيلَ بعد ما كُتب عليهم ما كُتب وجاءتهم الرسلُ بما جاءت به من البينات { نَبَأَ ابْنَي آدَم } هما قابيلُ وهابيلُ ، ونُقل عن الحسن والضحاك أنهما رجلان من بني إسرائيلَ بقرينةٍ آخِرَ القصة ، وليس كذلك . أوحى الله عز وجل إلى آدمَ أن يزوج كلاًّ منهما توأمةَ الآخر وكانت توأمةُ قابيلَ أجملَ واسمُها إقليما فحسده عليها أخاه وسخِط ، وزعم أن ذلك ليس من عند الله تعالى بل من جهة آدمَ عليه السلام فقال لهما عليه السلام : قرِّبا قُرباناً فمِنْ أيِّكما قُبل تزوّجها ، ففعلا ، فنزلت نارٌ على قُربانِ هابيلَ فأكلتْه ولم تتعرَّضْ لقُربانِ قابيلَ ، فازداد قابيلُ حسَداً وسُخْطاً وفعل ما فعل ، { بالحق } متعلق بمحذوفٍ وقع صفةً لمصدرٍ محذوف ، أي تلاوةً ملتبسةً بالحق والصِّحة ، أو حالاً من فاعلِ ( اتْلُ ) أو من مفعوله ، أي ملتبساً أنت أو [ اتل ] نبأَهما بالحق والصدقِ حسبما تقرّر في كتب الأولين { إِذْ قَرَّبَا قرباناً } منصوب بالنبأ ظرفٌ له أي اتلُ قصتهما ونبأهما في ذلك الوقت ، وقيل : بدلٌ منه على حذف المضافِ أي اتلُ عليهم نبأهما نبأَ ذلك الوقت ، ورُد عليه بأن ( إذ ) لا يضاف إليها غيرُ الزمان كوقتئذ وحينئذ ، والقُربان اسمٌ لما يُتقرَّب به إلى الله تعالى من نسُكٍ أو صَدَقةٍ كالحُلوان اسمٌ لما يُحْلى أي يعطى ، وتوحيدُه لما أنه في الأصل مصدرٌ ، وقيل : تقديره إذ قرّب كلٌّ منهما قرباناً { فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا } هو هابيلُ ، قيل : كان هو صاحبَ ضَرْعٍ وقرب جَملاً سميناً فنزلت نارٌ فأكلتْه { وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخر } هو قابيل ، قيل : كان هو صاحبَ زرع وقرّب أردأَ ما عنده من القمح فلم تتعرضْ له النارُ أصلاً . { قَالَ } استئناف مبنيٌّ على سؤالٍ نشأ من سَوْق الكلام كأنه قيل : فماذا قال من لم يُتقبَّلْ قُربانه ؟ فقيل : قال لأخيه لِتضاعُفِ سَخَطِه وحسَدِه لما ظهر فضلُه عليه عند الله عز وجل { لاَقْتُلَنَّكَ } أي والله لأقتلنَّك بالنون المشددة وقرئ بالمخففة { قَالَ } استئناف كما قبله أي قال الذي تُقُبِّل قُربانُه لمّا رأى أن حسَدَه لقَبول قُربانه وعدمِ قَبول قُربانِ نفسِه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله } أي القربانَ { مِنَ المتقين } لا من غيرهم ، وإنما تقبَّلَ قُرباني وردّ قُربانَك لما فينا من التقوى وعدمِه ، أي إنما أُتيتَ من قِبَل نفسِك لا من قِبَلي فلم تقتلني ؟ خلا أنه لم يصرِّحْ بذلك بل سلك مسلكَ التعريضِ حذراً من تهييج غضبه وحملاً له على التقوى والإقلاعِ عما نواه ولذلك أُسند الفعلُ إلى الاسم الجليل لتربية المهابة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.