المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

14- إن البشر جبلوا على حب الشهوات التي تتمثل في النساء والبنين والكثرة من الذهب والفضة ، والخيل الحسان المعلَّمة ، والأنعام التي منها الإبل والبقر والغنم ، وتتمثل أيضاً في الزرع الكثير . لكن ذلك كله متاع الحياة الدنيا الزائلة الفانية ، وهو لا يُعد شيئاً إذا قيس بإحسان الله إلى عباده الذين يجاهدون في سبيله عند أوبتهم إليه في الآخرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

ثم بين - سبحانه - أهم الشهوات التي يؤدى الانهماك في طلبها إلى الانحراف في التفكير ، وإلى عدم التبصر والاعتبار ، ودعا الناس إلى التزود من العمل الصالح الذي يفضى بهم إلى رضاه - سبحانه - فقال : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ . . . } .

فأنت ترى في هذه الآيات الكريما بيانا حكيما من الله - تعالى - لأهم متع الحياة الدنيا وشهواتها ، ولما هو خير من هذه المتع والشهوات ، مما أعده الله لعباده المتقين من جنات وخيرات .

وقوله { زُيِّنَ } من التزيين وهو تصيير الشيء زينا أى حسنا . والزينة هى ما فى الشيء من المحاسن التي ترغب الناظرين في اقتنائه .

قال الراغب : " والزينة بالقول المجمل ثلاث : زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة ، وزينة بدنية كالقوة وطول القامة ، وزينة خارجية كالمال والجاه . . وقد نسب الله التزيين في مواضع إلى نفسه كما في قوله - تعالى - { ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } ونسبه في مواضع إلى الشيطان كما في قوله { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ } وذكره في مواضع غير مسمى فاعله كما في قوله - تعالى - { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات } .

والشهوات جمع شهوة ، وهي ثوران النفس وميلها نحو الشيء المشتهى . والمراد بها هنا الأشياء المشتهاة من النساء والبنين . . . إلخ . وعبر عنها بالشهوات للإشارة - كما يقول الألوسي - إلى ما ركز في الطباع من محبتها والحرص عليها حتى لكأنهم يشتهون اشتهاءها كما قيل لمريض : ما تشتهي ؟ فقال : أشتهي أن أشتهى . أو تنبيها على خستها : لأن الشهوات خسيسة عند الحكماء والعقلاء ففي ذلك تنفير عنها وترغيب فيما عند الله ، ثم قال : والتزيين للشهوات يطلق ويراد به خلق حبها في القلوب ، وهو بهذا المعنى مضاف إليه - تعالى - حقيقة ؛ لأنه لا خالق إلا هو . ويطلق ويراد به الحض على تعاطي الشهوات المحظورة فتزيينها بالمعنى الثاني مضاف إلى الشيطان تنزيلا لوسوسته وتحسينه منزلة الأمر بها والحض على تعاطيها " .

ثم بين - سبحانه - أهم المشتهيات التي يحبها الناس ، وتهفوا إليها قلوبهم ، وترغب فيها نفوسهم ، فأجملها في أمور ستة .

أما أولها : فقد عبر عنه القرآن بقوله : " من النساء ولا شك أن المحبة بين الرجال والنساء شيء فطري في الطبيعة الإنسانية ، ويكفي أن الله - تعالى - قد قال في العلاقة بين الرجل والمرأة { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } وقال تعالى - في آية ثانية { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } وإن بعض الرجال قد يستهين بكل شيء في سبيل الوصول إلى المرأة التي يهواها ويشتهيها والأمثال على ذلك كثيرة ولا مجال لذكرها هنا وصدق رسول الله حيث يقول : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " ، ولذا قدم القرآن اشتهاءهن على كل شهوة . و { مِنَ } في قوله { مِنَ النساء والبنين } بيانية ، وهي مع مجرورها في محل نصب على الحال من الشهوات .

واكتفى القرآن بذكر محبة الرجل للمراة مع أن المرأة كذلك تحب الرجل بفطرتها لأن ذكر محبة أحدهما للآخر يغني عن ذكر الطرفين معاً ، وما يستفاد بالإشارة يستغنى فيه عن العبارة خصوصاً في هذا المجال الذي يحرص فيه القرآن على تربية الحياء والأدب في النفوس ، ولأن المرأة في هذا الباب يهمها أن تكون مطلوبة لا طالبة . وحتى لو كانت محبتها للرجل أشد فإنها تحاول أن تثير فيه ما يجعله هو الذي يطلبها لا هي التي تطلبه .

وأما ثاني المشتهيات : فقد عبر عنه القرآن بقوله { والبنين } جمع ابن ، وهو معطوف على ما قبله ، وقد ذكر حب البنين بعد حب النساء لأن البنين ثمرة حب النساء ، واكتفى بذكر البنين ، لأنهم موضع الفخر في العادة وحب الأولاد طبيعة في النفس البشرية فهم ثمرات القلوب ، وقرة الأعين ومهوى ألفئدة ، ومطمح الآمال ، ولقد تمنى الذرية جميع الناس حتى الأنبياء فهذا سيدنا إبراهيم يقول : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين } وسيدنا زكريا يقول : { رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين } والإنسان في سبيل حبه لأولاده يضحى براحته ، وقد يجمع المال من أجلهم من حلال ومن حرام ، وقد يرتكب بعض الأعمال التي لا يريد ارتكابها إرضاء لهم ، وقد يمتنع عن فعل أشياء هو يريد فعلها لأن مصلحتهم تقتضي ذلك .

وصدق الله إذ يقول : { أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " الولد ثمرة القلب ، وإنه مجبنة مبخلة محزنة " أى أن الأبناء يجعلون آباءهم يجبنون خوفا من الموت لئلا يصيب أبناءهم اليتم وآلامه ، ويجعلونهم يبخلون فلا ينفقون فيما ينبغي أن ينفق فيه إيثاراً لهم بالمال ، ويجعلونهم يحزنون عليهم إن أصابهم مرض ونحوه .

أما الأمر الثالث من المشتهيات : فقد عبر عنه القرآن بقوله { والقناطير المقنطرة مِنَ الذهب والفضة } والقناطير جمع قنطار ، وهو مأخوذ من عقد الشىء وإحكامه ، تقول العرب : قنطرت الشىء إذا أحكمته ، ومنه سميت القنطرة لإحكامها .

قال الفخر الرازى " القنطار مال كثير يتوثق الإنسان به في دفع أصناف النوائب وحكى أبو عبيدة عن العرب أنهم يقولون : إنه وزن لا يحد . واعلم أن هذا هو الصحيح ، ومن الناس من حاول تحديده . فعن ابن عباس : القنطار ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم وهو مقدار الدية " .

ولفظ { المقنطرة } مأخوذ من القنطار . ومن عادة العرب أن يصفوا الشىء بما يشتق منه للمبالغة أي والقناطير المضاعفة المتكاثرة المجموعة قنطاراً كقولهم : دراهم مدرهمة وإبل مؤبلة .

وقوله { مِنَ الذهب والفضة } بيان للناطير ، وهو فى موضع الحال هنا .

والمراد أن الإنسان محب للمال حباً شديداً ، قال - تعالى - { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ } وقال تعالى - { وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ المال حُبّاً جَمّاً }

وفي الحديث الشريف الذى رواه الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً . ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب . ويتوب الله على من تاب " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

وقالت السيدة - عائشة - رضي الله عنها - " رأيت ذا المال مهيبا ، ورأيت ذا الفقر مهينا " وقالت : " إن أحساب ذوى الدنيا بنيت على المال " .

وإنما كان الذهب والفضة مبحوبين ، لأنهما - كما يقول الرازى - جعلا ثمنا لجميع الأشياء ، فمالكهما كالمالك لجميع الأشياء " وصفة المالكية هي القدرة ، والقدرة صفة كمال ، والكمال محبوب لذاته ، فلما كان الذهب والفضة أكمل الوسائل إلى تحصيل هذا الكمال الذى هو محبوب لذاته - وما لا يوجد المحبوب إلا به فهو محبوب - لا جرم كانا محبوبين " .

وأما المشتهيات الرابعة والخامسة والسادسة فتتجلى في قوله - تعالى - { والخيل المسومة والأنعام والحرث } .

ولفظ الخيل يرى سيبويه أنه اسم جمع لا واحد له من لفظة ، بل مفرده فرس فهو نظير قوم - ورهط ونساء . ويرى الأخفش أنه جمع تكسير وواحده خائل ، فهو نظير راكب ، وطائر وطير . وهو مشتق من الخيلاء لأنها تختال في مشيتها .

والمسومة : أى الراعية في المروج والمسارح . يقال : سوم ماشيته إذا أرسلها في المرعى . أو المطهمة الحسان ، من السيما بمعنى الحسن أو المعلمة ذات الغرة والتحجيل من السمة بمعنى العلامة .

والخيل كانت وما زالت زينة محببة مرغوبة ، مهما تفنن البشر في اختراع صنوف من المراكب براً وبحراً فمع وجود هذه المراكب المتنوعة ما زال للخيل عشاقها الذين يعجبهم ما فيها من جمال وانطلاق وألفة . ويقتنونها للركوب والمسابقات . . . { والأنعام } جمع نعم ، وهي الإبل والبقر والغنم . ولا يقال للجنس الواحد منها نعم إلا للإبل خاصة فإنها غلبت عليها .

والأنعام فيها زينة . والإنسان في حاجة شديدة إليها في مركبه ومطعمه وغير ذلك . قال - تعالى - { والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } و { والحرث } مصدر بمعنى المفعول أى المحروث . والمراد به المزروع سواء أكان حبوباً أم بقلا ، أم ثمراً إذ من هذه الأشياء يتخذ الإنسان مطعمه وملبسه وأدوات زينته .

تلك هى أهم المشتهيات في هذه الحياة إلى نفس الإنسان قد جمعها القرآن في آية واحدة ، وقد اختصها - سبحانه - بالذكر لأنها أوضح من غيرها في الاحتياج إليها والتلذذ بها ، ولأن فيها إشارة إلى أنواع المتع كلها سواء أكانت متعة جسدية أم روحية ، أم مالية ، أم غير ذلك من ألوان المتع ، ومن مستلزمات الحياة .

وقد ختم - سبحانه - الآية بقوله { ذلك مَتَاعُ الحياة الدنيا والله عِنْدَهُ حُسْنُ المآب } . واسم الإشارة { ذلك } يعود إلى كل ما تقدم ذكره من الأمور الستة التي سبق الحديث عنها ، والمآب : مصدر ميمى بوزن مفعل ، من آب . كقال - إياباً وأوباً ومآباً ، إذا رجع . وأصله مأوب نقلت حركة الواو إلى الهمزة ثم قلبت الواو ألفاً مثل مقال .

أى ذلك المذكور من النساء والبنين وما عطف عليهما هو موضع الزينة ، ومطلب الناس الذى يستمتعون به ، . . . .

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد ذكرت المشتهيات التي جبل الإنسان على الميل إليها ، وصياغة الفعل للمجهول { زُيِّنَ لِلنَّاسِ } للإشارة إلى أن محبة هذه الأشياء واشتهاءها مركوز في الفطرة الإنسانية منذ أوجد الله الإنسان في هذه الحياة الدنيا .

وهذه المشتهيات ليست خسيسة في ذاتها ، ولا يقصد الإسلام إلى تخسيسها في ذاتها أو إلى التنفير منها ، وإنما الإسلام يريد من أتباعه أن يقتصدوا في طلبها ، وأن يطلبوها من وجوهها المشروعة ، وأن يضعوها في مواضعها المشروعة ، وأن يشكروا الله عليها ، وألا يجعلوها غاية مقصدهم في هذه الحياة إن الإسلام لا يحارب الفطرة الإنسانية التي تشتهي هذه الأشياء ، وإنما يهذبها ويضبطها ويرشدها إلى أن تضع هذه الأشياء في موضعها المناسب ، بحيث لا تطغى على غيرها ولا تستعمل فى غير ما خلقها الله من أجله ، وبذلك يسعد الإنسان في دينه ودنياه وآخرته .

وللإمام ابن كثير كلام حسن عند تفسيره لهذه الآية فقد قال ما ملخصه : يخبر الله - تعالى - عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين ، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد . . فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه كما وردت الأحاديث بذلك . . وحب المال كذلك تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر . . . فيكون مذموما ، وتارة يكون للنفقة في وجوه البر فيكون محموداً . . وحب الخيل على ثلاثة أقسام ، تارة يكون ربطها أصحابها معدة لسبيل الله متى احتاجوا إليها غزوا عليها فهؤلاء يثابون . وتارة تربط فخرا ومناوأة لأهل الإسلام فهذه على صاحبها وزر . وتارة تربط للتعفف واقتناء نسلها ولم ينس صاحبها حق الله فيها فهذه لصاحبها تر . وفى الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير مال المرء مهرة مأمورة أو سكة مأبورة " والسكة النخل المصطف ، والمأبورة الملقحة ، . وفي الصحيحن عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم غرس أو زرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقه " .

هذا ، وختام الآية الكريمة بقوله { ذلك مَتَاعُ الحياة الدنيا والله عِنْدَهُ حُسْنُ المآب } إشارة إلى أن متع الدنيا مهما كثرت وتنوعت وتلذذ بها الإنسان فهى زوال ، وأما اللذائذ الباقية الخالدة فهي التي أعدها الله - تعالى - لعباده المتقين في الدار الآخرة ، ولذا قال - سبحانه - بعد ذلك { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

1

وفي مجال التربية للجماعة المسلمة يكشف لها عن البواعث الفطرية الخفية التي من عندها يبدأ الانحراف ؛ إذا لم تضبط باليقظة الدائمة ؛ وإذا لم تتطلع النفس إلى آفاق أعلى ؛ وإذا لم تتعلق بما عند الله وهو خير وأزكى .

إن الاستغراق في شهوات الدنيا ، ورغائب النفوس ، ودوافع الميول الفطرية هو الذي يشغل القلب عن التبصر والاعتبار ؛ ويدفع بالناس إلى الغرق في لجة اللذائذ القريبة المحسوسة ؛ ويحجب عنهم ما هو أرفع وأعلى ؛ ويغلظ الحس فيحرمه متعة التطلع إلى ما وراء اللذة القريبة ؛ ومتعة الاهتمامات الكبيرة اللائقة بدور الإنسان العظيم في هذه الأرض ؛ واللائقة كذلك بمخلوق يستخلفه الله في هذا الملك العريض .

ولما كانت هذه الرغائب والدوافع - مع هذا - طبيعية وفطرية ، ومكلفة من قبل الباريء - جل وعلا - أن تؤدي للبشرية دورا أساسيا في حفظ الحياة وامتدادها ، فإن الإسلام لا يشير بكبتها وقتلها ، ولكن إلى ضبطها وتنظيمها ، وتخفيف حدتها واندفاعها ؛ وإلى أن يكون الإنسان مالكا لها متصرفا فيها ، لا أن تكون مالكة له متصرفة فيه ؛ وإلى تقوية روح التسامي فيه والتطلع إلى ما هو أعلى .

ومن ثم يعرض النص القرآني الذي يتولى هذا التوجيه التربوي . . هذه الرغائب والدافع ، ويعرض إلى جوارها على امتداد البصر الوانا من لذائذ الحس والنفس في العالم الآخر ، ينالها من يضبطون أنفسهم في هذه الحياة الدنيا عن الاستغراق في لذائذها المحببة ، ويحتفظون بإنسانيتهم الرفيعة .

وفي آية واحدة يجمع السياق القرآني أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان : النساء والبنين والأموال المكدسة والخيل والأرض المخصبة والأنعام . . وهي خلاصة للرغائب الأرضية . إما بذاتها ، وإما بما تستطيع أن توفره لأصحابها من لذائذ أخرى . . وفي الآية التالية يعرض لذائذ أخرى في العالم الآخر : جنات تجري من تحتها الأنهار . وأزواج مطهرة . وفوقها رضوان من الله . . وذلك كله لمن يمد ببصره إلى أبعد من لذائذ الأرض ، ويصل قلبه بالله ، على النحو الذي تعرضه آيتان تاليتان :

( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسومة ، والأنعام ، والحرث . . ذلك متاع الحياة الدنيا ، والله عنده حسن المآب . قل : أؤنبئكم بخير من ذلكم ؟ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار - خالدين فيها - وأزواج مطهرة ، ورضوان من الله . والله بصير بالعباد . الذين يقولون : ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار . الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار . . )

( زين للناس ) . وصياغة الفعل للمجهول هنا تشير إلى أن تركيبهم الفطري قد تضمن هذا الميل ؛ فهو محبب ومزين . . وهذا تقرير للواقع من أحد جانبيه . ففي الإنسان هذا الميل إلى هذه " الشهوات " ، وهو جزء من تكوينه الأصيل ، لا حاجة إلى إنكاره ، ولا إلى استنكاره في ذاته . فهو ضروري للحياة البشرية كي تتأصل وتنمو وتطرد - كما أسلفنا - ولكن الواقع يشهد كذلك بأن في فطرة الإنسان جانبا آخر يوازن ذلك الميل ، ويحرس الإنسان أن يستغرق في ذلك الجانب وحده ؛ وأن يفقد قوة النفخة العلوية أو مدلولها وإيحاءها . هذا الجانب الآخر هو جانب الاستعداد للتسامي ، والاستعداد لضبط النفس ووقفها عند الحد السليم من مزاولة هذه " الشهوات " . الحد الباني للنفس وللحياة ؛ مع التطلع المستمر إلى ترقية الحياة ورفعها إلى الأفق الذيتهتف إليه النفحة العلوية ، وربط القلب البشري بالملإ الأعلى والدار الآخرة ورضوان الله . . هذا الاستعداد الثاني يهذب الاستعداد الأول ، وينقيه من الشوائب ، ويجعله في الحدود المأمونة التي لا يطغى فيها جانب اللذة الحسية ونزعاتها القريبة ، على الروح الإنسانية وأشواقها البعيدة . . والاتجاه إلى الله ، وتقواه ، هو خيط الصعود والتسامي إلى تلك الأشواق البعيدة .

( زين للناس حب الشهوات ) . . فهي شهوات مستحبة مستلذة ؛ وليست مستقذرة ولا كريهة . والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها ؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ، ووضعها في مكانها لا تتعداه ، ولا تطغى على ما هو أكرم في الحياة وأعلى . والتطلع إلى آفاق أخرى بعد أخذ الضروري من تلك " الشهوات " في غير استغراق ولا إغراق !

وهنا يمتاز الإسلام بمراعاته للفطرة البشرية وقبولها بواقعها ، ومحاولة تهذيبها ورفعها ، لا كبتها وقمعها . . والذين يتحدثون في هذه الأيام عن " الكبت " واضراره ، وعن " العقد النفسية " التي ينشئها الكبت والقمع ، يقررون أن السبب الرئيسي للعقد هو " الكبت " وليس هو " الضبط " . . وهو استقذار دوافع الفطرة واستنكارها من الأساس ، مما يوقع الفرد تحت ضغطين متعارضين : ضغط من شعوره - الذي كونه الإيحاء أو كونه الدين أو كونه العرف - بأن دوافع الفطرة دوافع قذرة لا يجوز وجودها أصلا ، فهي خطيئة ودافع شيطاني ! وضغط هذه الدوافع التي لا تغلب لأنها عميقة في الفطرة ، ولأنها ذات وظيفة أصيلة في كيان الحياة البشرية ، لا تتم إلا بها ، ولم يخلقها الله في الفطرة عبثا . . وعندئذ وفي ظل هذا الصراع تتكون " العقد النفسية " . . فحتى إذا سلمنا جدلا بصحة هذه النظريات النفسية ، فإننا نرى الإسلام قد ضمن سلامة الكائن الإنساني من هذا الصراع بين شطري النفس البشرية . بين نوازع الشهوة واللذة ، وأشواق الارتفاع والتسامي . . وحقق لهذه وتلك نشاطها المستمر في حدود التوسط والاعتدال .

( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث . . . ) . .

والنساء والبنون شهوة من شهوات النفس الإنسانية قوية . . وقد قرن اليهما ( القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) . . ونهم المال هو الذي ترسمه ( القناطير المقنطرة ) ولو كان يريد مجرد الميل إلى المال لقال : والأموال . أو والذهب والفضة . ولكن القناطير المقنطرة تلقي ظلا خاصا هو المقصود . ظل النهم الشديد لتكديس الذهب والفضة . ذلك أن التكديس ذاته شهوة . بغض النظر عما يستطيع المال توفيره لصاحبه من الشهوات الأخرى !

ثم قرن إلى النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة . . الخيل المسومة . والخيل كانت - وما تزال حتى في عصر الآلة المادي اليوم - زينة محببة مشتهاة . ففي الخيل جمال وفتوة وانطلاق وقوة . وفيها ذكاء وألفة ومودة . وحتى الذين لا يركبونها فروسية ، يعجبهم مشهدها ، ما دام في كيانهم حيوية تجيش لمشهد الخيل الفتية !

وقرن إلى تلك الشهوات الأنعام والحرث . وهما يقترنان عادة في الذهن وفي الواقع . . الأنعام والحقول المخصبة . . والحرث شهوة بما فيه من مشهد الإنبات والنماء . وإن تفتح الحياة في ذاته لمشهد حبيب فإذا أضيفتإليه شهوة الملك ، كان الحرث والأنعام شهوة .

وهذه الشهوات التي ذكرت هنا هي نموذج لشهوات النفوس ، يمثل شهوات البيئة التي كانت مخاطبة بهذا القرآن ؛ ومنها ما هو شهوة كل نفس على مدار الزمان . والقرآن يعرضها ثم يقرر قيمتها الحقيقية ، لتبقى في مكانها هذا لا تتعداه ، ولا تطغى على ما سواه :

( ذلك متاع الحياة الدنيا ) . .

ذلك كله الذي عرضه من اللذائذ المحببة - وسائر ما يماثله من اللذائذ والشهوات - متاع الحياة الدنيا . لا الحياة الرفيعة ، ولا الآفاق البعيدة . . متاع هذه الأرض القريب . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

يخبر تعالى عما زُيِّن للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين ، فبدأ بالنساء ؛ لأن الفتنة بهن أشد ، كما ثبت في الصحيح أنه ، عليه السلام ، قال{[4851]} مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء " . فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد ، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه ، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه ، " وإنَّ خَيْرَ هَذه الأمَّةِ كَانَ أكْثرهَا نسَاءً " {[4852]} وقوله ، عليه السلام{[4853]} الدُّنْيَا مَتَاع ، وخَيْرُ مَتَاعِهَا المرْأةُ الصَّالحةُ ، إنْ نَظَرَ إلَيْها سَرَّتْهُ ، وإنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْه ، وإنْ غَابَ عَنْها حَفِظْتُه في نَفْسهَا وَمَالِهِ " {[4854]} وقوله في الحديث الآخر : " حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ{[4855]} وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ " {[4856]} وقالت عائشة ، رضي الله عنها : لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء إلا الخيل ، وفي رواية : من الخيل إلا النساء{[4857]} .

وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة فهو داخل في هذا ، وتارة يكون لتكثير النسل ، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له ، فهذا محمود ممدوح ، كما ثبت في الحديث : " تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ ، فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ " {[4858]}

وحب المال - كذلك - تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر على الضعفاء ، والتجبر على الفقراء ، فهذا مذموم ، وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات ، فهذا ممدوح محمود{[4859]} عليه شرعًا .

وقد اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال ، وحاصلها : أنه المال الجزيل ، كما قاله الضحاك وغيره ، وقيل : ألف دينار . وقيل : ألف ومائتا دينار . وقيل : اثنا عشر ألفا . وقيل : أربعون ألفا . وقيل : ستون ألفا وقيل : سبعون ألفا . وقيل : ثمانون ألفا . وقيل غير ذلك .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا{[4860]} حماد ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ ألْف أوقيَّةٍ ، كُلُّ أوقِيَّةٍ خَيْر مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ " .

وقد رواه ابن ماجة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن حماد ابن سلمة ، به . وقد رواه ابن جرير عن بُنْدار ، عن ابن مهدي ، عن حماد بن زيد ، عن عاصم - هو ابن بَهْدَلة - عن أبي صالح ، عن أبي هريرة{[4861]} موقوفا ، وهذا أصح . وهكذا رواه ابن جرير عن معاذ بن جبل وابن عمر . وحكاه ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة وأبي الدرداء ، أنهم قالوا : القنطار ألف ومائتا أوقية .

ثم قال ابن جرير : حدثني زكريا بن يحيى الضرير ، حدثنا شبابة ، حدثنا مَخْلَد بن عبد الواحد ، عن علي بن زيد ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن زِرّ بن حُبَيْش عن أبيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القِنْطَارُ ألْفُ أوقِيَّةٍ ومائَتَا أوقِيَّةٍ " {[4862]} .

وهذا حديث منكر أيضًا ، والأقربُ أن يكون موقوفا على أبي بن كعب ، كغيره من الصحابة . وقد روى ابن مَرْدُويَه ، من طريق موسى بن عُبَيْدة الرَبَذِي{[4863]} عن محمد بن إبراهيم عن يحنَّش{[4864]} أبي موسى ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأ مائة آيةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ، ومَنْ قَرَأ مِائَةَ آيةٍ إِلَى ألْف أصْبَح لَهُ قِنْطار مِنْ أجْرٍ عندَ الله ، القِنْطارُ مِنْهُ مِثلُ الجبَلِ العَظِيمِ " . ورواه وَكِيع ، عن موسى بن عُبَيدة ، بمعناه{[4865]} وقال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد اللخمي بتنِّيس{[4866]} حدثنا عَمْرو{[4867]} بن أبي سلمة ، حدثنا زهير بن محمد ، حدثنا حُمَيد الطويل ، ورجل آخر ، عن أنس بن مالك قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله ، عز وجل : { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } قال : " القِنْطَارُ ألفا أُوقِيَّةٍ " . صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، هكذا رواه الحاكم{[4868]} .

وقد رواه ابن أبي حاتم بلفظ آخر فقال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الرَّقِّي ، حدثنا عمرو ابن أبي سلمة ، حدثنا زهير - يعني ابن محمد - حدثنا حميد الطويل ورجل آخر قد سماه - يعني يزيد الرَّقَاشي - عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : قنطار ، يعني : " ألف دينار " . وهكذا [ رواه ]{[4869]} ابن مَرْدُويه ، ورواه{[4870]} الطبراني ، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم ، عن عَمْرو بن أبي سلمة ، فذكر بإسناده مثله سواء{[4871]} .

وروى ابن جرير عن الحسن البصري مرسلا عنه وموقوفا عليه : القنطار ألف ومائتا دينار . وكذا{[4872]} رواه العَوْفي عن ابن عباس .

وقال الضحاك : من العرب من يقول : القنطار ألف دينار . ومنهم من يقول : اثنا عشر ألفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عارِم ، عن حَمّاد ، عن سعيد الجُرَيرِي{[4873]} عن أبي نضْرة ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : [ القنطار ]{[4874]} ملء مَسْك الثور ذهبا .

قال أبو محمد : ورواه محمد بن موسى الحرشي ، عن حماد بن زيد ، مرفوعا . والموقوف أصح{[4875]} .

وحب الخيل على ثلاثة أقسام ، تارة يكون ربطَها أصحابُها معدَّة لسبيل الله تعالى ، متى احتاجوا إليها غزَوا عليها ، فهؤلاء يثابون . وتارة تربط فخرا ونواء لأهل الإسلام ، فهذه على صاحبها وزْر . وتارة للتعفف واقتناء نسلها . ولم يَنْسَ حق الله في رقابها ، فهذه لصاحبها ستْر ، كما سيأتي الحديث بذلك [ إن شاء الله تعالى ]{[4876]} عند قوله تعالى : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ] {[4877]} } [ الأنفال : 60 ] .

وأما { الْمُسَوَّمَةِ } فعن ابن عباس ، رضي الله عنهما : المسومة الراعية ، والمُطَهَّمة الحسَان ، وكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعبد الرحمن بن عبد الله{[4878]} بن أبْزَى ، والسُّدِّي ، والربيع بن أنس ، وأبي سِنَان وغيرهم .

وقال مكحول : المسومة : الغُرَّة والتحجيل . وقيل غير ذلك .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن{[4879]} يزيد بن أبي حبيب ، عن سُوَيْد بن قيس ، عن معاوية بن حُدَيج ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليسَ مِنْ فَرَسٍ عَرَبِي إلا يُؤذَنُ لَهُ مَعَ كُلِّ فَجْر يَدْعُو بِدَعْوَتَيْنِ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنَّكَ خَوَّلْتَنِي مِنْ خَوَّلْتَني من ]{[4880]} بَنِي آدَم ، فاجْعَلنِي مِنْ أحَبِّ مَالِهِ وأهْلِهِ إليه ، أوْ أحَب أهْلِه ومالِهِ إليهِ " {[4881]} .

وقوله : { وَالأنْعَامِ } يعني : الإبل والبقر والغنم { وَالْحَرْث } يعني : الأرض{[4882]} المتخذة للغِرَاس والزراعة{[4883]} .

قال الإمام أحمد : حدثنا رَوْح بن عبادة ، حدثنا أبو نعامة العدوي ، عن مسلم بن بُدَيل{[4884]} عن إياسِ بن زهير ، عن سُويد بن هُبَيرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خَيْرُ مَالِ امرئ لَهُ مُهْرة مَأمُورة ، أو سِكَّة مَأبُورة " {[4885]} المأمورة الكثيرة النسل ، والسّكَّة : النخل المصطف ، والمأبورة : الملقحة .

ثم قال تعالى : { ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي : إنما هذا زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية الزائلة { وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } أي : حسن المرجع والثواب .

14


[4851]:في جـ، ر، أ، و: "أنه قال صلى الله عليه وسلم"، وفي ر: "أنه قال عليه السلام".
[4852]:رواه البخاري في صحيحه برقم (5069) موقوفا على ابن عباس.
[4853]:في جـ: "صلى الله عليه وسلم".
[4854]:رواه مسلم في صحيحه برقم (1467) والنسائي في السنن (6/69) وابن ماجه في السنن برقم (1855) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
[4855]:في جـ، ر: "الطيب والنساء".
[4856]:رواه أحمد في المسند (3/128) والنسائي في السنن (7/61) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
[4857]:رواه النسائي في الكبرى (4404) من طريق سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك، به. وله شاهد من حديث معقل بن يسار، رواه أحمد في مسنده (5/27).
[4858]:رواه أبو داود في السنن برقم (2050) والنسائي في السنن (6/65) وابن حبان في صحيحه برقم (1229) "موارد" والحاكم في المستدرك (2/162) وصححه وأقره الذهبي من حديث معقل بن يسار.ورواه أحمد في المسند (3/158) وابن حبان في صحيحه برقم (1228) والبيهقي في السنن الكبرى (7/81، 82) من حديث أنس بن مالك.
[4859]:في ر: "محسود".
[4860]:في جـ: "عن".
[4861]:المسند (2/363) وابن ماجة في السنن برقم (3660) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (663) "موارد". قال البوصيري في مصباح الزجاجة: "إسناده صحيح ورجاله ثقات" والأرجح تحسينه للكلام في عاصم بن بهدلة. ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (6/244) موقوفا.
[4862]:تفسير الطبري (6/245) وفي إسناده مخلد بن عبد الواحد، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدا".
[4863]:في جـ، ر: "الترمذي".
[4864]:في جـ، ر: "يحنس".
[4865]:ورواه عبد بن حميد في تفسيره، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (2/107) من طريق وكيع به، وهو مضطرب، فتارة يروى خمسين، وتارة يروى ألفا، وتارة يروى مائة، وقد اختلف فيه على موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
[4866]:في ر: "تبتيس".
[4867]:في المخطوطة أ، و: "محمد بن عمرو بن أبي سلمة" وهو خطأ.
[4868]:المستدرك (2/178) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده عمرو بن أبي سلمة الشامي ضعيف خاصة إذا روى عن زهير. قال الإمام أحمد: "روى عن زهير أحاديث بواطيل كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله فغلط فقلبها زهير".
[4869]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[4870]:في و: "عن".
[4871]:تفسير ابن أبي حاتم (1/111) وفي إسناده عمرو بن أبي سلمة وهو ضعيف كما سبق كلام الإمام أحمد عنه.
[4872]:في و: "وهو".
[4873]:في هـ، جـ، أ، و: "الجرشي" وهو خطأ.
[4874]:زيادة من جـ، ر، أ، و.
[4875]:تفسير ابن أبي حاتم (2/115) ورواه الطبري في تفسيره (6/248) من طريق سعيد الجريري عن أبي نضرة موقوفا.
[4876]:زيادة من جـ، أ.
[4877]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[4878]:في جـ، ر، أ، و: "عبد الله بن عبد الرحمن".
[4879]:في جـ، ر: "حدثني".
[4880]:زيادة من جـ، ر، أ، و، والمسند.
[4881]:المسند (5/170) ورواه الحاكم في المستدرك (2/144) من طريق يحيى بن سعيد به، وقال: صحيح الإسناد على شرطهما ووافقه الذهبي.
[4882]:في جـ، ر: "الأراضي".
[4883]:في جـ: "للزراعة والغراس".
[4884]:في أ: "نديل".
[4885]:المسند (3/468) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/64) والطبراني في المعجم الكبير (7/107) من طريق مسلم بن بديل به، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/258): "رجال أحمد ثقات".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمَـَٔابِ} (14)

قرأ جمهور الناس «زُين » على بناء الفعل للمفعول ورفع «حبُّ » على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وقرأ الضحاك ومجاهد «زَين » على بناء الفعل للفاعل ونصب «حبَّ » على أنه المفعول ، واختلف الناس من المزين ؟ فقالت فرقة : الله زين ذلك وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه قال لما نزلت هذه الآية : قلت الآن يا رب حين زينتها لنا فنزلت : { قل أؤنبئكم بخير من ذلكم } [ آل عمران : 15 ] ، وقالت فرقة : المزين هو الشيطان ، وهذا ظاهر قول الحسن بن أبي الحسن ، فإنه قال من زينها ؟ ما أحد أشد لها ذماً من خالقها .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وإذا قيل زين الله ، فمعناه بالإيجاد والتهيئة لانتفاع وإنشاء الجبلة عن الميل إلى هذه الأشياء{[2989]} ، وإذا قيل زين الشيطان فمعناه بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها . والآية تحتمل هذين النوعين من التزيين ولا يختلف مع هذا النظر ، وهذه الآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس ، وفي ضمن ذلك توضح لمعاصري محمد عليه السلام من اليهود وغيرهم ، و { الشهوات } ذميمة واتباعها مردٍ{[2990]} وطاعتها مهلكة ، وقد قال عليه السلام : «حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره »{[2991]} فحسبك أن النار حفت بها ، فمن واقعها خلص إلى النار ، و { والقناطير } جمع قنطار ، وهو العقدة الكبيرة من المال ، واختلف الناس في تحرير حده كم هو ؟ فروى أبي بن كعب ، عن النبي عليه السلام أنه قال : القنطار ألف ومائتا أوقية{[2992]} ، وقال بذلك معاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وعاصم بن أبي النجود وجماعة من العلماء ، وهو أصح الأقوال ، لكن القنطار على هذا يختلف باختلاف البلاد في قدر الأوقية ، وقال ابن عباس والضحاك بن مزاحم والحسن بن أبي الحسن : القنطار ألف ومائتا مثقال{[2993]} ، وروى الحسن ذلك مرفوعاً عن النبي عليه السلام ، قال الضحاك وهو من { الفضة } ألف ومائتا مثقال ، وروي عن ابن عباس أنه قال : القنطار من { الفضة } اثنا عشر ألف درهم ، ومن { الذهب } ألف دينار ، وروي بذلك عن الحسن والضحاك وقال سعيد بن المسيب : القنطار ثمانون ألفاً ، وقال قتادة : القنطار مائة رطل من { الذهب } أو ثمانون ألف درهم من { الفضة } ، وقال السدي : القنطار ثمانيه آلاف مثقال وهي{[2994]} مائة رطل ، وقال مجاهد القنطار سبعون ألف دينار ، وروي ذلك عن ابن عمر ، وقال أبو نضرة{[2995]} : القنطار ملء مسك ثور ذهباً .

قال ابن سيده : هكذا هو بالسريانية ، وقال الربيع بن أنس : القنطار المال الكثير بعضه على بعض ، وحكى النقاش عن ابن الكلبي ، أن القنطار بلغة الروم ملء مسك ثور ذهباً{[2996]} ، وقال النقاش : { القناطير } ثلاثة ، { والمقنطرة } تسعة لأنه جمع الجمع ، وهذا ضعف نظر وكلام غير صحيح ، وقد حكى مكي نحوه عن ابن كيسان أنه قال : لا تكون { المقنطرة } أقل من تسعة وحكى المهدوي عنه وعن الفراء ، لا تكون { المقنطرة } أكثر من تسعة ، وهذا كله تحكم .

قال أبو هريرة : القنطار اثنا عشر ألف أوقية ، وحكى مكي قولاً إن القنطار أربعون أوقية ذهباً أو فضة ، وقاله ابن سيده في المحكم ، وقال : القنطار بلغة بربر ألف مثقال ، وروى أنس بن مالك عن النبي عليه السلام في تفسير قوله تعالى : { وآتيتم إحداهن قنطاراً }{[2997]} قال ألف دينار{[2998]} ذكره الطبري ، وحكى الزجاج أنه قيل : إن القنطار هو رطل ذهباً أوفضة وأظنها وهماً ، وإن القول مائة رطل فسقطت مائة للناقل ، والقنطار إنما هو اسم المعيار الذي يوزن به ، كما هو الرطل والربع ، ويقال لما بلغ ذلك الوزن هذا قنطار أي يعدل القنطار ، والعرب تقول : قنطر الرجل إذا بلغ ماله أن يوزن بالقنطار ، وقال الزجاج : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وأحكامه والقنطرة المعقودة نحوه ، فكأن القنطار عقدة مال .

واختلف الناس في معنى قوله : { المقنطرة } فقال الطبري : معناه المضعفة ، وكأن { القناطير } ثلاثة و { المقنطرة } تسع ، وقد تقدم ذكر هذا النظر ، وقال الربيع : معناه المال الكثير بعضه فوق بعض ، وقال السدي : معنى { المقنطرة } ، المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم ، وقال مكي : { المقنطرة } المكملة{[2999]} ، والذي أقول : إنها إشارة إلى حضور المال وكونه عتيداً ، فذلك أشهى{[3000]} في أمره وذلك أنك تقول في رجل غني من الحيوان والأملاك : فلان صاحب قناطير مال أي لو قومت أملاكه لاجتمع من ذلك ما يعدل قناطير ، وتقول في صاحب المال الحاضر العتيد هو صاحب قناطير مقنطرة أي قد حصلت كذلك بالفعل بها ، أي قنطرت فهي مقنطرة ، وذلك أشهى للنفوس وأقرب للانتفاع وبلوغ الآمال . وقد قال مروان بن الحكم ، ما المال إلا ما حازته العياب{[3001]} ، وإذا كان هذا فسواء كان المال مسكوكاً ، أو غير مسكوك ، أما أن المسكوك أشهى لما ذكرناه ، ولكن لا تعطي ذلك لفظة { المقنطرة } .

{ والخيل } : جمع خائل عند أبي عبيدة ، سمي الفرس لأنه يختال في مشيه{[3002]} فهو كطائر وطير ، وقال غيره : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه{[3003]} ، واختلف المفسرون في معنى { المسومة } فقال سعيد بن جبير وابن عباس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى{[3004]} والحسن والربيع ومجاهد ، معناه الراعية في المروج والمسارح تقول : سامت الدابة أو الشاة إذا سرحت وأخذت سومها من الرعي أي غاية جهدها ولم تقصر عن حال دون حال ، وأسمتها أنا إذا تركتها لذلك ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «في سائمة الغنم الزكاة »{[3005]} ومنه قوله عز وجل : { فيه تسيمون }{[3006]} وروي عن مجاهد أنه قال : { المسومة } معناه المطهمة الحسان ، وقاله عكرمة ، سومها الحسن ، وروي عن ابن عباس أنه قال : { المسومة } معناه المعلمة ، شيات{[3007]} الخيل في وجوهها وقاله قتادة{[3008]} ، ويشهد لهذا القول بيت لبيد{[3009]} : [ الكامل ]

وَغَدَاةَ قاعِ الْقرْنَتينِ أتيْنَهُمْ . . . زُجْلاً يلوحُ خِلالها التَّسْوِيمُ{[3010]}

وأما قول النابغة{[3011]} : [ الوافر ] :

بسمرٍ كَالْقِداحِ مُسَوَّمَاتٍ . . . عَلَيْهَا مَعْشَرٌ أَشْبَاهُ جنِّ{[3012]}

فيحتمل أن يريد المطهمة الحسان ، ويحتمل أن يريد المعلمة بالشيات ويحتمل أن يريد المعدة ، وقد فسر الناس قوله تعالى : { مسومة عند ربك }{[3013]} بمعنى معدة ، وقال ابن زيد في قوله تعالى : { والخيل المسومة } معناه : المعدة للجهاد .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق : قوله : للجهاد ليس من تفسير اللفظة ، { والأنعام } الأصناف الأربعة : الإبل والبقر والضأن والمعز { والحرث } هنا اسم لكل ما يحرث ، وهو مصدر سمي به ، تقول : حرث الرجل إذا أثار ألأرض لمعنى الفلاحة فيقع اسم الحرث على زرع الحبوب وعلى الجنات وغير ذلك من أنواع الفلاحة . وقوله تعالى : { إذ يحكمان في الحرث }{[3014]} قال جمهور المفسرين ، كان كرماً ، والمتاع ما يستمتع به وينتفع مدة ما منحصرة ، و { المآب } المرجع ، تقول : آب الرجل يؤوب ، ومنه قول الشاعر{[3015]} : [ الوافر ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** رضيتُ من الْغَنِيمَةِ بالإيَابِ

وقول الآخر [ بشر بن أبي حازم ] : [ الوافر ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** إذا ما القَارِظُ العنَزِيّ آبا{[3016]}

وقول عبيد : [ مخلع البسيط ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وَغَائِبُ الموتِ لا يؤوبُ{[3017]}

وأصل مآب مأوب ، نقلت حركة الواو إلى الهمزة وأبدل من الواو ألف ، مثل مقال ، فمعنى الآية تقليل أمر الدنيا وتحقيرها ، والترغيب في حسن المرجع إلى الله تعالى في الآخرة ، وفي قوله : { زين للناس } تحسر ما على نحو ما في قول النبي عليه السلام : تتزوج المرأة لأربع -الحديث{[3018]}- وقوله تعالى : { قل أؤنبئكم } [ آل عمران : 15 ] بمثابة قول النبي عليه السلام : «فاظفر بذات الدين » .


[2989]:- قال الزمخشري: الله سبحانه وتعالى هو المزين للابتلاء، كقوله تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها}، وقراءة: (زيّن) على البناء للفاعل تؤيد هذا المعنى لأن نسق الكلام قبلها ينسب الأفعال إلى الله في قوله: {والله يؤيد..}.
[2990]:- مردٍ: مهلك.
[2991]:- أخرجه الإمام أحمد ومسلم والترمذي (عن أنس)، وأخرجه مسلم (عن أبي هريرة)، كما أخرجه الإمام أحمد في الزهد عن ابن مسعود موقوفا، (الجامع الصغير 1/507).
[2992]:- أخرجه ابن جرير (عن أبي بن كعب)، وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي (عن معاذ بن جبل)، وأخرجه ابن جرير (عن ابن عمر)، وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي (عن أبي هريرة)، وأخرجه ابن جرير البيهقي (عن ابن عباس)، (فتح القدير 1/294)، وذكره ابن كثير ثم قال: "وهذا حديث منكر أيضا".
[2993]:- انظر تفسير الطبري 3/ 200، والبغوي على هامش الخازن 1/374
[2994]:- في بعض النسخ: وهو.
[2995]:- هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، روى عن علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري، وأنس، وجابر، وغيرهم، وروى عنه سليمان التيمي، وحميد الطويل، وعاصم الأحول، وقتادة، وآخرون، ثقة، كثير الحديث، توفي سنة: 108هـ (تهذيب التهذيب10/302).
[2996]:-أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن أبي سعيد الخدري. (فتح القدير للشوكاني.1/294) والمسك (بفتح الميم وسكون السين) هو: الجلد-وجمعه: مسوك ومسك.
[2997]:- من الآية 20 من سورة النساء.
[2998]:- أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس (فتح القدير: 1/294)، وفي ابن كثير: رواه ابن أبي حاتم عن أنس بلفظ "قنطار يعني ألف دينار" قال: وهكذا رواه الطبراني (تفسير ابن كثير1/352).
[2999]:- هو كما تقول: بدرة مبدّرة وألف مؤلفة، وهذا أيضا قول ابن قتيبة.
[3000]:- في بعض النسخ: أشهر.
[3001]:- العياب: جمع عيبة وهي وعاء تحفظ فيه الثياب والمتاع، وقد قال الشاعر: يمرون بالدهنا خفافا عيابهم ويرجعن من دارين بجر الحقائب.
[3002]:- في بعض النسخ: مشيته.
[3003]:- ذهب ابن كثير إلى أن حبّ الخيل يكون إما استعدادا للغزو، أو رغبة في الفخر والتباهي، أو للتعفف واقتناء النسل.
[3004]:- كوفي مولى خزاعة، روى عن أبيه، وروى عنه الأجلح الكندي وأسلم المنقري وسلمة بن كهيل ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وثقه ابن حبان. (تهذيب التهذيب 5/290)
[3005]:-أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الزكاة، صدقة الماشية: 2/112.
[3006]:- من الآية (10) من سورة النحل.
[3007]:- شيات: جمع شية، وهي العلامة، سواد في بياض أو بياض في سواد، وكل ما خالف اللون في جميع الجسد في الدواب، وشية الفرس: لونه.
[3008]:- زيادة من بعض النسخ.
[3009]:- البيت في ديوانه: 133.
[3010]:- القاع: الأرض المستوية؛ قاع القرنتين: موضع كانت فيه وقعة بين كنانة وغطفان، والنون في (أتينهم) ضمير الخيل، وزجلا: جماعات، والتسويم: الإعلام بعلامة تعرف بها في الحرب.
[3011]:- البيت في ديوانه: 128 (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم).
[3012]:- سمر: صفة للخيل، ويروى: بضمر، أي خيل ضامرة، شبهها في ضمورها بقداح المسير، وشبه الفرسان بالجن لشدة صولتهم وخفتهم في الحرب على الخيل.
[3013]:- من الآية (34) من سورة الذاريات.
[3014]:- من الآية (78) من سورة الأنبياء.
[3015]:- هو امرؤ القيس، وهذا الذي أورده هو عجز البيت، وصدره. وقد طوفت في الآفاق حتى ........................... وقد جرى قوله: رضيت ...الخ" مجرى المثل، يضرب عند القناعة بالسلامة لمن سعى في شيء ولم يبلغه، أو لمن يشقى في طلب الحاجة ثم يرضى بالخلاص سالما.
[3016]:- هذا عجز بيت لبشر بن أبي حازم، وصدره: فرجي الخير وانتظري إيابي. والقارظ: الذي يجمع ورق السلم للدباغ، وفي أوبة القارظين يضرب المثل، وهما رجلان خرجا يجمعان القرظ ولم يعودا، (انظر فصل المقال: 374، والميداني:1/142، وجمهرة العسكري 1/123).
[3017]:- هذا عجز بيت لعدي بن الأبرص الشاعر الجاهلي، وصدره: وكل ذي غيبة يئوب.
[3018]:-أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، عن أبي هريرة (الجامع الصغير1/132 ط. دار الكتب العلمية، بيروت).