التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ} (62)

قوله تعالى : { ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون } ،

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى : { ويجعلون لله ما يكرهون } ، أبهم جل وعلا في هذه الآية الكريمة هذا الذي يجعلونه لله ويكرهونه ؛ لأنه عبر عنه ب( ما )الموصولة ، وهي اسم مبهم ، وصلة الموصول لن تبين من وصف هذا المبهم ، إلا أنهم يكرهونه . ولكنه بين في مواضع أخر : أنه البنات ، والشركاء وجعل الماء الذي خلق لغيره ، قال في البنات : { ويجعلون لله البنات } ، ثم بين كراهيتهم لها في آيات كثيرة ، كقوله : { وإذا بشر أحدهم بالأنثى } الآية . وقال في الشركاء : { وجعلوا لله شركاء } الآية ، ونحوها من الآيات . وبين كراهيتهم للشركاء في رزقهم بقوله : { ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيهم سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } ، أي : إذا كان الواحد منكم لا يرضى أن يكون عبده المملوك شريكا له مثل نفسه في جميع ما عنده ، فكيف تجعلون الأوثان شركاء لله في عبادته ، التي هي حقه على عباده ! وبين جعلهم بعض ما خلق الله من الرزق للأوثان في قوله : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا } ، إلى قوله : { ساء ما يحكمون } ، وقوله : { ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم } ، كما تقدم .

أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح ، عن مجاهد : { وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى } ، قال : قول قريش : لنا البنون ، ولله البنات .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { لا جرم } ، يقول : بلى .

أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح ، عن مجاهد : { وأنهم مفرطون } ، قال : منسيون في النار .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة : { وأنهم مفرطون } ، قال : قد أفرطوا في النار ، أي : معجلون .