الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (60)

قوله تعالى : { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } : المخاطب في " أنبئِّكُم " فيه قولان ، أحدهما - وهو الذي لا يَعْرِف أكثرُ / أهلِ التفسير غيرَه : أنه يُراد به أهلُ الكتاب الذين تقدَّم ذكرُهم . والثاني : أنه للمؤمنين ، قال ابن عطية : " ومَشى المفسرون في هذه الآية على أن الذين أُمَر أَنْ يقول لهم : " هل أنبئِّكم " هم اليهودُ والكفار المتَّخذون دينَنا هزواً ولعباً ، قال ذلك الطبري ، ولم يُسْنِد في ذلك إلى متقدِّم شيئاً ، والآية تحتمل أن يكونَ القولُ للمؤمنين " انتهى ، فعلى كونِه ضميرَ المؤمنين واضحٌ ، وتكونُ أَفْعَلُ التفضيل - أعني " بشرّ " - على بابِها ، إذ يصير التقدير : قل هل أنبِّئكم يا مؤمنون بشرٍّ من حال هؤلاء الفاسقين ؟ أولئك أسلافُهم الذين لعنهم الله ، وتكون الإِشارةُ ب " ذلك " إلى حالِهم ، كذا قَدَّره ابنُ عطية ، وإنما قَدَّر مضافاً ، وهو حال ليصِحَّ المعنى ، فإن " ذلك " إشارةٌ للواحدِ ، ولو جاءَ مِنْ غيرِ حَذْفِ مضافٍ لقيل : بشرٍّ من أولئكم بالجمع . وقال الزمخشري : " ذلك " إشارةٌ إلى المنقومِ ، ولا بد من حذفِ مضافٍ قبلَه أو قبل " من " تقديرُه : بشرٍّ من أهل ذلك ، أو دينِ مَنْ لَعَنَه [ الله ] " انتهى . ويجوزُ ألاَّ يقدَّرَ مضافٌ محذوفٌ لا قبلُ ولا بعدُ ، وذلك على لغةِ مَنْ يُشير للمفردِ وللمثنى والمجموع تذكيراً وتانيثاً بإشارةِ الواحدِ المذكر ، ويكون " ذلك " إشارةً إلى الأشخاصِ المتقدِّمين الذين هم أهلُ الكتابِ ، كأنه قيل : بشرٍّ من أولئك ، يعني أن السلف الذي لهم شَرٌّ من الخَلَفِ ، وعلى هذا يجيء قولُه { مَن لَّعَنَهُ } مفسِّراً لنفس " ذلك " ، وإنْ كان ضميرَ أهلِ الكتاب وهو قولُ عامةِ المفسرين فيُشْكِل ويحتاج إلى جواب .

ووجهُ الإِشكالِ أنه يصيرُ التقديرُ : " هل أنبِّئكم يا أهلَ الكتاب بشرٍّ من ذلك ، و " ذلك " يُراد به المنقومُ وهو الإِيمان ، وقد عُلِم أنه لا شرَّ في دينِ الإِسلام البتةَ ، وقد أجابَ الناسُ عنه ، فقال الزمخشري عبارةً قَرَّر بها الإِشكالَ المتقدمَ ، وأجابَ عنه بعد أَنْ قال : " فإنْ قلت : المثوبةُ مختصةٌ بالإِحسان فكيف وَقَعَتْ في الإِساءةِ ؟ قلت : وُضِعَتْ موضعَ عقوبةٍ فهو كقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تحيةُ بينِهم ضَربٌ وَجيعُ

ومنه { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] ، وتلك العبارةُ التي ذكرتُها لك هي أن قال : " فإنْ قلت : المعاقَبُ من الفريقين هم اليهودُ ، فلِمَ شُورك بينهم في العقوبة ؟ قلت : كان اليهودُ - لُعِنوا - يزعمون أن المسلمين ضالُّون مستوجبون للعقوبة ، فقيل لهم : مَنْ لعنه الله شرٌّ عقوبةً في الحقيقة واليقينِ من أهل الإِسلام في زعمكم ودعواكم " وفي عبارته بعضُ علاقة وهي قوله : " فلِمَ شُورك بينهم " أي : بين اليهود وبين المؤمنين ، وقوله : " من الفريقين " يعني بهما أهلَ الكتاب المخاطبين ب " أنبِّئكم " ومَنْ لعنه الله وغَضِب عليه ، وقوله " في العقوبة " أي : التي وَقَعَت المثوبةُ وقعَها ، ففسَّرها بالأصل ، وفَسَّر غيرُه المثوبةَ هنا بالرجوعِ إلى الله تعالى يومَ القيامة ، ويترتَّب على التفسيرين فائدةٌ ستظهرُ لك قريباً .

و " مثوبةً " نصبٌ على التمييز ، ومميِّزُها " شَرٌّ " وقد تقدم في البقرة الكلامُ على اشتقاقِها ووزنِها فَلْيلتفت إليه . وقوله : { عِندَ اللَّهِ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنه متعلقٌ بنفسِ " مَثُوبة " إنْ قُلْنا إنها بمعنى الرجوع ، لأنك تقول : " رَجَعْتُ عنده " والعندية هنا مجازية . والثاني : أنه متعلق بمحذوف لأنه صفة ل " مثوبة " ، وهو في محلِّ نصبٍ إنْ قلنا : إنها اسمٌ محض ، وليست بمعنى الرجوع بل بمعنى عقوبة .

وقرأ الجمهور : { أُنَبِّئكم } بتشديد الباء من " نَبَّأ " وقرأ إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب : " أُنْبِئُكم " بتخفيفها من " أنبأ " وهما لغتان فصيحتان . والجمهور أيضاً على " مَثُوبة " بضم الثاء وسكون الواو ، وقرأ الأعرج وابن بريدة ونبيح وابن عمران : " مَثْوبة " بسكون الثاء وفتح الواو ، وجعلها ابن جني في الشذوذ كقولهم " فاكهة مَقْوَدَةٌ للأذى " بسكون القاف وفتح الواو ، يعني أنه كان من حقها أن تُنْقَلَ حركةُ الواو إلى الساكن قبلها ، وتٌقْلَبَ الواوُ ألفاً ، فيقا : مثابة ومَقادة كما يقال : " مَقام " والأصل : " مَقْوَم " .

قوله تعالى : { مَن لَّعَنَهُ } في محل [ " مَنْ " ] أربعة أوجه ، أحدها : أنه في محل رفع على خبر مبتدأ مضمر تقديره : هو مَنْ لعنه الله ، وقَدَّر مكي قبله مضافاً محذوفاً ، قال : " تقديرُه : لَعْنُ مَنْ لعنه الله " ثم قال : وقيل : " مَنْ " في موضعِ خفضٍ على البدلِ مِنْ " بشرِّ " بدلِ الشيء من الشيء وهو هو ، وكان ينبغي له أن يقدِّر في هذا الوجه مضافاً محذوفاً كما قَدَّره في حالة الرفع ، لأنه إنْ جَعل " شراً " مراداً به معنًى لزمه التقدير في الموضعين ، وإن جعله مراداً به الأشخاصُ لَزمه ألاَّ يُقَدِّر في الموضعين . الثاني : أنه في محل جر كما تقدَّم بيانُه عن مكي . الثالث : أنه في محلِّ نصبٍ على البدل من محل " بشر " . الرابع : أنه في محلِّ نصبٍ على منصوبٌ بفعلٍ مقدَّر يدل عليه " أُنَبِّئكم " تقديره : أُعَرِّفكم مَنْ لعنه الله ، ذكره أبوالبقاء ، و " مَنْ " يُحْتَمل أن تكونَ موصولة وهو الظاهرُ ، ونكرةً موصوفة . فعلى الأول لا محلَّ للجملة التي بعدها ، وعلى الثاني لها محلٌّ بحسب ما يُحْكَمُ على " مَنْ " بأحد الأوجه السابقة ، وقد حَمَل على لفظِها أولاً في قوله " لعنه " و " عليه " ثم على معناها في قوله : { مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ } ، ثم على لفظها في قوله : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } ثم على لفظِها في قوله : { أُوْلَئِكَ } فجَمَع في الحمل عليها أربع مرات .

و " جَعَل " هنا بمعنى " صَيَّر " فيكون " منهم " في محل نصب مفعولاً ثانياً ، قُدِّم على الأول فيتعلق بمحذوف أي صَيَّر القردة والخنازير كائنين منهم ، وجعلَها الفارسي في كتاب " الحجة " له بمعنى خلق . قال ابن عطية " وهذه منه - رحمه الله - نزعةٌ اعتزالية لأنه قوله : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } تقديره : ومَنْ عبد الطاغوت " والمعتزلة لا ترى أن الله تعالى يصيِّر أحداً عابدَ طاغوت " انتهى . والذي يُفَرٌّ منه في التصيير هو بعينه موجودٌ في الخلق ، وللبحث فيه موضع غير هذا تعرضت له في التفسير الكبير . وجَعَلَ الشيخ قوله تعالى " مَنْ لعنَه الله " إلى آخره مِنْ وَضْعِ الظاهر موضعَ المضمرِ تنبيهاً على الوصف الذي به حصل كونهم شراً مثوبةً ، كأنه قيل : قل هل أنبِّئكم بشرٍّ من ذلك عند الله مثوبة ؟ أنتم ، أي : هم أنتم ، ويَدُلُّ على هذا المعنى قوله بعد : { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا } فيكون الضميرُ واحداً ، وجَعَل هذا هو الذي تقتضيه فصاحةُ الكلام . وقرأ أُبَيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود : " مَنْ غَضِب الله عليهم وجعلَهم قردةً " وهي واضحةٌ .

قوله : { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } في هذه الآية أربعٌ وعشرون قراءةً اثنتان في السبع ، وهما " وعَبَد الطاغوتَ " على أن " عَبَد " فعلٌ ماضٍ مبني للفاعل ، وفيه ضميرٌ يعودُ على " مَنْ " كما تقدم ، وهي قراءة جمهور السبعة غيرَ حمزة . والثانية : و " عَبُدَ الطاغوتِ " بضم الباء وفتح الدال وخفض الطاغوت ، وهي قراءةُ حمزة - رحمه الله - والأعمش ويحيى بن وثاب . وتوجيههُا كما قال الفارسي وهو أن " عَبُداً " واحدٌ يُراد به الكثرةُ مثلَ قوله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا }

[ إبراهيم : 34 ] وليس بجمع " عبد " لأنه ليس في أبنيةِ الجمعِ مثلُه . قال : " وقد جاء على فَعُل لأنه بناء يُراد به الكثرةُ والمبالغةُ في نحو يَقُظ ونَدُس كأنه قد ذهب في عبادة الطاغوت كلَّ مذهب ، وبهذا المعنى أجاب الزمخشري أيضاً ، قال - رحمه الله تعالى - : " معناه الغلُوُّ في العبودية كقولهم : " رجل حَذُر وفَطُن " للبليغ في الحذر والفطنة ، وأنشدَ لطَرَفة :

أبني لُبَيْنَى إنَّ أمَّكُمُ *** أَمَةٌ ، وإنَّ أباكُمُ عَبُدُ

وقد سَبَقهما إلى هذا التوجيهِ أبو إسحاق ، وأبو بكر بن الأنباري ، قال أبو بكر : " وضُمَّتِ الباءُ للمبالغةِ كقولِهم للفَطِن : " فَطُن " وللحَذِر : " حَذُر " ، يَضُمُّون العين للمبالغة ، قال أوس بن حجر :

-أبني لُبَيْنَى إنَّ أُمَّكُمُ *** أَمَةٌ ، وإنَّ أباكُمُ عَبُدُ

فضمَّ الباء ، قلت : كذا نَسَب البيتَ لابن جحر ، وقد قَدَّمْتُ أنه لطرفة ، ومِمَّنْ نَسَبه لطرفةَ الشيخُ شهاب الدين أبو شامة . وقال أبو إسحاق : " ووجْهُ قراءِة حمزةَ أنَّ الاسمَ بُنِي على فَعُل كما تقول : " رجلٌ حَذُر " وتأويلُه أنه مبالغٌ في الحذر / فتأويلُ " عَبُد " أنَّه بَلَغ الغايةَ في طاعة الشيطان ، وكأنَّ هذا اللفظَ لفظٌ واحدٌ يَدُلُّ على الجمعِ كما تقول للقوم " عَبُد العَصا " تريدُ عبيد العصا ، فأخذ أبو عليّ هذا وبَسَطه بما ذَكَرْتُه عنه ، ثم قال " وجاز هذا البناءُ في عَبْد لأنه في الأصلِ صفةٌ ، وإن كان قد استُعْمِل استعمالَ الأسماءِ ، لا يُزيل ذلك عنه حكمَ الوصفِ كالأبطح والأبرق استُعْمِلا استعمالَ الأسماءِ حتى جُمِعا جَمْعَها في قولهم : أبارق وأباطح كأجادِل جمع الأجْدَل ثم لم يُزِلْ ذلك عنهما حكمَ الصفة ، يَدُلُّك على ذلك مَنْعُهم له الصرفَ كأحمر ، وإذا لم يَخْرج العبدُ عن الصفة لم يمتنعْ أَنْ يُبنى بناءَ الصفات على فَعُل نحو : " يَقُظ " ، وإنما أَشْبَعْتُ العبارةَ هنا لأن بعض الناس طَعَن على هذه القراءة ونسب قارئها إلى الوهم كالفراء والزجاج وأبي عبيد ونصير الرازي النحوي صاحب الكسائي . قال الفراء : " إنما يجوز ذلك في ضرورةِ الشعر - يعني ضمَّ باء " عَبُد " فأمَّا في القراء فلا " وقال أيضاً : " إنْ تكن لغةً مثلَ حَذُر وعَجُل جاز ذلك ، وهو وجهٌ ، وإلاَّ فلا تجوزُ في القراءة " وقال الزجاج : " هذه القراءةُ ليست بالوجهِ لأنَّ عَبُداً على فَعُل ، وهذا ليس من أمثلةِ الجمعِ " وقال أبو عبيد : " إنما معنى العَبُد عندهم الأعبُد ، يريدون خدَمَ الطاغوتِ ، ولم نجد هذا يَصِحُّ عن أحد من فصحاء العرب أن العَبْد يقال فيه عَبُد وإنما هو عَبْد وأَعْبُد " وقال نصير الرازي " هذا وَهْمٌ مِمَّن قرأ به فليتقِ الله مَنْ قرأ به ، وليسألْ عنه العلماء حتى يوقفَ على أنه غير جائز " قلت : قد سألوا عن ذلك العلماءَ ووجدوه صحيحاً في المعنى بحمد الله تعالى ، وإذا تواتر الشيء قرآناً فلا التفاتَ إلى مُنْكرِه لأنه خَفِيَ عنه ما وَضَح لغيره .

وأمَّا القراءاتُ الشاذةُ فقرأ أُبَيّ : و " عَبَدُوا " بواوِ الجمع مراعاةً لمعنى " مَنْ " وهي واضحةٌ . وقرأ الحسن البصري في رواية عَبَّاد و " عَبْدَ الطاغوت " بفتح العين والدال وسكون الباء ونصب التاء من " الطاغوت " وخَرَّجها ابن عطية على وجهين احدهما : أنه أراد : " وعَبْداً الطاغوت " فحذف التنوينَ من " عبداً " لالتقاء الساكنين كقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ولا ذاكرَ اللّهَ إلا قليلا

والثاني : أنه أراد " وعبَد " بفتح الباء على أنه فعلٌ ماضٍ كقراءة الجماعة إلا أنه سَكَّن العينَ على نحوِ ما سَكَّنها في قول الآخر :

وما كلُّ مغبونٍ ولو سَلْفَ صَفْقُهُ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بسكون اللام ، ومثله قراءةُ أبي السمال : { ولُعْنوا بما قالوا } بسكون العين ، قلت : ليس ذلك مثلَ " لُعْنوا " لأنَّ تخفيف الكسر مقيس بخلاف الفتح ومثلُ " سَلْفَ " قولُ الآخر :

إنما شِعْريَ مِلْحٌ *** قد خُلْطَ بجُلْجُلانْ

من حيث إنه خَفَّف الفتحة . وقال الشيخ - بعد أن حكى التخريج الأول عن ابن عطية - : " وهذا التخريجُ لا يَصِحُّ لأنَّ عَبْداً لا يمكن أن ينصبَ الطاغوت ، إذ ليس بمصدرٍ ولا اسمِ فاعل ، فالتخريجُ الصحيح أن يكونَ تخفيفاً من " عَبَدَ " ك " سَلْف " في " سَلَفْ " قلت : لو ذكر التخريجين عن ابن عطية ، ثم استشكلَ الأولَ لكان إنصافاً لئلا يُتَوَهَّم أن التخريجَ الثاني له . ويمكن أن يقال : إنَّ " عَبْداً " لِما في لفظه من معنى التذلل والخضوعِ دَلَّ على ناصبٍ للطاغوت حُذِفَ ، فكأنه قيل : مَنْ يعبُد هذا العبدَ ؟ فقيل : يعبُد الطاغوتَ ، وإذا تقرَّر أنَّ " عَبْدَ " حُذِفَ تنوينُه فهو منصوبٌ عطفاً على القردة ، أي : وجعلَ منهم عَبْداً للطاغوت .

وقرأ الحسن أيضاً في روايةٍ أخرى كهذه القراءة ، إلا أنه جَرَّ " الطاغوت " وهي واضحةٌ فإنه مفرد يُراد به الجنسُ أُضيف إلى ما بعده . وقرأ الأعمش والنخعي وأبو جعفر : " وعُبِد " مبنياً للمفعول ، " الطاغوتُ " رفعاً . وقرأ عبد الله كذلك إلا أنَّه زادَ في الفعلَ تاءَ التأنيث ، وقرأ : " وعُبِدَتِ الطاغوتُ " والطاغوت يذكر ويؤنث ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا } [ الزمر : 17 ] ، وقد تقدَّم في البقرة قال ابن عطية : " وضَعَّفَ الطبري هذه القراءةَ ، وهي متجهةٌ " يعني قراءةَ البناءِ للمعفول ، ولم يبيِّنْ وجهَ الضعفِ ولا توجيهَ القراءة ، ووجهُ الضعفِ أنه تخلو الجملة المعطوفة على الصلةِ من رابطٍ يربُطها بالموصولِ ، إذ ليس في " عُبِد الطاغوتُ " ضميرٌ يعودُ على { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } لو قلت : أكرمت الذين أهنتُم وضُرِب زيدٌ " على أن يكون " وضُرِب " عطفاً على " أكرمت " لم يَجُزْ ، فكذلك هذا . وأمَّا توجيهُها فهو كما قال أبو القاسم الزمخشري : " إنَّ العائدَ محذوفٌ تقديرُه : " وعُبِد الطاغوتُ فيهم أو بينهم " .

وقرأ ابن مسعود في روايةِ عبد الغفار عن علقمة عنه : { وعَبُدَ الطاغوتُ } بفتح العين وضمِّ الباء وفتحِ الدالِ ورفعِ الطاغوت ، وفيها تخريجان ، أحدُهما : - ما ذكرَه ابن عطية - وهو أن يصيرَ له أَنْ عُبِد كالخُلُقِ والأمرِ المعتاد المعروف ، فهو في معنى فَقُه وشَرُف وظَرُف ، قلت : يريد بكونِه في معناه أي : صار له الفقهُ والظرفُ خُلُقاً معتاداً معروفاً ، وإلاَّ فمعناه مغايرٌ لمعاني هذه الأفعالِ والثاني :- ما ذكرَه الزمخشري - وهو أَنْ صارَ معبوداً من دونِ الله ك " أمُر " أي : صار أميراً ، وهو قريبٌ من الأولِ وإنْ كان بينهما فرقٌ لطيفٌ .

وقرأ ابن عباس في رواية عكرمة عنه ومجاهد / ويحيى بن وثاب : و { وعُبُدَ الطاغوتِ } بضم العين والباء وفتح الدال وجر " الطاغوت " وفيها أقوال ، أحدها : وهو قول الأخفش - أنَّ عُبُداً جمع عبيد ، وعبيد جمعُ عَبْد فهو جمعٌ الجمعِ ، وأنشد :

أنسُبِ العبدَ إلى آبائِه *** أسودَ الجِلْدَةِ من قومٍ عُبُدْ

وتابعه الزمخشري على ذلك ، يعني أنَّ عبيداً جمعاً بمنزلة رغيف مفرداً فيُجْمع جمعَه كما يُقال : رغيف ورُغُف . الثاني - وهو قولُ ثعلب - أنه جمعُ عابد كشارف وشُرُف ، وأنشد :

ألا يا حَمْزُ للشُّرُفِ النَّواءِ *** فهنَّ مُعَقِّلاتٌ بالفِناءِ

والثالث : أنه جَمْعُ عَبْد كسِقْف وسُقُف ورَهْن ورُهُن . والرابع : أنه جمع عِباد ، وعِباد جمعُ " عَبْد " فيكونُ أيضاً جمعَ الجمعِ مثل " ثِمار " هو جمع " ثَمَرة " ثم يُجْمع على " ثُمُر " وهذا لأنَّ عِباداً وثِماراً جمعين بمنزلة كتاب مفرداً ، وكتاب يجمع على كُتُب فكذلك ما وازَنَه .

وقرأ الأعمش : " وعُبَّدَ " بضمِّ العينِ وتشديدِ الباءِ مفتوحةً وفتحِ الدال ، " الطاغوت " بالجرِّ ، وهي جمع عابِد كضُرَّب في جمع ضارِب وخُلَّص في جمع خالِص . وقرأ ابنُ مسعود أيضاً في رواية علقمة : { وعُبَدَ الطاغوت } بضمِّ العين وفتح الباء والدالِ . و " الطاغوتِ " جَرَّا ، وتوجيهُها أنه بناءُ مبالغةٍ كحُطَم ولُبَد وهو اسمُ جنسٍ مفردٍ يُراد به الجمعُ ، والقولُ فيه كالقول في قراءةِ حمزة وقد تقدَّمَتْ .

وقرأ ابن مسعود في رواية علقمةَ أيضاً : و { وعُبَّدَ الطاغوتَ } بضمِّ العين وبشد الباء مفتوحة وفتح الدال ونصب " الطاغوت " وخَرَّجها ابن عطية على أنها جمعُ عابد كضُرِّب في جمع ضارب ، وحَذَف التنوين من " عبدا " لالتقاء الساكنين كقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . *** ولا ذاكرَ اللّهَ إلا قليلا

قال : " وقد تقدَّم نظيرُه " يعني قراءةَ : { وعَبْدَ الطاغوتَ } بفتح العين والدال وسكونِ الباءِ ونصبِ التاء ، وكان ذَكَر لها تخريجين ، أحدُهما هذا ، والآخرُ لا يمكنُ وهو تسكينُ عينِ الماضي . وقرأ بريدة الأسلمي فيما نقلَه عنه ابنُ جرير : " وعابِد الشيطانِ " بنصبِ " عابد " وجَرِّ " الشيطان " بدلَ الطاغوت وهو تفسيرٌ لا قراءةٌ . وقرأ أبو واقد الأعرابي : { وعُبَّاد } بضمِّ العينِ وتشديدِ الباءِ بعدها ألف ونصبِ الدال ، والطاغوتِ بالجر ، وهي جمعُ عابد كضُرًَّاب في ضارب .

وقرأ بعضُ البصريين : " وعِبادَ الطاغوتِ " بكسرِ العين ، وبعد الباء المخففة ألف ، ونصب الدال وجَر‍ِّ " الطاغوت " وفيها قولان : أحدهما : أنه جمع عابِد كقائِم وقِيام ، وصائِم وصِيام . والثاني : أنها جمعُ عَبْد ، وأنشد سيبويه :

أتوعِدُني بقومِك يابنَ حَجْلٍ *** أُشاباتٍ يُخالُون العِبادَا

قال ابن عطية : " وقد يجوزُ أن يكونَ جمعَ " عَبْد " ، وقلما يأتي " عِباد " ضافاً إلى غيرِ الله تعالى ، وأَنْشَد سيبويه : " أتُوْعِدُني " البيت قال أبو الفتح : يريد عبادَ آدم عليه السلام ، ولو أراد عباد الله فليس ذلك بشيء يُسَبُّ به أحدٌ ، فالخَلْقُ كلُّهم عبادُ الله " قال ابن عطية : " وهذا التعليقُ بآدم شاذٌّ بعيدٌ والاعتراضُ باقٍ ، ولي هذا مِمَّا تخيَّل الشاعرُ قصدَه ، وإنما أرادَ العبيد فساقَتْه القافيةُ إلى العباد ، إذ قد يُقال لِمَنْ يملكه مِلْكاً ما ، وقد ذكر أن عربَ الحيرة سُمُّوا عِباداً لدخولهم في طاعةِ كِسْرى فدانَتْهم مملكتُه " قلت : قد اشْتَهَر في ألسنةِ الناس أن " عَبْدا " المضافَ إلى الله تعالى يُجْمَعُ على " عِباد " وإلى غيره على " عبيد " ، وهذا هو الغالبُ ، وعليه بنى أبو محمد .

وقرأ عون العقيلي في روايةِ العَبَّاس بن الفضل عنه : " وعابِدُ الطاغوتِ " بضمِّ الدالِ وجَرِّ الطاغوت كضاربِ زيدٍ . قال أبو عمرو : تقديرُه : " وهم عابدُ الطاغوت " قال ابن عطية : " فهو اسمُ جنسٍ " قلت : يعني انه أرادَ ب " عابِد " جماعةً ، قتل : وهذه القراءةُ يجوز أن يكونَ أصلُها : " وعابدو الطاغوت " جَمْعَ عابد جمعَ سلامةٍ ، فلمَّا لَقِيت الواوُ لامَ التعريف حُذِفَتْ لالتقاء الساكنين ، فصار اللفظُ بدالٍ مضمومةٍ ، ويؤيِِّد فَهْمَ هذا أنَّ أبا عمرو قَدَّر المبتدأ جَمْعاً فقال : " تقديرُه : هم عابدو " اللهم إلا أَنْ ينقلُوا عن العقيلي أنه نَصَّ علي قراءتِه أنها بالإِفراد ، أو سمعوه يقف على " عابد " أو رَأَوْا مصحفَه بدالٍ دونَ واوٍ ، وحينئذ تكونُ قراءتُه كقراءةِ ابن عباس : { وعابدو } بالواوِ ، وعلى الجملة فقراءتُهما متحدةٌ لفظاً ، وإنَّما يَظْهَرُ الفرقُ بينهما على ما قالُوه في الوقفِ أو الخطِّ .

وقرأ ابنُ عباس في روايةٍ أخرى لعكرمة : " وعابِدُوا " بالجمعِ ، وقد تقدَّم ذلك . وقرأ ابن بُرَيْدة : " وعابد " بنصبِ الدالِ كضاربِ زيدٍ ، وهو أيضاً مفردٌ يُراد به الجنسُ . وقرأ ابن عباس وابن أبي عبلة : { وعَبَد الطاغوتِ } بفتحِ العينِ والباءِ والدال وجَرِّ الطاغوت ، وتخريجُها أنَّ الأصلَ : " وعبدةً الطاغوت " وفاعِل يُجْمَعُ على فَعَلَة كفاجِر وفَجَرة ، وكافِر وكَفَرة ، فحُذِفَتْ تاءُ التأنيثِ للإِضافة كقوله :

قام وُلاها فسقَوْه صَرْخَدا ***

أي : ولاتُها ، وكقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . *** وأَخْلَفُوك عِدَ الأمرِ الذي وَعَدُوا

أي : عدةَ الأمر ، ومنه : { وَإِقَامَ الصَّلَوة } [ الأنبياء : 73 ] أي : إقامةِ الصلاة ، ويجوزُ أَنْ يكونَ " عَبَدَ " اسمَ جنسٍ لعابد كخادِم وخَدَم / وحينئذ فلا حَذْفَ تاءِ تأنيثٍ لإِضافة . وقُرِئ : " وعَبَدَة الطاغوت " بثبوتِ التاء وهي دالَّةٌ على حَذْفِ التاء للإِضافة في القراءةِ قبلَها ، وقد تقدَّم توجيهُها أنَّ فاعِلاً يُجْمَعُ على " فَعَلَة " كبارّ وبَرَرة وفاجِر وفَجَرة .

وقرأ عبيد بن عمير : " وأعْبُد الطاغوت " جمع عبد كفَلْس وأَفْلُس وكَلْب وأَكْلُب . وقرأ ابن عباس : " وعبيد الطاغوت " جمع عبدٍ كفَلْس وأَفْلُس وكَلْب وأَكْلُب . وقرأ ابن عباس : " وعبيد الطاغوت " وجمعَ عبدٍ ايضاً وهو نحو : كلب وكليب " قال :

تَعَفَّق بالأَرْطَى لها وأرادَها *** رجالٌ فَبَذَّتْ نبلَهُمْ وكَلِيبُ

وقُرئ أيضاً : " وعابدي الطاغوت " وقرأ عبد الله بن مسعود : " ومَنْ عَبَدوا " فهذه أربعٌ وعشرون قراءةً ، وكان ينبغي ألاَّ يُعَدَّ فيها : " وعابد الشيطان " لأنها تفسيرٌ لا قراءة . وقال ابن عطية : " وقد قال بعضُ الرواة في هذه الآية : إنها تجويزٌ لا قراءةٌ " يعني لَمَّا كَثُرت الرواياتُ في هذه الآيةِ ظنَّ بعضُهم أنه قيل على سبيلِ الجواز لا أنها منقولةٌ عن أحدٍ ، وهذا لا ينبغي أَنْ يُقال ولا يُعْتقدَ فإنَّ أهلَها إنما رَوَوْها قراءةً تَلَوها على مَنْ أخذوا عنه ، وهذا بخلاف و " عابد الشيطان " فإنَّه مخالفٌ للسواد الكريم .

وطريقُ ضبطِ القراءةِ في هذا الحرفِ بعدَما عُرِفَ القراء أن يقال : سبع قراءات مع كونِ " عَبَد " فعلاً ماضياً وهي : وعَبَد وعَبَدُوا ومَنْ عَبَدوا وعُبِد وعُبِدَت وعَبُدَ وعَبْدَ في قولِنا : إنَّ الباء سَكَنَتْ تخفيفاً كسَلْفَ في سَلَف ، وتسعُ قراءاتٍ مع كونِه جمعَ تكسيرٍ وهي : وعُبُدَ وعُبَّد مع جَرِّ الطاغوت وعُبَّد مع نصبه وعُبَّاد وعِباد وعَبَدَ على حَذْفِ التاءِ للإِضافةِ وعَبَدَة وأَعْبُد وعبيد ، وست مع المفرد : وعَبُدَ وعُبَدَ وعابدَ الطاغوت وعابدُ الطاغوت بضم الدال وعابد الشيطان وعَبْدَ الطاغوت ، وثنِتان مع كونه جمعَ سلامة : وعابِدوا بالواو وعابدي بالياء . فعلى قراءةِ الفعل يجوز في الجملةِ وجهان ، أحدهما : أن تكونَ معطوفةً على الصلة قبلها والتقدير : مَنْ لعنَه الله وعَبَد الطاغوت . والثاني : أنه ليس داخلاً في حَيِّز الصلةِ ، وإنما هو على تقديرِ مَنْ أي : ومَنْ عَبَد ، ويدلُّ له قراءة عبد الله بإظهارِ " مَنْ " إلاَّ أنَّ هذا - كما قال الواحدي - يؤدِّي إلى حَذْفِ الموصولِ وإبقاءِ صلتِه ، وهو ممنوعٌ عند البصريين ، جائزٌ عند الكوفيين ، وسيأتي جميعُ ذلك في قولِه تعالى : { وَقُولُواْ آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } [ العنكبوت : 46 ] أي : وبالذي أُنْزل . وعلى قراءةِ جمع التكسير فيكون منصوباً عطفاً على القردة والخنازير أي : جَعَلَ منهم القردةَ وعِباد وعُبَّاد وعبيد ، وعلى قراءةِ الإِفراد كذلك أيضاً ، ويجوز النصبُ فيها أيضاً من وجهٍ آخرَ وهو العطفُ على " مَنْ " في { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } إذا قلنا بأنه منصوبٌ على ما تقدَّم تحريرُه قبلُ ، وهو مرادٌ به الجنس ، وفي بعضِها قُرئ برفعه نحو : " وعابدُ الطاغوت ، وتقدَّم أن أبا عمرو يُقَدِّر له مبتدأ أي : هم عابد ، وتقدَّم ما في ذلك ، وعندي أنه يجوزُ ان يرتفعَ على أنه معطوفٌ على " مَنْ " في قولِه تعالى { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } ويَدُلُّ لذلك أنهم أجازوا في قراءِة عبدِ الله : " وعابدُو " بالواوِ هذين الوجهين فهذا مثله .

وأما قراءة جمع السلامة فَمَنْ قرأ بالياء فهو منصوبٌ عطفاً على القردةِ ، ويجوزُ فيه وجهان آخران ، أحدُهما : أنه منصوبٌ عطفاً على " مَنْ " في { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } إذا قلنا إنَّ محلَّها نصبٌ كما مَرَّ . والثاني : أنه مجرورٌ عطفاً على { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } أيضاً إذا قُلنا بأنَّها في محلِّ جر بدلاً من " بشرِّ " كما تقدمَّ إيضاحُه . وهذه أوجهٌ واضحةٌ عَسِرة الاستنباطِ واللهُ أعلمُ . ومَنْ قَرأ بالواو فرفعُه : إمَّا على إضمارِ مبتدأ أي : هم عابدُو الطاغوت ، وإمَّا نسقٌ على " مَنْ " في قولِه تعالى : { مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ } كما تقدَّم .

قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ شَرٌّ } مبتدأ وخبر ، و " مكاناً " نصب على التمييز ، نَسَب الشَّر للمكان وهو لأهلِه ، كنايةً عن نهايتهِم في ذلك ، و " شرّ " هنا على بابه من التفضيل ، والمفضَّل عليه فيه احتمالان ، أحدهما : أنهم المؤمنون ، فيقال : كيف يُقال ذلك والمؤمنون لا شَرَّ عندهم البتة ؟ فَأُجيب بجوابين ، أحدُهما : - ما ذكره النحاس - وهو أنَّ مكانَهم في الآخرة شَرٌّ مِنْ مكانِ المؤمنين في الدنيا لِما يلحقُهم فيه من " الشر " يعني من الهمومِ الدنيويةِ والحاجةِ والإِعسار وسماعِ الأذى والهَضْم من جانبهم قال : " وهذا أحسنُ ما قيل فيه " لعَمْري لقد صدق فطالما يَلْقَى المؤمن من الأذى ويذوقُ من الحاجة كلَّ صابٍ وعَلْقم . والثاني من الجوابين : أنه على سبيل التنزيل والتسليم للخصم على زعمه إلزاماً له بالحجة ، كأنه قيل : شَرٌّ من مكانهم في زعمكم ، فهو قريب من المقابلة في المعنى . والثاني من الاحتمالين أنَّ المفضَّل عليه هم طائفة من الكفارِ ، أي : أولئك الملعونون المغضوبُ عليهم المجعولُ منهم القردةُ والخنازيرُ العبادون الطاغوتَ شرٌّ مكاناً من غيرهم مِنَ الكفرة الذين لم يَجْمعوا بين هذه الخصالِ الذميمةِ .