الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

أخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : نزلت سورة الحج بالمدينة .

وأخرج ابن مردويه ، عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الحج .

وأخرج ابن المنذر ، عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن الحج ، غير أربع آيات مكيات { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } [ الحج : 52 – 55 ] إلى { عذاب يوم عقيم } [ الحج : 52 -55 ] .

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في سننه وابن مردويه ، عن عقبة بن عامر قال : قلت يا رسول الله ، أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال : «نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما » .

وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي ، عن خالد بن معدان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين » .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والإسماعيلي وابن مردويه والبيهقي ، عن عمر أنه : كان يسجد سجدتين في الحج قال : إن هذه السورة فضلت على سائر السورة بسجدتين .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن علي وأبي الدرداء : أنهما سجدا في الحج سجدتين .

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية ، عن ابن عباس قال : في سورة الحج سجدتان .

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي ، عن ابن عباس قال : في الحج سجدة واحدة .

وأخرج ابن شيبة ، عن إبراهيم قال : ليس في الحج إلا سجدة واحدة ؛ وهي الأولى والله أعلم .

أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه ، والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق ، عن الحسن وغيره ، عن عمران بن حصين قال : لما نزلت { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } إلى قوله : { ولكن عذاب الله شديد } أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال : «أتدرون أي يوم ذلك » ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ! قال : «ذلك يوم يقول الله لآدم : ابعث بعث النار . قال : يا رب ، وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ، وواحداً إلى الجنة » فانشأ المسلمون يبكون . فقال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - «قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوّة قط ، إلا كان بين يديها جاهلية ، فتؤخذ العدة من الجاهلية ، فإن تمت ، وإلا أكملت من المنافقين ، وما مثلكم : إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة ، أو كالشامة في جنب البعير » ثم قال : «إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة » فكبروا ! ثم قال : «إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة » فكبروا ! ثم قال : «إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة » فكبروا ! قال : فلا أدري قال الثلثين أم لا » .

وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن مردويه ، عن عمران بن حصين قال : «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فتفاوت بين أصحابه في السير ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته بهاتين الآيتين { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } إلى قوله { إن عذاب الله شديد } فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي ، وعرفوا أنه عند قول يقوله ، فقال : «هل تدرون أي يوم ذلك ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : «ذلك يوم ينادي الله تعالى فيه آدم عليه السلام فيقول : يا آدم ابعث بعث النار ، فيقول أي رب ، وما بعث النار ؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد في الجنة » فتعبس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة ! فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بأصحابه قال : «اعملوا وابشروا ، فوالذي نفس محمد بيده ، أنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا أكثرتاه ؛ يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم ومن بني إبليس » فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال «اعملوا وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة » .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل عن غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة ، قرأ { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } فذكر نحوه ، إلا أنه زاد فيه : «لم يكن رسولان إلا أن كان بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار ، وإنكم بين ظهراني خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثرتاه ، وهم يأجوج ومأجوج وهم أهل النار ، وتكمل العدة من المنافقين » .

وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن أنس قال : «نزلت { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } إلى قوله { ولكن عذاب الله شديد } على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له ، فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ هذا يوم يقول الله لآدم : «يا آدم ، قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، فكَبُر ذلك على المسلمين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا وابشروا ، فوالذي نفس محمد بيده ، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير ، أو كالرقمة في ذراع الدابة ، وإن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا أكثرتاه : يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الإنس والجن » .

وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية - وأصحابه عنده - { يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم } فقال :«هل تدرون أي يوم ذاك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذاك يوم يقول الله يا آدم ، قم فابعث بعث النار . فيقول : يا رب ، من كم ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحداً إلى الجنة . فشق ذلك على القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ، ثم قال : اعملوا وأبشروا ، فإنكم بين خليقتين لم تكونا مع أحد إلا أكثرتاه : يأجوج ومأجوج ، وإنما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة ، وإنما أمتي جزء من ألف جزء » .

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره في غزوة بني المصطلق ، إذ أنزل الله { يا أيها الناس اتقوا ربكم } إلى قوله { ولكن عذاب الله شديد } فلما أنزلت عليه وقف على ناقته ثم رفع بها صوته فتلاها على أصحابه ، ثم قال لهم : أتدرون أي يوم ذاك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذاك يوم يقول الله لآدم : يا آدم ، ابعث بعث النار من ولدك . فيقول : يا رب ، من كل كم ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحداً إلى الجنة . فبكى المسلمون بكاء شديداً ودخل عليهم أمر شديد . فقال : والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الشاة السوداء ، وإني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ، بل أرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة » .

وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له . . . فذكر نحوه .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم «يقول الله يوم القيامة : يا آدم ، ابعث بعث النار . فيقول : يا رب ، وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون . فعند ذلك يشيب الوليد { وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } قال : فشق ذلك على الناس فقالوا : يا رسول الله ، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ويبقى الواحد ! فأينا ذلك الواحد ؟ فقال : من يأجوج ومأجوج ألف ، ومنكم واحد . . . وهل أنتم في الأمم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض ؟ أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ؟ » .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن علقمة في قوله { إن زلزلة الساعة شيء عظيم } قال : الزلزلة ، قبل الساعة .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي ، أنه قرأ { يا أيها الناس اتقوا ربكم } إلى قوله { ولكن عذاب الله شديد } قال : هذا في الدنيا من آيات الساعة .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير في الآية . قال : هذه أشياء تكون في الدنيا قبل يوم القيامة .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زلزلتها شرطها .

1