غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (143)

142

وقوله { وكذلك جعلناكم } الكاف للتشبيه ، وفي اسم الإشارة وجوه . فقيل : راجع إلى معنى يهدي أي كما أنعمنا عليكم بالهداية كذلك أنعمنا عليكم بأن جعلناكم ، أو كما هديناكم إلى أوسط البقلة جعلناكم أمة وسطاً . وقيل : عائد إلى قوله { ولقد اصطفينا }

[ البقرة : 130 ] . أي كما اصطفينا إبراهيم في الدنيا جعلناكم . وقيل : ينصرف إلى قوله { ولله المشرق والمغرب } أي كما خصصنا بعض الجهات المتساوية بمزيد التشريف والتكريم حتى صارت قبلةً فضلاً منا وإحساناً ، جعلناكم مختصين بالعدالة براً منا وامتناناً مع تساوي الخلق في العبودية . وقيل : قد يذكر ضمير الشيء وإن لم يكن المضمر مذكوراً إذا كان المضمر مشهوراً معروفاً مثل { إنا أنزلناه في ليلة القدر } ثم من المشهور المعروف عند كل أحد أنه سبحانه هو القادر على إعزاز من يشاء وإذلال من يشاء ، فالمعنى ومثل ذلك الجعل العجيب الذي لا يقدر عليه أحد غيري جعلناكم أمةً وسطاً . الجوهري : يقال جلست وسط القوم بالتسكين لأنه ظرف ، وجلست وسط الدار بالتحريك لأنه اسم ، وكل موضع صلح فيه بين فهو وسط ، وإن لم يصلح فيه بين فهو وسط بالتحريك . قال : والوسط من كل شيء أعدله ، وشيء وسط أي بين الجيد والرديء ، وأمةً وسطاً أي عدولاً قال زهير :

همو وسط يرضى الأنام بحكمهم *** إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

وذلك أن العدل متوسط في الأخلاق بين طرفي الإفراط والتفريط ، ولهذا ذكره الله تعالى في معرض المدح والامتنان . وقيل : الوسط الخيار لأنه يستعمل في الجمادات . قال في الكشاف : اكتريت بمكة جمل أعرابي فقال : أعطني من سطاتهن - أراد من خيار الدنانير - ويؤيده قوله تعالى في موضع آخر { كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس }

[ آل عمران : 110 ] وإنما أطلق الوسط على الخيار لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والعيب ، والأوساط محمية محوطة . وقيل : المراد بالوسط ههنا أنهم متوسطون في الدين بين المفرط والمفرّط والغالي والمقصر في شأن الأنبياء لا كالنصارى حيث جعلوا النبي صلّى الله عليه وسلم ابناً وإلهاً ، ولا كاليهود حيث قتلوا الأنبياء وبدلوا الكتب ، ولأن الوسط في الأصل اسم وصف به استوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث { لتكونوا شهداء على الناس } الأكثرون على أن هذه الشهادة في الآخرة إما بأن يكونوا شهداء للأنبياء على أممهم الذين يكذبونهم . روي أن الأمم يجحدون تبليغ الأنبياء يوم القيامة فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا - وهو أعلم - فيؤتى بأمة محمد فيشهدون فيقول الأمم : من أين عرفتم ؟ فيقولون : علمنا ذلك بإخبار الله في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق . فيؤتى بمحمد فيسأل عن حال أمته فيزكيهم ويشهد بعدالتهم وذلك قوله تعالى { فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء : 41 ] قلت : والحكمة في ذلك تمييز أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الفضل عن سائر الأمم حيث يبادرون إلى تصديق الله تعالى وتصديق جميع الأنبياء والإيمان بهم جميعاً ، فهم بالنسبة إلى غيرهم كالعدل بالنسبة إلى الفاسق ، ولذلك تقبل شهادتهم على الأمم ، ولا تقبل شهادة الأمم عليهم . وإنما سمي هذا الإخبار شهادة لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا علمت مثل الشمس فاشهد " . والشيء الذي أخبر الله تعالى عنه معلوم مثل الشمس فتصح الشهادة عليه ، وإما بأنْ يشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا الحق فيها . قال ابن زيد : الأشهاد أربعة : الملائكة الحفظة { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [ ق : 21 ] والنبيون { ويكون الرسول عليكم شهيد } وأمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة { لتكونوا شهداء على الناس } { ويوم يقوم الأشهاد } [ غافر : 51 ] والجوارح { يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم وأرجلهم } [ النور : 24 ] . وقيل : إن هذه الشهادة في الدنيا ، وذلك أن الشاهد في عرف الشرع من يخبر عن حقوق الناس بألفاظ مخصوصة على جهات مخصوصة ، فكل من عرف حال شخص فله أن يشهد عليه فإن الشهادة خبر قاطع ، وشهادة الأمة لا يجوز أن تكون موقوفة على الآخرة لأن عدالتهم في الدنيا ثابتة بدليل { جعلناكم } بلفظ الماضي ، فلا أقل من حصولها في الحال . ثم رتب كونهم شهداء على عدالتهم ، فيجب أن يكونوا شهداء في الدنيا . وإن قيل : لعل التحمل في الدنيا ولكن الأداء في الآخرة . قلنا : المراد في الآية الأداء لأن العدالة إنما تعتبر في الأداء لا في التحمل ، ومن هنا يعلم أن إجماعهم حجة لا بمعنى أن كل واحدٍ منهم محق في نفسه ، بل بمعنى أن هيئتهم الاجتماعية تقتضي كونهم محقين ، وهذا من خواص هذه الأمة ، ثم لا يبعد أن يحصل مع ذلك لهم الشهادة في الآخرة فيجري الواقع منهم في الدنيا مجرى التحمل لأنهم إذا بينوا الحق عرفوا عنده من القابل ومن الراد ، ثم يشهدون بذلك يوم القيامة كما أن الشاهد على العقود يعرف ما الذي تم وما الذي لم يتم ثم يشهد بذلك عند الحاكم ، أو يكون المعنى لتكونوا شهداء على الناس في الدنيا فيما لا يصح إلاّ بشهادة العدول الأخيار ، ويكون الرسول عليكم شهيداً يزكيكم ويعلم بعدالتكم . وإنما قدمت صلة الشهادة في الثاني لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم فقط ، فبقيت صلة الشهادة في مركزها . والغرض في الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيداً عليهم فأزيلت عن مركزها ليفيد الاختصاص . وإنما لم يقل لكم شهيداً مع أن شهادته لهم لا عليهم ، لأنه ضمن معنى الرقيب مثل { والله على كل شيءٍ شهيد } [ المجادلة : 6 ] مع رعاية الطباق للأول . وإنما قيل " شهداء على الناس في الدنيا " لأن قولهم يقتضي التكليف إما بفعل أو بقول وذلك عليهم لا لهم في الحال .

قيل : الآية متروكة الظاهر لأن وصف الأمة بالعدالة يقتضي اتصاف كل واحدٍ منهم بها وليس كذلك ، فلابد من حملها على البعض . فنحن نحملها على الأئمة المعصومين سلمناه لكن الخطاب في { جعلناكم } للموجودين عند نزول الآية لأن خطاب من لم يوجد محال . فالآية تدل على أن إجماع أولئك حق لكنا لا نعلم بقاء جميعهم بأعيانهم إلى ما بعد وفاة الرسول فلا تثبت صحة الإجماع وقتئذ . سلمنا ذلك لكن المراد بالعدالة اجتناب الكبائر فقط ، فيحتمل أن الذي أجمعوا عليه وإن كان خطأ لكنه من الصغائر فلا يقْدح ذلك في خيريتهم وعدالتهم . وأجيب بأن حال الشخص في نفسه غير حاله بالقياس إلى غيره ، فلم يجوز أن يكون الشخص غير مقبول القول عند الانفراد ويكون مقبولاً عند الاجتماع ؟ والخطاب لجميع الأمة من حين نزول الآية إلى قيام الساعة كما في سائر التكاليف مثل { كتب عليكم الصيام كما } [ البقرة : 183 ]

{ كتب عليكم القصاص } [ البقرة : 178 ] فللموجودين بالذات وللباقين بالتبعية ، لكنا لو اعتبرنا أوّل الأمة وآخرها بأسرها لزالت فائدة الآية إذا لم يبق بعد انقضائها من تكون الآية حجة عليه ، فعلمنا أن المراد به أهل كل عصر . ثم إن الله تعالى منّ على هذه الأمة بأن جعلهم خياراً أو عدولاً عند الاجتماع ، فلو أمكن اجتماعهم على الخطأ لم يبق بينهم وبين سائر الأمم فرق في ذلك فلا منة . { وما جعلنا } يريد الجعل بمعنى الشرع والحكم . { التي } صفة موصوف محذوف هو ثاني مفعولي " جعل " أي وما جعلنا القبلة أي الجهة التي كنت عليها أي كنت معتقداً لاستقبالها كقولك " الشافعي على كذا " ثم ههنا وجهان : أحدهما أن هذا الكلام بيان للحكمة في جعل الكعبة قبلة وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة إلى الكعبة ثم أمر بالصلاة إلى بيت المقدس بعد الهجرة تألفاً لليهود وامتحاناً للذلن اتّبعوه بمكة ، ثم حول إلى الكعبة اختباراً ثانياً أي ما رددناك إلى الجهة التي كنت عليها أولاً إلا امتحاناً للناس وابتلاء وثانيهما أنه بيان للحكمة في جعل بيت المقدس قبلة ، يعني أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة وأن استقبالك بيت المقدس كان أمراً عارضاً لفائدة هي أن نمتحن الناس وننظر من يتبع الرسول ومن لا يتبعه . واللام في { لنعلم } ليست لأجل الغرض وإنما هي لتقرير الحكمة والفائدة التي يستتبعها الجعل . فإن قيل : كيف ؟ قال { لنعلم } ولم يزل عالماً بذلك ؟ فالجواب أن معناه ليعلم حزبنا من النبي والمؤمنين كما يقول الملك : فتحنا البلد . وإنما فتحه جنده أو لنعلمه موجوداً حاصلاً وهو العلم الذي يتعلق به الجزاء . ولا يلزم منه أن يحدث لله علم فإن العلم الأزلي بالحادث الفلاني في الوقت الفلاني غير متغير ، وإنما هو قبل حدوث الحادث كهو حال حدوثه . وإنما جاء المضي والاستقبال من ضرورة كون الحادث زمانياً وكون كل زمان مكنوفاً بزمانين : سابق ولاحق . فإذا نسبت العلم الأزلي إلى الزمان السابق قلت " سيعلم الله " وإذا نسبت إلى زمانه قلت " يعلم " وإذا نسبت إلى الزمان اللاحق قلت " قد علم " فجميع هذه التغيرات انبعثت من اعتباراتك ، وعلم الله واحد فافهم . أو لنميز التابع من الناكص كقوله { ليميز الله الخبيث من الطيب } [ الأنفال : 37 ] فسمي التمييز علماً لأنه أحد فوائد العلم وثمراته ، أو لنرى كما تستعمل الرؤية مكان العلم . وعن الفراء : أن حدوث العلم في الآية راجع إلى المخاطبين ومثاله : أن جاهلاً وعاقلاً اجتمعا فيقول الجاهل : الحطب يحرق النار . ويقول العاقل : بل النار تحرق الحطب ، وسنجمع بينهما لنعلم أيهما يحرق صاحبه ، معناه لنعلم أينا الجاهل . وهذا من كلام المصنف مثل

{ وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } [ سبأ : 24 ] وقوله { ممن ينقلب على عقبيه } استعارة للكفر والارتداد كأنه يرجع إلى حيث أتى ثم إن هذه المحنة حصلت بسبب تعيين القبلة . أو بسبب تحويلها من الناس ، من قال بالأول لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى الكعبة ، فلما جاء إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس فشق ذلك على العرب من حيث إنه ترك قبلتهم ، ثم لما تحول إلى الكعبة شق ذلك على اليهود . والأكثرون على الثاني لأن الشبهة في أمر النسخ أعظم منها في تعيين القبلة ، عن ابن جريج أنه قال : بلغني أنه رجع ناس ممن أسلم وقالوا مرة ههنا ومرة ههنا ، ولو كان على يقين من أمر تغير رأيه . وعن السدي : لما توجه إلى الكعبة اختلفوا ، قال المنافقون : ما بالهم كانوا على قبلة ثم تركوها ؟ وقال المسلمون : ليتنا نعلم حال إخواننا الذين ماتوا وقد صلوا نحو البيت المقدس . وقال آخرون : اشتاق إلى بلد أبيه ومولده . وقال المشركون : تحير في دينه . { وإن كانت لكبيرة } هي " إن " المخففة التي يلزمها اللام الفارقة بينها وبين " إن " النافية ، وتتهيأ بالتخفيف للدخول على الأفعال . لكن البصريين أوجبوا كون الفعل الذي دخلت هي عليه من باب " كان " أو " علم " ويبطل عمل " إن " في الظاهر ، وكذا في التقدير ، فلا يقدر ضمير الشأنّ كما يقدر في " أن " المفتوحة إذا خففت ، فقوله { لكبيرة } خبر " كانت " واسمها الضمير العائد إلى القبلة لأنها هي المذكورة ، أو إلى ما دل عليه الكلام السابق من التولية في { ما ولاهم } أو الجعلة ، أو الردة ، أو التحويلة في { وما جعلنا } ومعنى لكبيرة لثقيلة شاقة مستنكرة كقوله { كبرت كلمة تخرج من أفواههم } وذلك أن الامتحان إن وقع بنفس القبلة فالفطام عن المألوف شديد والإعراض عن طريقة الآباء والأسلاف عسير ، وإن وقع بالتحويل فهو مبني على جواز النسخ وفيه ما فيه من الشبه والإشكال فيصعب اعتقاد حقيقته إلا على الذين هدى الله . الراجع محذوف أي هداهم الله إلى الثبات على دين الإسلام بأن نصب لهم الدلائل أولاً ، ثم جعلهم منتفعين بها ثانياً ، وإلا فالدلالة عامة للكل { وما كان الله ليضيع إيمانكم } الخطاب للمؤمنين المعاصرين ، واللام لتأكيد النفي الداخل في " كان " ينتصب المضارع بعدها بتقدير " أن " أي لن يضيع الله ثواب ثباتكم على الإيمان ، وأنكم لم تزلوا ولم ترتابوا ، بل شكر صنيعكم وأعدّ لكم الثواب الجزيل عن الحسن . وقال ابن زيد : ما كان الله ليترك تحويلكم من بيت المقدس إلى الكعبة لعلمه بأن تقريركم على ذلك مفسدة لكم وإضاعة لصلواتكم ، أي لثوابها . أطلق الإيمان على الصلاة لأنها أعظم آثار الإيمان وأشرف نتائجه ، أو لأن المراد لا يضيع تصديقكم بوجوب تلك الصلاة . وعن ابن عباس : لما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ؟ فنزلت . وإنما خوطبوا تغليباً للأحياء مثل { وإذ قتلتم نفساً } [ البقرة : 72 ] { وإذ فرقنا بكم البحر } [ البقرة : 50 ] والمراد أهل ملتهم . وليس هذا السؤال من الشك في حقية النسخ في شيء وإنما هو لأجل الاطمئنان وازدياد اليقين ولعلهم إنما خصوا السؤال بالأموات لأنهم ظنوا أنفسهم مستغنين عن ذلك حيث تقع صلاتهم إلى الكعبة بقية عمرهم مكفرة لما سلف منهم ، فأجيبوا بما يخرج عنه جواب الأموات والأحياء جميعاً ، فإن المنسوخ حق في وقته كما أن الناسخ حق في وقته ، سواء عمل المكلف بهما في وقتيهما أو لم يعمل إلا بالمنسوخ لانقضاء أجله قبل الناسخ . وجوز بعضهم أن يكون السؤال صادراً عن منافق فنبه الله المسلمين على الجواب . وقيل : بل المعنى وفقتكم لقبول هذا التكليف لئلا يضيع إيمانكم ، فإنهم لو ردوا هذا التكليف لكفروا . يحكى عن الحجاج أنه قال للحسن : ما رأيك في أبي تراب ؟ فقرأ قوله { إلا على الذين هدى الله } ثم قال : وعلي منهم وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته وأقرب الناس إليه وأحبهم { إن الله بالناس لرءوف رحيم } الجوهري : الرأفة أشد الرحمة . رؤفت به أرؤف بالضم فيهما رأفة ورآفة ورأفت به أرأف بالفتح فيهما . ورئفت به بالكسر رأفاً والصفة رؤوف ورؤف على " فعول " و " فعل " وقيل : الرحمة تقع في الكراهة للمصلحة ، والرأفة لا تكاد تكون في الكراهة ، وقيل : الرأفة مبالغة في رحمة خاصة هي دفع المكروه وإزالة الضرر قال { ولا تأخذكم بهما رأفةٌ }

[ النور : 2 ] . والرحمة اسم جامع خصص أولاً ثم عمم . والمراد أن الرؤف الرحيم كيف يتصور منه الإضاعة ، أو كيف لا ينقلكم من شرع إلى شرع هو أصلح لكم وإنما هَدى مَنْ هَدَى لأنه بالناس رءوف رحيم ، فمن كان أقبل للفيض كان الأثر عليه أظهر .