قال ابن عباس : كان أول ما حمل نوح في الفلك الذرة ، وآخر ما حمل الحمار . فلما دخل{[32343]} ، وأدخل{[32344]} صدره ، تعلق إبليس بذنبه ، فلم تستقل رجلاه ، فجعل نوح{[32345]} عليه السلام ، يقول : ويحك ! ادخل ، فلا يستطيع الحمار الدخول . فقال : ويحك ! ( ادخل ) وإن كان الشيطان معك . فزل لسانه بالكلمة ، فدخل الحمار ، والشيطان{[32346]} . فقال له : نوح صلى الله عليه وسلم : ما أدخلك{[32347]} علي يا عدو الله ؟ . قال : ألم تقل ادخل ، وإن كان الشيطان معك . قال : اخرج عني يا عدو الله . قال : مالَكَ بُدّ{[32348]} من أن تحملني ، فكان إبليس في ظهر الفلك . فكان بين إرسال الله عز وجل{[32349]} ، الماء ، وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون{[32350]} يوما بلياليها ، ودخل فيها لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر ، فلما دخل{[32351]} من كان معه/ ( انفتحت أبواب السماء بماء منهمر ) ، كما قال الله{[32352]} ، وكانت السفينة مسَمَّرة بدُسُرٍ . والدُّسُر : مسامير الحديد : وقيل : مسامير من عود ، بها يسمر اليوم{[32353]} مراكبهم أهل الحجاز{[32354]} ، وأهل الهند ، وما يلي ذلك . فلما جرت السفينة ، قال نوح لابنه : { اركب معنا ولا تكن مع الكافرين }[ 42 ] وكان قد أضمر الكفر ، وظن أن الجبال تمنع من الماء ، فقال : { سآوي إلى جبل يعصمني من الماء }[ 43 ] أي : يمنعني ، فقال له نوح : { لا عاصم اليوم من أمر الله }[ 43 ] . فعلا الماء على الجبال خمسين ذراعا . فهلك كل ما{[32355]} كان على وجه الأرض من الحيوان والأشجار ، ولم يبق{[32356]} إلا ما في السفينة . وكان بين أن أرسل الله الطوفان ، وبين أن غاض{[32357]} الماء ستة أشهر ، وعشر ليال{[32358]} .
قال عكرمة : ( ركب في السفينة لعشر خَلَون من رجب{[32359]} ، { واستوت على الجودي } لعشر خلون من المحرم . فذلك ستة أشهر ){[32360]} .
ومعنى : { وفار التنور } : قيل : إنه انفجر الماء من وجه الأرض . والتنور : وجه{[32361]} الأرض قاله ابن عباس ، وعكرمة{[32362]} .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو تنوير الصبح ، من قولهم : نور الصبح ينور ، فكأنه قال : حتى جاء أمرنا ، وطلع{[32363]} الفجر{[32364]} .
وقال قتادة : التنور أعلى الأرض ، وأشرافها{[32365]} .
وقال الحسن : التنور هو الذي يخبر فيه ، كان{[32366]} من حجارة لحواء . ثم صار إلى نوح{[32367]} ، فقيل له : إذا رأيت الماء يفور من التنور ، فاركب أنت وأصحابك{[32368]} .
وقال الشعبي{[32369]} : فار الماء في ناحية الكوفة{[32370]} .
وعن علي{[32371]} رضي الله عنه ، أنه قال : فار التنور من مسجد{[32372]} الكوفة ، وقال زيد بن حبيش : فار التنور من هذه الزاوية{[32373]} ، وأشار إلى زاوية{[32374]} مسجد الكوفة اليمني من القبلة ، التي{[32375]} عن يمين المصلى . وكان زيد{[32376]} يقصد إلى الصلاة في تلك الزاوية من مسجد الكوفة{[32377]} ، وعن الحسن أيضا أن التنور الموضع الذي يجتمع فيه الماء في السفينة . وعن ابن عباس : أن التنور فار بالهند{[32378]} .
ومعنى : { من كل زوجين اثنين }[ 40 ] أي : من كل ذكر ، وأنثى{[32379]} ، والواحد{[32380]} : زوج ، والزوجان ذكر ، وأنثى من كل صنف{[32381]} ، فمعنى من كل زوجين : من كل صنفين{[32382]} . وقيل الزوجان : الضربان الذكور ، والإناث{[32383]} . وقيل : الزوجان : اللونان .
وقوله : { وأهلك إلا من سبق عليه القول }[ 40 ] : أي : واحمل أهلك ، إلا من سبق إهلاكه{[32384]} ، وهو بعض نساء نوح{[32385]} ، كانت من الباقين : من{[32386]} الهالكين .
وقيل : هو ابنه الذي غرق{[32387]} . { ومن آمن } : أي : واحمل من آمن .
قال قتادة : كانوا ثمانية أنفس ، خمسة بنين ، وثلاث{[32388]} نسوة ، فأصاب حام امرأته في السفينة . فدعا عليه{[32389]} نوح أن تغير نطفته{[32390]} . فجاء بالسودان{[32391]} .
وقيل : كانوا عشرة سوى نسائهم : ستة ممن آمن ، وثلاثة{[32392]} بنين ، ونوح{[32393]} .
وعن ابن عباس : أنهم كانوا ثمانين رجلا{[32394]} ، غير النساء من غير أهله{[32395]} وروي أن الله جل ذكره{[32396]} ، كان قد أعقم{[32397]} أرحام النساء ، وأصلاب الرجال ، قبل{[32398]} الغرق بأربعين سنة/ ، فلم يولد فيهم مولود ، ولم يغرق إلا ابن أربعين ، فما فوق ذلك .
قوله : { وأهلك } : وقف{[32399]} عند أبي حاتم{[32400]} ، وليس يوقف عند غيره ، لأن بعده استثناء{[32401]} .
{ ومن{[32402]} آمن } : وقف عند نافع وغيره{[32403]} ، { إلا قليل } : وقف حسن{[32404]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.