معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة النساء مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة

قوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } يعني : آدم عليه السلام قوله تعالى : { وخلق منها زوجها } يعني : حواء ، قوله تعالى : { وبث منهما } ، نشر وأظهر ، قوله تعالى : { رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به } أي : تتساءلون به ، وقرأ أهل الكوفة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين ، كقوله تعالى : { ولا تعاونوا } . قوله تعالى{ والأرحام } . قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة بالخفض ، أي : به وبالأرحام ، كما يقال : " سألتك بالله والأرحام " والقراءة الأولى أفصح لأن العرب لا تكاد تنسق بظاهر على مكنى إلا أن بعد أن تعيد الخافض فتقول : مررت به وبزيد ، إلا أنه جائز مع قلته . قوله تعالى { إن الله كان عليكم رقيبا } . أي : حافظاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النساء وهي مدنية

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }

افتتح تعالى هذه السورة بالأمر بتقواه ، والحث على عبادته ، والأمر بصلة الأرحام ، والحث على ذلك .

وبيَّن السبب الداعي الموجب لكل من ذلك ، وأن الموجب لتقواه لأنه { رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ } ورزقكم ، ورباكم بنعمه العظيمة ، التي من جملتها خلقكم { مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ليناسبها ، فيسكن إليها ، وتتم بذلك النعمة ، ويحصل به السرور ، وكذلك من الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به وتعظيمكم ، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم ، توسلتم بها بالسؤال بالله . فيقول من يريد ذلك لغيره : أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني ؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي أن لا يرد من سأله بالله ، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه .

وكذلك الإخبار بأنه رقيب ، أي : مطلع على العباد في حال حركاتهم وسكونهم ، وسرهم وعلنهم ، وجميع أحوالهم ، مراقبا لهم فيها مما يوجب مراقبته ، وشدة الحياء منه ، بلزوم تقواه .

وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة ، وأنه بثهم في أقطار الأرض ، مع رجوعهم إلى أصل واحد -ليعطف بعضهم على بعض ، ويرقق بعضهم على بعض . وقرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها ، ليؤكد هذا الحق ، وأنه كما يلزم القيام بحق الله ، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق ، خصوصا الأقربين منهم ، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به .

وتأمل كيف افتتح هذه السورة بالأمر بالتقوى ، وصلة الأرحام والأزواج عموما ، ثم بعد ذلك فصل هذه الأمور أتم تفصيل ، من أول السورة إلى آخرها . فكأنها مبنية على هذه الأمور المذكورة ، مفصلة لما أجمل منها ، موضحة لما أبهم .

وفي قوله : { وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا } تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به ، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج ، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال ، وأقرب{[182]}  علاقة .


[182]:- في ب: وأوثق.