النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

قوله عز وجل : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }{[503]} معنى زين : أي حُسِّن حب الشهوات ، والشهوة من خَلْق الله في الإنسان ، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها .

وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه الشيطان ، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من الله تعالى الذي خَلَقَها ، قاله الحسن .

والثاني : تأويل أن الله زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى :

{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا }

[ الكهف : 7 ] ، قاله الزجاج .

والثالث : أن الله زين من حبها ما حَسُن ، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح . { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل :

أحدها : أنه ألف ومائتا أوقية ، وهو قول معاذ بن جبل ، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا أُوقِيَّةٍ " {[504]} .

والثاني : أنه ألف ومائتا دينار ، وهو قول الضحاك ، والحسن ، وقد رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والثالث : أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار ، وهو قول ابن عباس .

والرابع : أنه ثمانون ألفاً من الدراهم ، أو مائة رطل من الذهب ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وقتادة .

والخامس : أنه سبعون ألفاً ، قاله ابن عمر ، ومجاهد .

والسادس : أنه ملء مسك ثور ذهباً ، قاله أبو نضرة .

والسابع : أنه المال الكثير ، وهو قول الربيع .

وفي { المُقَنْطَرَةِ } خمسة{[505]} أقاويل :

أحدها : أنها المضاعفة ، وهو قول قتادة .

والثاني : أنها الكاملة{[506]} المجتمعة .

والثالث : هي تسعة قناطير ، قاله الفراء .

والرابع : هي المضروبة دراهم أو دنانير ، وهو قول السدي .

والخامس : أنها المجعولة كذلك ، كقولهم دراهم مدرهمة .

ويحتمل وجهاً سادساً : أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي ، إما لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة ، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة ، والقناطير مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة{[507]} .

{ وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ } فيها خمسة تأويلات :

أحدها : أنها الراعية ، قاله سعيد بن جبير ، والربيع ، ومنه قوله تعالى : { وفيه تسيمون } أي ترعون .

والثاني : أن المسومة الحسنة ، قاله مجاهد ، وعكرمة ، والسدي .

والثالث : أنها المعلَّمة ، قاله ابن عباس ، وقتادة .

والرابع : أنها المعدة للجهاد ، قاله ابن زيد .

والخامس : أنها من السيما مقصور وممدود ، قاله الحسن ، قال الشاعر :

غلامٌ رماه اللهُ بالحُسْن يافعاً *** له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر{[508]}

{ والأنْعَامِ } هي الإِبل ، والبقر ، والغنم من الضأن والمعز{[509]} ، ولا يقال النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة{[510]} .

{ والْحَرْثِ } هو الزرع .

ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يريد أرض الحرث لأنها أصل ، ويكون الحرث بمعنى المحروث{[511]} .


[503]:- سقط من ك.
[504]:- الدارمي، فضائل القرآن، باب 32.
[505]:- خمسة: ق أربعة.
[506]:- لم يرد هذا التأويل في ق.
[507]:- سقط من ق.
[508]:- لا تشق على البصر: أي يفرح به من ينظر إليه، وقائل هذا البيت أسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عمه حين قاسمه ماله، انظر اللسان مادة سام.
[509]:- والمعز: سقطت من ق.
[510]:- خاصة: سقطت من ق.
[511]:-سقط من ق.