الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٞ} (40)

وال«الأمر » : واحد الأمور ، ويحتملُ أن يكون مصدر «أمَرَ » ، فمعناه : أَمْرُنَا للمَاءِ بالفَوَرَانِ ، { وَفَارَ } معناه : انبعث بقُوَّة ، واختلف النَّاس في التَّنُّور ، والذي عليه الأكثَرُ ، منهم ابنُ عباس وغيره : أنه هو تَنُّور الخُبْز الذي يُوقَدُ فيه ، وقالوا : كانَتْ هذه أمارَةً ، جعلها اللَّه لنُوحٍ ، أي : إِذا فار التنُّور ، فاركب في السفينة .

وقوله سبحانه : { قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول وَمَنْ آمَنَ } [ هود : 40 ] .

الزَّوْج : يقال في مشهورِ كلامِ العرب : للواحد مما له ازدواجٌ ، فيقال : هذا زَوْجُ هذا ، وهما زَوْجَان ، والزوج أيضاً في كلام العرب : النَّوْع ، وقوله : { وَأَهْلَكَ } : عطْفٌ علَى ما عَمِلَ فيه { احمل } والأهل ، هنا : القرابةُ ، وبشَرْط مَنْ آمن منهم ، خُصِّصُوا تشريفاً ، ثم ذكر { مَنْ آمَنَ } ، وليس من الأهْل ، واختلف في الذي سبق عليه القوْلُ بالعَذَابِ ، فقيل : ابنُهُ يَام ، أوْ كنعان ، وقيل : امرأته وَالِعَةُ بالعين المهملة ، وقيل : هو عمومٌ فيمن لم يؤمن مِنْ أهْل نوحٍ ، ثم قال سبحانه إِخباراً عن حالهم : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } .