الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة النساء مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة أخرج ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة النساء بالمدينة .

وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة النساء .

وأخرج البخاري عن عائشة قالت : ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده .

وأخرج أحمد وابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أخذ السبع فهو حبر " .

وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت مكان التوراة السبع الطول والمئين ، كل سورة بلغت مائة فصاعدا . والمثاني كل سورة دون المئين ، وفوق المفصل " .

وأخرج أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أنس قال : وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبين : قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال .

وأخرج أحمد عن حذيفة قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات .

وأخرج عبد الرزاق عن بعض أهل النبي صلى الله عليه وسلم أنه بات معه فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فقضى حاجته ، ثم جاء القربة فاستكب ماء فغسل كفيه ثلاثا ، ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة .

وأخرج الحاكم عن أبي مليكة ، سمع ابن عباس يقول : سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض . والله أعلم .

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { خلقكم من نفس واحدة } قال : من آدم { وخلق منها زوجها } قال : خلق حواء من قصيراء أضلاعه .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { خلقكم من نفس واحدة } قال : آدم { وخلق منها زوجها } قال : حواء من قصيراء آدم وهو نائم فاستيقظ فقال : أأنا . . ؟ ! بالنبطية امرأة .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمرو قال خلقت حواء من خلف آدم الأيسر ، وخلقت امرأة إبليس من خلفه الأيسر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك { وخلق منها زوجها } قال : خلق حواء من آدم من ضلع الخلف وهو أسفل الأضلاع .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجال ، فاحبسوا نساءكم . وخلق الرجل من الأرض ، فجعل نهمته في الأرض .

قوله تعالى : { وبث منهما رجالا } الآية .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : ولد لآدم أربعون ولدا : عشرون غلاما ، وعشرون جارية .

وأخرج ابن عساكر عن أرطاة بن المنذر قال : بلغني أن حواء حملت بشيث حتى نبتت أسنانه ، وكانت تنظر إلى وجهه من صفاء في بطنها ، وهو الثالث من ولد آدم ، وإنه لما حضرها الطلق أخذها عليه شدة شديدة ، فلما وضعته أخذته الملائكة ، فمكث معها أربعين يوما ، فعلموه الرمز ثم رد إليها .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { واتقوا الله الذي تساءلون به } قال : تعاطون به .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية يقول : اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { تساءلون به والأرحام } قال : يقول : أسألك بالله وبالرحم .

وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله والرحم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم { تساءلون به والأرحام } خفض . قال : هو قول الرجل : أسألك بالله وبالرحم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن . أنه تلا هذه الآية قال : إذا سئلت بالله فأعطه ، وإذا سئلت بالرحم فأعطه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الأرحام وصلوها .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله { الذي تساءلون به والأرحام } قال : قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : صلوا أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا ، وخير لكم في آخرتكم " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اتقوا الله وصلوا الأرحام . فإنه أبقى لكم في الدنيا ، وخير لكم في الآخرة " .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله وصلوا الأرحام " .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك أن ابن عباس كان يقرأ { والأرحام } يقول : اتقوا الله لا تقطعوها .

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس : اتقوا الأرحام .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد { الذي تساءلون به والأرحام } قال : اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، نصب الأرحام .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله { والأرحام } قال : اتقوا الأرحام أن تقطعوها .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد { إن الله كان عليكم رقيبا } قال : حفيظا .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : رقيبا على أعمالكم ، يعلمها ويعرفها .

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الصلاة وخطبة الحاجة . فأما خطبة الصلاة فالتشهد . وأما خطبة الحاجة فإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . ثم يقرأ ثلاث آيات من كتاب الله ( اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( آل عمران الآية 102 ) { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ( اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ) ( الأحزاب الآية 70 ) ثم تعمد حاجتك .