مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (60)

{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ الله } أي ثواباً وهو نصب على التمييز والمثوبة وإن كانت مختصة بالإحسان ولكنها وضعت موضع العقوبة كقوله { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] وكان اليهود يزعمون أن المسلمين مستوجبون للعقوبة فقيل لهم { مَن لَّعَنَهُ الله } شر عقوبة في الحقيقة من أهل الإسلام في زعمكم وذلك إشارة إلى المتقدم أي الإيمان أي بشر مما نقمتم من إيماننا ثواباً أي جزاء ، ولا بد من حذف مضاف قبله أو قبل «من » تقديره : بشر من أهل ذلك أو دين من لعنه الله { وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة } يعني أصحاب السبت { والخنازير } أي كفار أهل مائدة عيسى عليه السلام ، أو كلا المسخين من أصحاب السبت فشبانهم مسخوا قردة ومشايخهم مسخوا خنازير { وَعَبَدَ الطاغوت } أي العجل أو الشيطان لأن عبادتهم العجل بتزيين الشيطان وهو عطف على صلة «من » كأنه قيل : ومن عبد الطاغوت .

«وعبد الطاغوتِ » حمزة جعله اسماً موضوعاً للمبالغة كقولهم «رجل حذر وفطن » للبليغ في الحذر والفطنة ، وهو معطوف على «القردة والخنازير » أي جعل الله منهم عبد الطاغوت { أولئك } الممسوخون الملعونون { شَرٌّ مَّكَاناً } جعلت الشرارة للمكان وهي لأهله للمبالغة { وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السبيل } عن قصد الطريق الموصل إلى الجنة .

ونزل في ناس من اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويظهرون له الإيمان نفاقاً .