أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (143)

شرح الكلمات :

{ أمةً وسطاً } : وسط كل شيء خياره ، والمراد منه أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم وأعدلها .

{ ينقلب على عقبيه } : يرجع إلى الكفر بعد الإيمان .

{ لكبيرةً } : شاقة على النفس صعبة لا تطاق إلا بجهد كبير وهي التحويلة من قبلة مألوفة إلى قبلة حديثة .

{ إيمانكم } : صلاتكم التي صليتموها إلى بيت المقدس قبل التحول إلى الكعبة .

{ رؤوف رحيم } : يدفع الضرر عنكم ويفيض الإِحسان عليكم .

/د142

وفي الآية الثانية ( 143 ) يقول تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } خياراً عدولاً أي كما هديناكم إلى أفضل قبلة وهي الكعبة قبلة إبراهيم عليه السلام جعلناكم خير أمة وأعدلها فأهلناكم بذلك للشهادة على الأمم يوم القيامة إذا أنكروا أن رسلهم قد بلغتهم رسالات ربهم ، وأنتم لذلك لا تشهد عليكم الأمم ولكن يشهد عليكم رسولكم وفي هذا من التكريم والإِنعام ما الله به عليم ، ثم ذكر تعالى العلة في تحويل القبلة فقال : { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول } فثبت على إيمانه وطاعته وانقياده لله ولرسوله ممن يؤثر فيه نقد السفهاء فتضطرب نفسه ويجاري السفهاء فيهلك بالردة معهم . ثم أخبر تعالى أن هذه التحويلة من بيت المقدس إلى الكعبة شاقة على النفس إلا على الذين هداهم الله إلى معرفته ومعرفة محابه ومكارهه فهم لذلك لا يجدون أي صعوبة في الانتقال من طاعة إلى طاعة ومن قبلة إلى قبلة ، مادام ربهم قد أحب ذلك وأمر به .

وأخيراً طمأنهم تعالى على أجور صلاتهم التي صلوها إلى بيت المقدس وهي صلاة قرابة سبعة عشر شهراً بأنه لا يُضيعها لهم بل يجزيهم بها كاملة سواء من مات منهم وهو يصلي إلى بيت المقدس أو من حَييَ حَتَّى صلى إلى الكعبة وهذا مظهر من مظاهر رأفته تعالى بعباده ورحمته .

/ذ142