مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

َ{ أفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ } أي هو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه { وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ } منه باختياره الضلال أو أنشأ فيه فعل الضلال على علم منه بذلك { وَخَتَمَ على سَمْعِهِ } فلا يقبل وعظاً { وَقَلْبِهِ } فلا يعتقد حقاً { وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غشاوة } فلا يبصر عبرة ، { غشاوة } حمزة وعلي { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله } من بعد إضلال الله إياه { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } بالتخفيف : حمزة وعلي وحفص ، وغيرهم بالتشديد . فأصل الشر متابعة الهوى والخير كله في مخالفته فنعم ما قال :

إذا طلبتك النفس يوماً بشهوة . . . وكان إليها للخلاف طريق

فدعها وخالف ما هويت فإنما . . . هواك عدو والخلاف صديق