إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ } تعجيبٌ من حالِ مَنْ تركَ متابعةَ الهُدى إلى مُطاوعةِ الهَوَى فكأنَّه عبدُه ، أيْ أنظرتَ فرأيتَهُ فإنَّ ذلكَ مِمَّا يُقْضَى منه العجبُ . وقُرِئ آلهةً هواهُ ؛ لأنَّ أحدَهُم كانَ يستحسنُ حجراً فيعبدُه فإذا رَأى أحسنَ منه رفضَهُ إليهِ فكأنَّه اتخذَ آلهةً شتَّى { وَأَضَلَّهُ الله } وخذلَه { على عِلْمٍ } أي عالماً بضلالِه وتبديلِه لفطرةِ الله تعالى التي فطرَ النَّاسَ عليها . { وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } بحيثُ لا يتأثرُ بالمواعظِ ولا يتفكرُ في الآياتِ والنذرِ . { وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غشاوة } مانعةً عن الاستبصارِ والاعتبارِ . وقُرِئ بفتحِ الغينِ وضمِّها ، وقُرِئ غشوةً { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله } أي من بعدِ إضلالِه تعالى إيَّاهُ بموجبِ تعاميهِ عنِ الهُدى وتماديهِ في الغيِّ { أَفَلاَ تذكرون } أي أَلاَ تلاحظونَ فلا تذكَّرونَ وقُرئ تتذكرونَ على الأصلِ .