التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (115)

قوله تعالى{ ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله }

القول الأول : أن الآية منسوخة : قال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا حجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قال : وأما ما نسخ من القرآن شأن القبلة ، قال الله تبارك وتعالى { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله }قال : فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ، ثم صرفه الله تبارك وتعالى إلى البيت العتيق وقال{ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه } .

( الناسخ والمنسوخ رقم21 ص146 ) . وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الحسن بن محمد بن الصباح عن حجاج بن محمد به . وأخرجه الحاكم

( المستدرك2/268 ، 267 )من طريق ابن جريج به وصححه ووافقه الذهبي . وهو كما قالا ، وعثمان هو ابن عطاء : ضعيف ولا يضر إذ هو مقرون بابن جريج . وعطاء هو : الخراساني حيث صرح ابن الجوزي بذلك فأخرجه من طريق أحمد بن حنبل عن حجاج بن محمد قال : أنبأ ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس بلفظه( نواسخ القرآن ص 144 ) . ولعل الحاكم والذهبي صححاه على ان المقصود بعطاء : ابن أبي رباح ويؤيد ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر فقال عند عرضه لطرق ابن عباس في التفسير : ومن طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران وما عدا ذلك يكون عطاء هو الخراساني ، وهو لم يسمع من ابن عباس فيكون منقطعا إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء بن أبي رباح( العجاب في بيان الأسباب صد-9 ) . وعلى هذا تبقى المسألة محتملة فإن كان عطاء بن أبي رباح فالإسناد صحيح ، وإن كان الخراساني فالإسناد ضعيف ويقويه رواية علي بن أبي طلحة التالية .

وأخرجه الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : كان أول ما نسخ من القرآن القبلة . وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، وكان أكثر أهلها اليهود ، أمره الله عز وجل ان يستقبل بيت المقدس . ففرحت اليهود . فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام ، فكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنزل الله تبارك وتعالى { قد نرى تقلب وجهك في السماء }إلى قوله{ فولوا وجوهكم شطره }سورة البقرة : 144 ، فارتاب من ذلك اليهود وقالوا : { ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها }فأنزل الله عز وجل{ قل لله المشرق والمغرب }وقال{ أينما تولوا فثم وجه الله }سورة البقرة : 142 .

وأخرج الإمام احمد ( انظر نواسخ القرآن ص145 ) ، والطبري بأسانيد حسنة عن قتادة بنحوه .

القول الثاني : أنها محكمة وتفسيرها في صلاة السفر تطوعا .

أخرج مسلم بسنده عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه قال : وفيه نزلت{ فأينما تولوا فثم وجه الله } .

( الصحيح رقم33-الصلاة ، ب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت ) .

القول الثالث : أنها محكمة وتفسيرها استقبال الكعبة .

قال الطبري : أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، والنضر بن عربي ، عن مجاهد في قول الله عز وجل{ فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله }قال : قبلة الله ، فأينما كنت من شرق او غرب فاستقبلها .

ورجاله ثقات إلا أبا سنان وهو سعيد بن سنان الرجمي معروف برواية وكيع عنه . ( انظر تهذيب التهذيب4/45 )وهو صدوق له أوهام وباقي رجاله ثقات وأخرجه الطبري عن ابن جريج عن مجاهد ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق إبراهيم بن أبي بكر عن مجاهد .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان الكلابي عن نضر بن العربي عن عكرمة عن ابن عباس{ فأينما تولوا فثم وجه الله }قبلة الله أينما توجهت شرقا او غربا .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح .