فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ} (62)

{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } ، لأنفسهم من البنات ، ومن شركاء في رياستهم ، ومن الاستخفاف برسلهم والتهاون برسالاتهم . ويجعلون له أرذل أموالهم ، ولأصنامهم أكرمها . { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ } ، مع ذلك { أَنَّ لَهُمُ الحسنى } ، عند الله ، كقوله { وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } [ فصلت : 50 ] . وعن بعضهم أنه قال لرجل من ذوي اليسار : كيف تكون يوم القيامة إذا قال الله تعالى : هاتوا ما دفع إلى السلاطين وأعوانهم ، فيؤتى بالدواب والثياب وأنواع الأموال الفاخرة . وإذا قال : هاتوا ما دفع إليّ ، فيؤتى بالكسر والخرق وما لا يؤبه له ، أما تستحي من ذلك الموقف ؟ وقرأ هذه الآية وعن مجاهد : «أنّ لهم الحسنى » ، هو قول قريش : لنا البنون ، وأن لهم الحسنى : بدل من الكذب . وقرىء «الكذب » ، جمع كذوب ، صفة للألسنة . { مُّفْرَطُونَ } ، قرىء مفتوح الراء ومكسورها ، مخففاً ومشدّداً ، فالمفتوح بمعنى : مقدّمون إلى النار معجلون إليها ، من أفرطت فلاناً ، وفرّطته في طلب الماء ، إذا قدمته . وقيل منسيون متروكون ، من أفرطت فلاناً خلفي ، إذا خلفته ونسيته . والمكسور المخفف : من الإفراط في المعاصي . والمشدّد : من التفريط في الطاعات وما يلزمهم .