معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

قوله تعالى : { زين للناس حب الشهوات } . جمع شهوة وهي ما تدعو النفس إليه .

قوله تعالى : { من النساء } بدأ بهن لأنهن حبائل الشيطان .

قوله تعالى : { والبنين والقناطير } جمع قنطار واختلفوا فيه ، فقال الربيع بن انس : القنطار المال الكثير بعضه على بعض ، وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : القنطار ألف ومائتا أوقية ، لكل أوقية أربعون درهما ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك : ألف ومائتا مثقال ، وعنهما رواية أخرى اثنا عشر ألف درهم وألف دينار دية أحدكم ، وعن الحسن قال : القنطار دية أحدكم ، وقال سعيد بن جبير وعكرمة : هو مائة ألف ، ومائة من ، ومائة رطل ، ومائة مثقال ، ومائة درهم . ولقد جاء الإسلام يوم جاء وبمكة مائة رجل قد قنطروا ، وقال سعيد بن المسيب وقتادة : ثمانون ألفاً ، وقال مجاهد : سبعون ألفاً ، وعن السدي قال : أربعة آلاف مثقال ، وقال الحكم : القنطار مابين السماء والأرض من مال . وقال أبو نصرة ملء مسك ثور ذهباً أو فضة ؛ وسمي قنطاراً من الإحكام ، يقال : قنطرت الشيء إذا أحكمته ، ومنه سميت القنطرة .

قوله تعالى : { المقنطرة } . قال الضحاك : المحصنة المحكمة ، وقال قتادة : هي الكثيرة المنضدة بعضها فوق بعض . وقال يمان : هي المدفونة ، وقال السدي : هي المضروبة المنقوشة حتى صارت دراهم ودنانير . وقال الفراء :المضعفة ، فالقناطير ثلاثة ، والمقنطرة تسعة .

قوله تعالى : { من الذهب والفضة } . وقيل سمي الذهب ذهباً لأنه يذهب ولا يبقى ، والفضة لأنها تنفض أي تتفرق .

قوله تعالى : { والخيل المسومة } . الخيل جمع لا واحد له من لفظه ، واحدها فرس كالقوم والنساء ونحوهما . والمسومة ، قال مجاهد : هي المطهمة الحسان . وقال عكرمة : تسويمها حسنها . وقال سعيد بن جبير : هي الراعية ، يقال : أسام الخيل وسومها ، وقال الحسن وأبو عبيده : هي المعلمة من السيماء ، والسمة العلامة . ثم منهم من قال : سيماها الشبة واللون ، وهو قول قتادة ، وقيل : الكي .

قوله تعالى : { والأنعام } . جمع النعم ، وهي الإبل والبقر والغنم جمع لا واحد له من لفظه .

قوله تعالى : { والحرث } يعني الزرع .

قوله تعالى : { ذلك } . الذي ذكرت .

قوله تعالى : { متاع الحياة الدنيا } . يشير إلى أنها متاع يفنى .

قوله تعالى : { والله عنده حسن المآب } . أي المرجع ، فيه إشارة إلى التزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ }

يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية ، وخص هذه الأمور المذكورة لأنها أعظم شهوات الدنيا وغيرها تبع لها ، قال تعالى { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فلما زينت لهم هذه المذكورات بما فيها من الدواعي المثيرات ، تعلقت بها نفوسهم ومالت إليها قلوبهم ، وانقسموا بحسب الواقع إلى قسمين : قسم : جعلوها هي المقصود ، فصارت أفكارهم وخواطرهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها ، فشغلتهم عما خلقوا لأجله ، وصحبوها صحبة البهائم السائمة ، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها ، ولا يبالون على أي : وجه حصلوها ، ولا فيما أنفقوها وصرفوها ، فهؤلاء كانت زادا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب ، والقسم الثاني : عرفوا المقصود منها وأن الله جعلها ابتلاء وامتحانا لعباده ، ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته ، فجعلوها وسيلة لهم وطريقا يتزودن منها لآخرتهم ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته ، قد صحبوها بأبدانهم وفارقوها بقلوبهم ، وعلموا أنها كما قال الله فيها { ذلك متاع الحياة الدنيا } فجعلوها معبرا إلى الدار الآخرة ومتجرا يرجون بها الفوائد الفاخرة ، فهؤلاء صارت لهم زادا إلى ربهم . وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء ، وتحذير للمغترين بها وتزهيد لأهل العقول النيرة بها ، وتمام ذلك أن الله تعالى أخبر بعدها عن دار القرار ومصير المتقين الأبرار ، وأخبر أنها خير من ذلكم المذكور ، ألا وهي الجنات العاليات ذات المنازل الأنيقة والغرف العالية ، والأشجار المتنوعة المثمرة بأنواع الثمار ، والأنهار الجارية على حسب مرادهم والأزواج المطهرة من كل قذر ودنس وعيب ظاهر وباطن ، مع الخلود الدائم الذي به تمام النعيم ، مع الرضوان من الله الذي هو أكبر نعيم ، فقس هذه الدار الجليلة بتلك الدار الحقيرة ، ثم اختر لنفسك أحسنهما واعرض على قلبك المفاضلة بينهما { والله بصير بالعباد } أي : عالم بما فيهم من الأوصاف الحسنة والأوصاف القبيحة ، وما هو اللائق بأحوالهم ، يوفق من شاء منهم ويخذل من شاء . فالجنة التي ذكر الله وصفها ونعتها بأكمل نعت وصف أيضا المستحقين لها وهم الذين اتقوه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

قرأ جمهور الناس «زُين » على بناء الفعل للمفعول ورفع «حبُّ » على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وقرأ الضحاك ومجاهد «زَين » على بناء الفعل للفاعل ونصب «حبَّ » على أنه المفعول ، واختلف الناس من المزين ؟ فقالت فرقة : الله زين ذلك وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه قال لما نزلت هذه الآية : قلت الآن يا رب حين زينتها لنا فنزلت : { قل أؤنبئكم بخير من ذلكم } [ آل عمران : 15 ] ، وقالت فرقة : المزين هو الشيطان ، وهذا ظاهر قول الحسن بن أبي الحسن ، فإنه قال من زينها ؟ ما أحد أشد لها ذماً من خالقها .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وإذا قيل زين الله ، فمعناه بالإيجاد والتهيئة لانتفاع وإنشاء الجبلة عن الميل إلى هذه الأشياء{[2989]} ، وإذا قيل زين الشيطان فمعناه بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها . والآية تحتمل هذين النوعين من التزيين ولا يختلف مع هذا النظر ، وهذه الآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس ، وفي ضمن ذلك توضح لمعاصري محمد عليه السلام من اليهود وغيرهم ، و { الشهوات } ذميمة واتباعها مردٍ{[2990]} وطاعتها مهلكة ، وقد قال عليه السلام : «حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره »{[2991]} فحسبك أن النار حفت بها ، فمن واقعها خلص إلى النار ، و { والقناطير } جمع قنطار ، وهو العقدة الكبيرة من المال ، واختلف الناس في تحرير حده كم هو ؟ فروى أبي بن كعب ، عن النبي عليه السلام أنه قال : القنطار ألف ومائتا أوقية{[2992]} ، وقال بذلك معاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وعاصم بن أبي النجود وجماعة من العلماء ، وهو أصح الأقوال ، لكن القنطار على هذا يختلف باختلاف البلاد في قدر الأوقية ، وقال ابن عباس والضحاك بن مزاحم والحسن بن أبي الحسن : القنطار ألف ومائتا مثقال{[2993]} ، وروى الحسن ذلك مرفوعاً عن النبي عليه السلام ، قال الضحاك وهو من { الفضة } ألف ومائتا مثقال ، وروي عن ابن عباس أنه قال : القنطار من { الفضة } اثنا عشر ألف درهم ، ومن { الذهب } ألف دينار ، وروي بذلك عن الحسن والضحاك وقال سعيد بن المسيب : القنطار ثمانون ألفاً ، وقال قتادة : القنطار مائة رطل من { الذهب } أو ثمانون ألف درهم من { الفضة } ، وقال السدي : القنطار ثمانيه آلاف مثقال وهي{[2994]} مائة رطل ، وقال مجاهد القنطار سبعون ألف دينار ، وروي ذلك عن ابن عمر ، وقال أبو نضرة{[2995]} : القنطار ملء مسك ثور ذهباً .

قال ابن سيده : هكذا هو بالسريانية ، وقال الربيع بن أنس : القنطار المال الكثير بعضه على بعض ، وحكى النقاش عن ابن الكلبي ، أن القنطار بلغة الروم ملء مسك ثور ذهباً{[2996]} ، وقال النقاش : { القناطير } ثلاثة ، { والمقنطرة } تسعة لأنه جمع الجمع ، وهذا ضعف نظر وكلام غير صحيح ، وقد حكى مكي نحوه عن ابن كيسان أنه قال : لا تكون { المقنطرة } أقل من تسعة وحكى المهدوي عنه وعن الفراء ، لا تكون { المقنطرة } أكثر من تسعة ، وهذا كله تحكم .

قال أبو هريرة : القنطار اثنا عشر ألف أوقية ، وحكى مكي قولاً إن القنطار أربعون أوقية ذهباً أو فضة ، وقاله ابن سيده في المحكم ، وقال : القنطار بلغة بربر ألف مثقال ، وروى أنس بن مالك عن النبي عليه السلام في تفسير قوله تعالى : { وآتيتم إحداهن قنطاراً }{[2997]} قال ألف دينار{[2998]} ذكره الطبري ، وحكى الزجاج أنه قيل : إن القنطار هو رطل ذهباً أوفضة وأظنها وهماً ، وإن القول مائة رطل فسقطت مائة للناقل ، والقنطار إنما هو اسم المعيار الذي يوزن به ، كما هو الرطل والربع ، ويقال لما بلغ ذلك الوزن هذا قنطار أي يعدل القنطار ، والعرب تقول : قنطر الرجل إذا بلغ ماله أن يوزن بالقنطار ، وقال الزجاج : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وأحكامه والقنطرة المعقودة نحوه ، فكأن القنطار عقدة مال .

واختلف الناس في معنى قوله : { المقنطرة } فقال الطبري : معناه المضعفة ، وكأن { القناطير } ثلاثة و { المقنطرة } تسع ، وقد تقدم ذكر هذا النظر ، وقال الربيع : معناه المال الكثير بعضه فوق بعض ، وقال السدي : معنى { المقنطرة } ، المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم ، وقال مكي : { المقنطرة } المكملة{[2999]} ، والذي أقول : إنها إشارة إلى حضور المال وكونه عتيداً ، فذلك أشهى{[3000]} في أمره وذلك أنك تقول في رجل غني من الحيوان والأملاك : فلان صاحب قناطير مال أي لو قومت أملاكه لاجتمع من ذلك ما يعدل قناطير ، وتقول في صاحب المال الحاضر العتيد هو صاحب قناطير مقنطرة أي قد حصلت كذلك بالفعل بها ، أي قنطرت فهي مقنطرة ، وذلك أشهى للنفوس وأقرب للانتفاع وبلوغ الآمال . وقد قال مروان بن الحكم ، ما المال إلا ما حازته العياب{[3001]} ، وإذا كان هذا فسواء كان المال مسكوكاً ، أو غير مسكوك ، أما أن المسكوك أشهى لما ذكرناه ، ولكن لا تعطي ذلك لفظة { المقنطرة } .

{ والخيل } : جمع خائل عند أبي عبيدة ، سمي الفرس لأنه يختال في مشيه{[3002]} فهو كطائر وطير ، وقال غيره : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه{[3003]} ، واختلف المفسرون في معنى { المسومة } فقال سعيد بن جبير وابن عباس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى{[3004]} والحسن والربيع ومجاهد ، معناه الراعية في المروج والمسارح تقول : سامت الدابة أو الشاة إذا سرحت وأخذت سومها من الرعي أي غاية جهدها ولم تقصر عن حال دون حال ، وأسمتها أنا إذا تركتها لذلك ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «في سائمة الغنم الزكاة »{[3005]} ومنه قوله عز وجل : { فيه تسيمون }{[3006]} وروي عن مجاهد أنه قال : { المسومة } معناه المطهمة الحسان ، وقاله عكرمة ، سومها الحسن ، وروي عن ابن عباس أنه قال : { المسومة } معناه المعلمة ، شيات{[3007]} الخيل في وجوهها وقاله قتادة{[3008]} ، ويشهد لهذا القول بيت لبيد{[3009]} : [ الكامل ]

وَغَدَاةَ قاعِ الْقرْنَتينِ أتيْنَهُمْ . . . زُجْلاً يلوحُ خِلالها التَّسْوِيمُ{[3010]}

وأما قول النابغة{[3011]} : [ الوافر ] :

بسمرٍ كَالْقِداحِ مُسَوَّمَاتٍ . . . عَلَيْهَا مَعْشَرٌ أَشْبَاهُ جنِّ{[3012]}

فيحتمل أن يريد المطهمة الحسان ، ويحتمل أن يريد المعلمة بالشيات ويحتمل أن يريد المعدة ، وقد فسر الناس قوله تعالى : { مسومة عند ربك }{[3013]} بمعنى معدة ، وقال ابن زيد في قوله تعالى : { والخيل المسومة } معناه : المعدة للجهاد .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق : قوله : للجهاد ليس من تفسير اللفظة ، { والأنعام } الأصناف الأربعة : الإبل والبقر والضأن والمعز { والحرث } هنا اسم لكل ما يحرث ، وهو مصدر سمي به ، تقول : حرث الرجل إذا أثار ألأرض لمعنى الفلاحة فيقع اسم الحرث على زرع الحبوب وعلى الجنات وغير ذلك من أنواع الفلاحة . وقوله تعالى : { إذ يحكمان في الحرث }{[3014]} قال جمهور المفسرين ، كان كرماً ، والمتاع ما يستمتع به وينتفع مدة ما منحصرة ، و { المآب } المرجع ، تقول : آب الرجل يؤوب ، ومنه قول الشاعر{[3015]} : [ الوافر ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** رضيتُ من الْغَنِيمَةِ بالإيَابِ

وقول الآخر [ بشر بن أبي حازم ] : [ الوافر ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** إذا ما القَارِظُ العنَزِيّ آبا{[3016]}

وقول عبيد : [ مخلع البسيط ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وَغَائِبُ الموتِ لا يؤوبُ{[3017]}

وأصل مآب مأوب ، نقلت حركة الواو إلى الهمزة وأبدل من الواو ألف ، مثل مقال ، فمعنى الآية تقليل أمر الدنيا وتحقيرها ، والترغيب في حسن المرجع إلى الله تعالى في الآخرة ، وفي قوله : { زين للناس } تحسر ما على نحو ما في قول النبي عليه السلام : تتزوج المرأة لأربع -الحديث{[3018]}- وقوله تعالى : { قل أؤنبئكم } [ آل عمران : 15 ] بمثابة قول النبي عليه السلام : «فاظفر بذات الدين » .


[2989]:- قال الزمخشري: الله سبحانه وتعالى هو المزين للابتلاء، كقوله تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها}، وقراءة: (زيّن) على البناء للفاعل تؤيد هذا المعنى لأن نسق الكلام قبلها ينسب الأفعال إلى الله في قوله: {والله يؤيد..}.
[2990]:- مردٍ: مهلك.
[2991]:- أخرجه الإمام أحمد ومسلم والترمذي (عن أنس)، وأخرجه مسلم (عن أبي هريرة)، كما أخرجه الإمام أحمد في الزهد عن ابن مسعود موقوفا، (الجامع الصغير 1/507).
[2992]:- أخرجه ابن جرير (عن أبي بن كعب)، وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي (عن معاذ بن جبل)، وأخرجه ابن جرير (عن ابن عمر)، وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي (عن أبي هريرة)، وأخرجه ابن جرير البيهقي (عن ابن عباس)، (فتح القدير 1/294)، وذكره ابن كثير ثم قال: "وهذا حديث منكر أيضا".
[2993]:- انظر تفسير الطبري 3/ 200، والبغوي على هامش الخازن 1/374
[2994]:- في بعض النسخ: وهو.
[2995]:- هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، روى عن علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري، وأنس، وجابر، وغيرهم، وروى عنه سليمان التيمي، وحميد الطويل، وعاصم الأحول، وقتادة، وآخرون، ثقة، كثير الحديث، توفي سنة: 108هـ (تهذيب التهذيب10/302).
[2996]:-أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن أبي سعيد الخدري. (فتح القدير للشوكاني.1/294) والمسك (بفتح الميم وسكون السين) هو: الجلد-وجمعه: مسوك ومسك.
[2997]:- من الآية 20 من سورة النساء.
[2998]:- أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس (فتح القدير: 1/294)، وفي ابن كثير: رواه ابن أبي حاتم عن أنس بلفظ "قنطار يعني ألف دينار" قال: وهكذا رواه الطبراني (تفسير ابن كثير1/352).
[2999]:- هو كما تقول: بدرة مبدّرة وألف مؤلفة، وهذا أيضا قول ابن قتيبة.
[3000]:- في بعض النسخ: أشهر.
[3001]:- العياب: جمع عيبة وهي وعاء تحفظ فيه الثياب والمتاع، وقد قال الشاعر: يمرون بالدهنا خفافا عيابهم ويرجعن من دارين بجر الحقائب.
[3002]:- في بعض النسخ: مشيته.
[3003]:- ذهب ابن كثير إلى أن حبّ الخيل يكون إما استعدادا للغزو، أو رغبة في الفخر والتباهي، أو للتعفف واقتناء النسل.
[3004]:- كوفي مولى خزاعة، روى عن أبيه، وروى عنه الأجلح الكندي وأسلم المنقري وسلمة بن كهيل ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وثقه ابن حبان. (تهذيب التهذيب 5/290)
[3005]:-أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الزكاة، صدقة الماشية: 2/112.
[3006]:- من الآية (10) من سورة النحل.
[3007]:- شيات: جمع شية، وهي العلامة، سواد في بياض أو بياض في سواد، وكل ما خالف اللون في جميع الجسد في الدواب، وشية الفرس: لونه.
[3008]:- زيادة من بعض النسخ.
[3009]:- البيت في ديوانه: 133.
[3010]:- القاع: الأرض المستوية؛ قاع القرنتين: موضع كانت فيه وقعة بين كنانة وغطفان، والنون في (أتينهم) ضمير الخيل، وزجلا: جماعات، والتسويم: الإعلام بعلامة تعرف بها في الحرب.
[3011]:- البيت في ديوانه: 128 (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم).
[3012]:- سمر: صفة للخيل، ويروى: بضمر، أي خيل ضامرة، شبهها في ضمورها بقداح المسير، وشبه الفرسان بالجن لشدة صولتهم وخفتهم في الحرب على الخيل.
[3013]:- من الآية (34) من سورة الذاريات.
[3014]:- من الآية (78) من سورة الأنبياء.
[3015]:- هو امرؤ القيس، وهذا الذي أورده هو عجز البيت، وصدره. وقد طوفت في الآفاق حتى ........................... وقد جرى قوله: رضيت ...الخ" مجرى المثل، يضرب عند القناعة بالسلامة لمن سعى في شيء ولم يبلغه، أو لمن يشقى في طلب الحاجة ثم يرضى بالخلاص سالما.
[3016]:- هذا عجز بيت لبشر بن أبي حازم، وصدره: فرجي الخير وانتظري إيابي. والقارظ: الذي يجمع ورق السلم للدباغ، وفي أوبة القارظين يضرب المثل، وهما رجلان خرجا يجمعان القرظ ولم يعودا، (انظر فصل المقال: 374، والميداني:1/142، وجمهرة العسكري 1/123).
[3017]:- هذا عجز بيت لعدي بن الأبرص الشاعر الجاهلي، وصدره: وكل ذي غيبة يئوب.
[3018]:-أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، عن أبي هريرة (الجامع الصغير1/132 ط. دار الكتب العلمية، بيروت).