فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (115)

والمشرق : موضع الشروق . والمغرب : موضع الغروب ، أي : هما ملك لله ، وما بينهما من الجهات ، والمخلوقات ، فيشمل الأرض كلها .

وقوله : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا } أي : أيّ جهة تستقبلونها ، فهناك وجه الله ، أي : المكان الذي يرتضى لكم استقباله ، وذلك يكون عند التباس جهة القبلة التي أمرنا بالتوجه إليها بقوله سبحانه : { فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [ البقرة : 150 ] قال في الكشاف : والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام ، أو : في بيت المقدس ، فقد جعلت لكم الأرض مسجداً ، فصلوا في أيّ بقعة شئتم من بقاعها ، وافعلوا التولية فيها ، فإن التولية ممكنة في كل مكان ، لا تختص أماكنها في مسجد دون مسجد ، ولا في مكان دون مكان . انتهى . وهذا التخصيص لا وجه له ، فإن اللفظ أوسع منه .

وإن كان المقصود به بيان السبب ، فلا بأس . وقوله : { إِنَّ الله واسع عَلِيمٌ } فيه إرشاد إلى سعة رحمته . وأنه يوسع على عباده في دينهم ، ولا يكلفهم ما ليس في وسعهم . وقيل : واسع بمعنى أنه يسع علمه كل شيء كما قال : { وَسِعَ كُلَّ شَىْء عِلْماً } [ طه : 98 ] ، وقال الفراء : الواسع الجواد الذي يسع عطاؤه كل شيء .

/خ115