مدنية إلا آية واحدة ، نزلت بمكة عام الفتح ، وهي { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها }[ النساء :58 ] الآية ، وفي البخاري ( عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ) تعني قد بنى بها .
قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ }[ النساء :1 ] .
في الآية تنبيهٌ على الصانع ، وعلى افتتاحِ الوجودِ ، وفيها حضٌّ على التواصل لحرمةِ هذا النَّسَب ، والمرادُ بالنَّفْس : آدم صلى الله عليه وسلم ، وقال : { واحدة } على تأنيثِ لفظ النَّفْس ، و( زَوجَهَا ) ، يعني : حَوَّاء ، قال ابن عَبَّاس وغيره : خَلَق اللَّه آدم وَحِشاً في الجنة وحده ، ثم نام ، فانتزع اللَّهُ إحدى أضلاعه القصيرى مِنْ شِمَاله ، وقيل : مِنْ يمينه ، فَخَلَقَ منها حَوَّاء ، ويَعْضُدُ هذا الحديثُ الصحيح في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ . . . ) الحديث ، { وَبَثَّ } معناه : نَشَرَ ، كقوله تعالى : { كالفراش المبثوث } ]القارعة : 4 ] أي : المنتشر ، وفي تكرير الأمر بالتقوى ، تأكيدٌ لنفوس المأمورِينَ ، و{ تَسَاءَلُونَ } : معْنَاه : تتعاطَفُون به ، فيقول أحدكم : أسألكَ باللَّه ، وقوله : { والأرحام } ، أي : واتقوا الأرحَامَ ، وقرأ حمزةُ و( الأَرْحَامِ ) بالخفض ، عطفًا على الضميرِ ، كقولهم : أسألك باللَّه ، وبالرَّحِمِ ، قاله مجاهد ، وغيره .
قال ( ع ) : وهذه القراءةُ عند نحاة البَصْرة لا تَجُوز ، لأنه لا يجوزُ عندهم أنْ يعطف ظَاهِرٌ على مضمرٍ مخفوضٍ إلا في ضرورة الشِّعْرِ ، كقوله : [ البسيط ]
فاذهب فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ***
لأن الضميرَ المخفوضَ لا ينفصلُ ، فهو كحرف من الكلمة ، ولا يعطف على حرفٍ ، واستسهلَ بعضُ النحاة هذه القراءة . انتهى كلام ( ع ) .
قال ( ص ) : والصحيحُ جوازُ العَطْف على الضميرِ المجرورِ من غير إعادة الجَارِّ ، كمذهب الكوفيِّين ، ولا تُرَدُّ القراءة المتواترةُ بمثل مذهب البصريِّين ، قال : وقد أمعنَّا بالكلامَ عليه في قوله تعالى : { وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام } ]البقرة : 217 ] ، انتهى . وهو حسنٌ ، ونحوه للإمام الفَخْر .
وفي قوله تعالى : { إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }[ النساء :1 ] ضرْبٌ من الوعيدِ ، قال المُحَاسِبِيُّ : سألتُ أبا جَعْفَرٍ محمدَ بْنَ موسى ، فقلْتُ : أجمل حالاتِ العارفين ما هِيَ ؟ فقال : إن الحال التي تَجْمَعُ لك الحالاتِ المَحْمُودةَ كلَّها في حالةٍ واحدةٍ هي المراقبةُ ، فَألْزِمْ نفْسَكَ ، وقَلْبَكَ دَوَامَ العِلْمِ بنَظَرِ اللَّه إليك ، في حركَتِك وسكونِكِ ، وجميعِ أحوالِكِ ، فإنَّك بعَيْنِ اللَّهِ ( عزَّ وجلَّ ) في جميعِ تقلُّباتك ، وإنَّك في قبضته ، حيث كُنْتَ ، وإنَّ عين اللَّه على قلبك ، ونَاظِرٌ إلى سِرِّك وعلانيتِكَ ، فهذه الصفةُ ، يا فتى بحْرٌ ليس له شطٌّ ، بَحْر تجري منْه السواقِي والأنهارُ ، وتسيرُ فيه السُّفُن إلى معادِنِ الغنيمةِ ، انتهى من كتاب «القصد إلى اللَّه سبحانه » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.