قوله : { قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مّن ذلك } بين الله سبحانه لرسوله أن فيهم من العيب ما هو أولى بالعيب ، وهو ما هم عليه من الكفر الموجب للعن الله وغضبه ومسخه ؛ والمعنى : هل أنبئكم بشر من نقمكم علينا أو بشرّ مما تريدون لنا من المكروه أو بشرّ من أهل الكتاب أو بشرّ من دينهم . وقوله : { مَثُوبَةً } أي جزاء ثابتاً ، وهي مختصة بالخير كما أن العقوبة مختصة بالشرّ . ووضعت هنا موضع العقوبة على طريقة { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وهي منصوبة على التمييز من بشرّ . وقوله : { مَن لَّعَنَهُ الله } خبر لمبتدأ محذوف مع تقدير مضاف محذوف : أي هو لعن من لعنه الله أو هو دين من لعنه الله ، ويجوز أن يكون في محل جر بدلاً من شرّ . قوله : { وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير } أي مسخ بعضهم قردة وبعضهم خنازير وهم اليهود ، فإن الله مسخ أصحاب السبت قردة ، وكفار مائدة عيسى منهم خنازير .
وقوله : { وَعَبَدَ الطاغوت } قرأ حمزة بضم الباء من عبد وكسر التاء من " الطاغوت " أي جعل منهم عبد الطاغوت بإضافة عبد إلى الطاغوت . والمعنى : وجعل منهم من يبالغ في عبادة الطاغوت ، لأن فعل من صيغ المبالغة ؛ كحذر وفطن للتبليغ في الحذر والفطنة . وقرأ الباقون بفتح الباء من { عَبْدُ } وفتح التاء من { الطاغوت } على أنه فعل ماض معطوف على فعل ماض وهو غضب ولعن ، كأنه قيل : ومن عبد الطاغوت ، أو معطوف على القردة والخنازير : أي جعل منهم القردة والخنازير ، وجعل منهم عبد الطاغوت حملاً على لفظ { من } . وقرأ أبيّ وابن مسعود { وَعَبَدوا الطاغوت } حملاً على معناها . وقرأ ابن عباس { وعبد } بضم العين والباء كأنه جمع عبد ، كما يقال : سقف وسقف . ويجوز أن يكون جمع عبيد ، كرغيف ورغف ، أو جمع عابد كبازل وبزل . وقرأ أبو واقد «وعباد » جمع عابد للمبالغة ، كعامل وعمال . وقرأ البصريون و { عباد } جمع عابد أيضاً ، كقائم وقيام ، ويجوز أن يكون جمع عبد .
وقرأ أبو جعفر الرقاشي «وعبد الطاغوت » على البناء للمفعول ، والتقدير وعبد الطاغوت فيهم . وقرأ عون العقيلي ، وابن بريدة «وعابد الطاغوت » على التوحيد . وروي عن ابن مسعود وأبيّ أنهما قرآ «وعبدة الطاغوت » وقرأ عبيد بن عمير «وأعبد الطاغوت » مثل كلب وأكلب . وقرئ «وَعَبَدَ الطاغوت » عطفاً على الموصول بناء على تقدير مضاف محذوف ، وهي قراءة ضعيفة جداً ، والطاغوت : الشيطان أو الكهنة أو غيرهما مما قد تقدّم مستوفى .
قوله : { أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً } الإشارة إلى الموصوفين بالصفات المتقدمة ، وجعلت الشرارة للمكان ، وهي لأهله للمبالغة ، ويجوز أن يكون الإسناد مجازياً . قوله : { وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السبيل } معطوف على شرّ ، أي هم أضلّ من غيرهم عن الطريق المستقيم ، والتفضيل في الموضعين للزيادة مطلقاً أو لكونهم أشرّ وأضل مما يشاركهم في أصل الشرارة والضلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.