محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (143)

/ { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم 143 } .

{ وكذلك } أي كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وأفضلها { جعلناكم أمة وسطا } أي عدولا ، خيارا . وقوله تعالى : { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } تعليل للجعل المنوه به الذي تمت المنة به عليهم . واعلم أن أصل الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة . إما بالبصر أو بالبصيرة . قال الرازي : الشهادة والمشاهدة والشهود هو الرؤية ، يقال شاهدت كذا إذا رأيته وأبصرته ، ولما كان بين الإبصار بالعين وبين المعرفة بالقلب مناسبة شديدة ، لا جرم قد تسمى المعرفة التي في القلب مشاهدة وشهودا ، والعارف بالشيء شاهدا ومشاهدا . ثم سميت الدلالة على الشيء شاهدا على الشيء لأنها هي التي بها صار الشاهد شاهدا . ولما كان المخبر عن الشيء والمبيّن لحاله جاريا مجرى الدليل على ذلك ، سمي ذلك المخبر أيضا شاهدا . وبالجملة ، فكل من عرف حال شيء وكشف عنه كان شاهدا عليه . انتهى .

والشهيد أصله الشاهد والمشاهد للشيء والمخبر عن علم حصل بمشاهدة بصر أو بصيرة . وهو ، بالمعنى الثالث ، من النعوت الجليلة . ولذلك وصف به النبيون والسادة والأئمة . كما ترى في هذه الآية وفي آية { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على / هؤلاء شهيدا } {[789]} وآية { وادعوا شهداءكم } {[790]} { والشهداء والصالحين } {[791]} ثم إن في اللام في قوله تعالى : { لتكونوا شهداء على الناس } وجهين :

( الأول ) : إنها لام الصيرورة والعاقبة . أي فآل الأمر بهدايتكم وجعلكم وسطا أن كنتم شهداء على الناس وهم أهل الأديان الأخر . أي بصراء على كفرهم بآيات الله وما غيروا وبدلوا وأشركوا وألحدوا . مما قص عليكم في الآيات قبل ، حتى أحطتم به خبرا . فعرفتم حق دينهم من باطله ، ووحيه من مخترعه . يعني : وإذا شهدتم ذلك منهم وأبصرتم فاشكروا مولاكم على ما أولاكم ، وعافاكم مما ابتلى به سواكم ، حيث وفقكم للمنهج السويّ وهداكم للمهيع الرضيّ . وكذلك صار الرسول عليكم شهيدا بأنكم عرفتم الحق من الباطل والهدى من الضلال والنور من الظلمات ، بما بلغكم من وحيه وأراكم من آياته . فعظمت المنة لله عليكم إذ أصبحتم مهتدين بعد الضلالة ، علماء بعد الجهالة . ففيه إشارة إلى تحذير المؤمنين من أن يزيغوا بعد الهدى ، كما زاغ أولئك الذين نعى عليهم ضلالتهم ، فتقوم عليهم الحجة كما قامت على أولئك .

( الوجه الثاني ) : أن تكون اللام للتعليل ، على أصلها . والمعنى : جعلناكم أمة خيارا لتكونوا شهداء على الناس ، أي رقباء قُوَّاماً عليهم بدعائهم إلى الحق وإرشادهم إلى الهدى وإنذارهم مما هم فيه من الزيغ والضلال . كما كان الرسول شهيدا عليكم بقيامه عليكم بما بلغكم وأمركم ونهاكم وحذركم وأنذركم . فتكون الآية نظير آية { كنتم خير أمة أخرجت / للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } {[792]} وربما آثر هذا المعنى من قال : خير ما فسِّر القرآن بالقرآن . لتماثل الآيتين بادئ بدء . فإن الوسط بمعنى الخيار وقد صرح به في قوله : { خير أمة } وإلى هذا المعنى يشير قول مجاهد في الآية : لتكونوا شهداء لمحمد عليه السلام على الأمم اليهود والنصارى والمجوس : أي شهداء على حقية رسالته . وذلك بالدعوة إليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قطب الدعوة وروحها .

وبعد كتابة هذا رأيت السمرقنديّ في ( تفسيره ) نقل خلاصة ما قلناه . وعبارته : وللآية تأويل آخر { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي عدولا { لتكونوا شهداء على الناس } إلخ يقول : إنكم حجة على جميع من خالفكم . ورسول الله عليه السلام حجة عليكم . والشهادة في اللغة هو البيان . ولهذا سمي الشاهد بينة لأنه يبيّن حق المدعي . يعني إنكم تبينون لمن بعدكم ، والنبي ، عليه السلام ، يبين لكم . انتهى .

وأوضح ذلك الراغب الأصفهاني بأسلوب آخر فقال : إن قيل : على أي وجه شهادة النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة وشهادة الأمة على الناس ؟ قيل : الشاهد هو العالم بالشيء المخبر عنه مثبتا حكمه . وأعظم شاهد من ثبت شهادته بحجة . ولما خص الله تعالى الإنسان بالعقل والتمييز بين الخير والشر ، وكمله ببعثة الأنبياء ، وخص هذه الأمة بأتم كتاب ، كما وصفه بقوله : { ما فرّطنا في الكتاب من شيء } {[793]} وقوله { ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } {[794]} / فأفادناه عليه السلام وبينه لنا – صار حجة وشاهدا أن يقولوا : { ما جاءنا من بشير ولا نذير } {[795]} . وجعل أمته ، المتخصصة بمعرفته ، شهودا على سائر الناس . ( إن قيل ) هل أمته شهود كلهم أم بعضهم ؟ ( قيل ) كلهم ممكن من أن يكونوا شهداء . وذلك بشريطة أن يزكوا أنفسهم بالعلم والعمل الصالح ، فمن لم يزك نفسه لم يكن شاهدا ومقبولا . ولذلك قال تعالى : { قد أفلح من زكّاها } {[796]} وعلى هذا قال : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } {[797]} فالقيام بالقسط مراعاة العدالة . وهي ، بالقول المجمل ، ثلاث : عدالة بين الإنسان ونفسه – وعدالة بينه وبين الناس – وعدالة بينه وبين الله عز وجل . فمن رعى ذلك فقد صار عدلا شاهدا لله عز وجل . ( إن قيل ) فهل هم شهود على بعض الأمة أم على الناس كافة ؟ ( قيل ) بل كل شاهد على نفسه وعلى أمته وعلى الناس كافة . فإن من عرف حكمة الله تعالى وجوده وعدله ورأفته ، علم أنه لم يغفل تعالى عنه ولا من أحد من الناس ، ولا بخل عليهم ولا ظلمهم ، ومن علم ذلك فهو شاهد لله على من في زمانه وعلم ن قبله ومن بعده . وعلى هذا الوجه ما روي في الخبر أن هذه الأمة تشهد للأنبياء على الأمم . انتهى كلام الراغب . والخبر الذي أشار إليه رواه البخاري{[798]} عن أبي سعد الخدريّ رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب . فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم . فيقال لأمته : هل بلَّغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير . فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته . فيشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا . فذلك قوله جل ذكره : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ) وقد روي مرفوعا عن جابر . أخرجه الطبريّ{[799]} . وعن ثلة من التابعين من قولهم .

وأقول : قد بينا مرارا ، أن مثل هذا الخبر وكل ما يروى مرفوعا أو غير مرفوع في تأويل هذه الآية ، فكله يفيد أن للآية عموما يشمل ما ذكر . لا أنها خاصة به لا يستفاد منها غيره . كما أوضحناه في المقدمة في قولهم : نزلت الآية في كذا . وعليه ، فلا تنافي بين ما يفهم من سياق الآية أو ما يتقاضاه معناها لغة ، من حيث عمومها ، أو ما يحمل عليها من نظائرها في التنزيل الكريم ، وبين ما يروى في تفسيرها . فمآل ما يتعدد من سبب النزول في آية ما ، أو ما يكثر من الآثار في وجوهها ، كله من باب تفسير العام ببعض ما يتناوله لفظه . ولذلك يكثر في بعض طرق الروايات : ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى . أو ثم قرأ . أو اقرؤوا إن شئتم . مما يدل على أنه ذكرت الآية حجة لما أخبر به ، لأنه مما يندرج فيها . فاحرص على ذلك .

/ ( تنبيهات )

( الأول ) : استدل بالآية على أن الإجماع حجة . لأن الله تعالى وصف هذه الأمة بالعدالة . والعدل هو المستحق للشهادة وقبولها . فإذا اجتمعوا على شيء وشهدوا به لزم قبوله ، فإجماع الأمة حق . لا تجتمع الأمة ، والحمد لله ، على ضلالة . كما وصفها الله بذلك في الكتاب فقال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } {[800]} وهذا وصف لهم بأنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر . كما وصف نبيهم صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله : { الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر } {[801]} وبذلك وصف المؤمنين في قوله : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } {[802]} فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال ، لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ، ولم تنه عن المنكر فيه . وقد جعلهم الله شهداء على الناس . وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول . وقد ثبت في ( الصحيح ) {[803]} عن عبد العزيز بن صهيب قال . سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول : ( مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وجبت ) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال : ( وجبت ) .

/ فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وجبت ؟ قال : هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار . أنتم شهداء الله في الأرض ) .

وعند الحاكم أنه قرأ هذه الآية : { وكذلك جعلناكم . . . } إلى آخرها .

فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء ، لم يشهدوا بباطل . فإذا شهدوا أن الله أمر بشيء ، فقد أمر به . وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيء فقد نهى عنه . ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله في الأرض . بل زكاهم الله في شهادتهم ، كما زكى الأنبياء فيما يبلغون عنه أنهم لا يقولون عليه إلا الحق ، وكذلك الأمة لا تشهد على الله إلا الحق . هذه نبذة من كلام الإمام ابن تيمية ، عليه الرحمة ، في الإجماع ، من بعض رسائله .

( الثاني ) : مما يتعلق أيضا بهذا المقام ، ما قاله أيضا هذا الإمام في رسالته إلى جماعة عديّ ابن مسافر . ونصه : فعصم الله هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة ، وجعل فيها من تقوم به الحجة إلى يوم القيامة . ولهذا كان إجماعهم حجة ، كما كان الكتاب والسنة حجة . ولهذا امتاز أهل الحق من هذه الأمة بالسنة والجماعة ، عن أهل الباطل الذين يزعمون أنهم يتبعون الكتاب ، ويعرضون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعما مضت عليه جماعة المسلمين ؛ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، رواها عنه أهل ( السنن ) و( المسانيد ) ، كالإمام أحمد{[804]} ، / وأبي داود{[805]} ، والترمذي{[806]} وغيرهم ، أنه قال : ( ستفترق هذه الأمة على اثنتين وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا واحدة ، وهي الجماعة ) . وفي رواية : ( من كان على مثل ما أنا عليه اليوم ، وأصحابي ) . وهذه الفرقة الناجية أهل السنة . وهم وسط في النِّحل ، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل . فالمسلمون وسط في أنبياء الله ، ورسله ، وعباده الصالحين ، لم يغْلوا فيهم كما غلت النصارى ف { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم * / وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا * لا إله إلا هو * سبحانه عما يشركون } {[807]} ولا جَفَوْا عنهم ، كما جفت اليهود ، فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق ، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس{[808]} ، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقا ، وقتلوا فريقا{[809]} . بل المؤمنون آمنوا برسل الله ، وعزروهم ، ونصروهم ، ووقّروهم ، وأحبوهم ، وأطاعوهم ، ولم يعبدوهم ، ولم يتخذوهم أربابا . كما قال تعالى : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا * أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } {[810]} .

ومن ذلك أن المؤمنين توسطوا في المسيح ، فلم يقولوا : هو الله ، ولا ابن الله ، ولا ثالث ثلاثة . كما تقوله النصارى . ولا كفروا به ، وقالوا على مريم بهتانا عظيما ، حتى جعلوه ، ولدَ غيّة ، كما زعمت اليهود . بل قالوا : هذا عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، وروح منه . وكذلك المؤمنون وسط في شرائع دين الله ، فلم يحرّموا على الله أن ينسخ ما شاء ، ويمحو ما شاء ويثبت . كما قالته اليهود . كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها } {[811]} وبقوله : / { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدّقا لما معهم } {[812]} ولا جوّزوا لأكابر علمائهم وعبّادهم أن يغيروا دين الله ، فيأمروا بما شاؤوا وينهَوْا عما شاؤوا . كما يفعله النصارى . كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } {[813]} .

قال عديّ بن حاتم رضي الله عنه{[814]} : قلت : ( يا رسول الله ما عبدوهم ؟ قال : ما عبدوهم ، ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم ، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم ) . والمؤمنون قالوا : لله الخلق والأمر{[815]} ، فكما لا يخلق غيرُه ، لا يأمره غيره . وقالوا : سمعنا وأطعنا ، فأطاعوا / كل ما أمر الله به . وقالوا : { إن الله يحكم ما يريد } {[816]} . وأما المخلوق ، فليس له أن يبدل أمر الخالق تعالى ، ولو كان عظيما . وكذلك في صفات الله تعالى ، فإن اليهود وصفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة ، فقالوا : هو فقير ونحن أغنياء{[817]} . وقالوا : { يد الله مغلولة } {[818]} وقالوا : إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السبت{[819]} . إلى غير ذلك . والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق المختصة به . فقالوا : إنه يخلق ويرزق ويغفر ويرحم ويتوب على الخلق ، ويثيب ويعاقب . والمؤمنون آمنوا بالله سبحانه وتعالى . ليس له سميّ ولا ندٌّ . { ولم يكن له كفوا أحد } {[820]} و{ وليس كمثله شيء } {[821]} فإنه رب العالمين ، وخالق كل شيء . وكل ما سواه عباد له ، فقراء إليه .

/ { إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا * لقد أحصاهم وعدّهم عدّا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } {[822]} ومن ذلك : أمر الحلال والحرام . فإن اليهود كما قال الله تعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أحلّت لهم } {[823]} فلا يأكلون ذوات الظفر مثل الإبل والبط ولا شحم الثَّرْب ( الثرب : شحم رقيق يغشى الكَرِش والأمعاء . وجمعه ثروب ) والكليتين . ولا الجدي في لبن أمه . إلى غير ذلك ، مما حرم عليهم من الطعام واللباس وغيرهما . حتى قيل : إن المحرمات عليه ثلاثمائة وستون نوعا . والواجب عليهم مائتان وثمانية وأربعون أمرا . وكذلك شدد عليهم في النجاسات حتى لا يواكلوا الحائض ، ولا يجامعوها في البيوت . وأما النصارى فاستحلوا الخبائث وجميع المحرمات ، وباشروا جميع النجاسات ، وإنما قال لهم المسيح : { وأحلّ لكم بعض الذي حرّم عليكم } {[824]} . ولهذا قال تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } {[825]} . وأما المؤمنون كما نعتهم الله به في قوله : { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات / ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم * فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } {[826]} .

وهذا باب يطول وصفه . وهكذا أهل السنة والجماعة في الفِرَق . فهم في باب أسماء الله وآياته وصفاته ، وبسط بين أهل التعطيل ، الذين يلحدون في أسماء الله وآياته ، ويعطلون حقائق ما نعت به نفسه حتى يشبهونه بالعدم والموات . وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات . فيؤمن أهل السنة والجماعة بما وصف الله به نفسه ، وما وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم . من غير تحريف ولا تعطيل . ومن غير تكييف وتمثيل . وهم في باب خلقه وأمره وسط بين المكذبين بقدرة الله ، الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء . وبين المفسدين لدين الله . الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل فيعطّلون الأمر والنهي والثواب والعقاب . فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا : { لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيء } {[827]} فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير . فيقدر أن يهدي العباد ويقلّب قلوبهم . وإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن . فلا يكون في ملكه ما لا يريد . ولا يعجز عن إنفاذ مراده . وإنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات . ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل . وأنه مختار . ولا يسمونه مجبورا . إذ المجبور من أكره على خلاف اختياره . والله سبحانه جعل العبد مختارا لما يفعله . فهو مختار مريد . والله خالقه وخالق اختياره . وهذا ليس له نظير . / فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله . وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد ، وسط بين الوعيدية الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار ، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية . ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم . وبين المرجئة الذين يقولون : إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء . والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان . ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية . فيؤمن أهل السنة والجماعة بأن فسَّاق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله . وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة . وأنهم لا يخلدون في النار بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان ، أو مثقال خردلة من إيمان . وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم ادّخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته . وهم أيضا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، وسط بين الغالية الذين يغالون في عليّ رضي الله عنه فيفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما ، وأن الصحابة ظلموا وفسقوا ، وكفروا الأمة بعدهم كذلك ، وربما جعلوه نبيا أو إلها . وبين الجافية الذين يعتقدون كفره وكفر عثمان رضي الله عنهما ، ويستحلون دماءهما ودماء من تولاهما . ويستحبون سب عليّ وعثمان ونحوهما . ويقدحون في خلافة عليّ رضي الله عنه وإمامته . وكذلك في سائر أبواب السنة هم وسط . لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان . انتهى .

{ وما جعلنا القبلة التي كنت عليها } أي ما شرعنا القبلة ، كقوله تعالى : { ما جعل الله من بحيرة } {[828]} أي ما شرعها . و{ التي كنت عليها } ليس بصفة للقبلة إنما هو ثاني مفعولي { جعل } أي وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها أي في مكة تستقبلها قبل / الهجرة وهي الكعبة . يعني : وما رددناك إليها إلا امتحانا للناس وابتلاء . أو { كنت عليها } بمعنى صرت عليها الآن . كقوله تعالى : { كنتم خير أمة } {[829]} . أو بمعنى كنت على تطلّبها ، أي حريصا عليه . وراغبا فيه . كما يفصح عنه قوله تعالى بعد : { قد نرى تقلّب وجهك } {[830]} الآية .

وعلى هذه الأوجه ، فتكون الآية بيانا للحكمة في جعل الكعبة قبلة . أو معنى التي { كنت عليها } : قبل وقتك هذا وهي بيت المقدس . أي إنما شرعنا لك التوجه أولا إليه ثم صرفناك عنه إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ، حيثما توجهت ، من غيره ، فتكون الآية بيانا للحكمة في جعل بيت المقدس قبلة أوّلا .

ثم اعلم أن الحكمة هي التمييز بين الناس بقوله : { إلا لنعلم من يتبع الرسول } في كل ما يؤمر به ، فيثبت عند تقلب الأحكام بما قي قلبه من صدق التعلق بالله والتوجه له أيّان ما وجهه { ممن ينقلب على عقبيه } أي يرتد عن دينه فينافق أو يكفر ممن كان يظهر الإتّباع . وأصل المنقلب على عقبيه : الراجع مستدبرا في الطريق الذي قد كان قطعه منصرفا عنه . استعير لكل راجع عن أمر كان فيه من دين أو خير . قال ابن جرير : قد ارتد ، في محنة الله أصحاب رسوله في القبلة ، رجال ممن كان قد أسلم . وأظهر كثير من المنافقين من / أجل ذلك نفاقهم . وقالوا : ما بال محمد يحوّلنا مرة إلى ههنا ومرة إلى ههنا ؟ وقال المسلمون ، فيمن مضى من إخوانهم المسلمين وهم يصلون نحو بيت المقدس : بطلت أعمالنا وأعمالهم وضاعت . وقال المشركون : تحيّر محمد في دينه . فكان ذلك فتنة للمؤمنين وتمحيصا للمؤمنين . انتهى .

( لطيفة ) العقبين تثنية عقب وهو مؤخر القدم . والانقلاب عليهما استعارة تمثيلية . وهذه الاستعارة نظير قوله تعالى : { ثم أدبر واستكبر } {[831]} وكقوله : { كذّب وتولّى } {[832]} .

( تنبيه ) قال الراغب رحمه الله : ما وجه قوله : { إلا لنعلم } وذلك يقتضي استفادة علم . ولم يزل ، تعالى ، عالما بما كان وبما يكون ؟ ( قيل ) : إن ذلك من الألفاظ التي لولا السمع لما تجاسرنا على إطلاقها عليه تعالى . ومجاز ذلك على أوجه :

( الأول ) : أن اللام في مثل ذلك تقتضي شيئين : حدوث الفعل في نفسه وحدوث العلم به . ولما كان علم الله لم يزل ولا يزال ، صار اللام فيه مقتضيا حدوث الفعل لا حدوث العلم .

( والثاني ) : أن العلم يتعلق بالشيء على ما هو به . والله تعالى عَلِمَهُمْ ، قبل أن يتبعوه ، غير تابعين . وبعد أن تبعوه علمهم تابعين . وهذا الجواب هو في الحقيقة الأول . لأن التغيير داخل في المعلوم لا في العلم .

( والثالث ) : معناه ليعلم غيرنا بنا . فنسب ذلك إلى نفسه . كقوله تعالى : { الله يتوفّى الأنفس حين موتها } {[833]} / وفي موضع آخر { قل يتوفّاكم ملك الموت الذي وكّل بكم } {[834]} وقال تعالى : { وعلّمك ما لم تكن تعلم } {[835]} وإنما علّمه بملائكته .

( والرابع ) : معناه لنجازي . وذلك متعارف . نحو قولك : سأعلم حسن بلائك . أي سأجزيك على حسب مقتضى علمي قبل . فعبّر عن الجزاء بالعلم لما كان هو سببه .

( والخامس ) : أن عادة الحليم إذا أفاد غيره علما أن يقول : تعالَ حتى نعلم كذا . وإنما يريد إعلام المخاطب . لكن يُحلّ نفسه محل المشارك للمتعلم على سبيل اللطف . انتهى .

والوجه الثالث هو الذي اختاره الإمام ابن جرير قال : أما معناه عندنا : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رسولي وحزبي وأوليائي : من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ( قال ) وكان من شأن العرب إضافة ما فعلته أتباع الرئيس ، إلى الرئيس . وما فعل بهم ، إليه . نحو قولهم : فتح عمر بن الخطاب سواد العراق وجبى خراجها ، وإنما فعل ذلك أصحابه ، عن سبب كان منه في ذلك . وكالذي رُوِيَ في نظيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال{[836]} : ( يقول الله / جل ثناؤه : مرضت فلم يعدني عبدي . واستقرضته فلم يقرضني ) فأضاف ، تعالى ذكره ، الاستقراض والعيادة إلى نفسه ، وقد كان ذلك بغيره ، إذ كان ذلك عن سببه .

قد حكي عن العرب سماعا : أجوع في غير بطني ، وأعرى في غير ظهري . بمعنى جوع أهله وعياله وعُرْيِ ظهورهم . فكذلك قوله : { إلا لنعلم } بمعنى : يعلم أوليائي وحزبي اه . { وإن كانت } أي التولية إليها أو الجعلة أو التحويلة { لكبيرة } أي ثقيلة شاقة . لأن مفارقة الإلف ، بعد طمأنينة النفس إليه ، أمر شاق جدا . { إلا على الذين هدى الله } قلوبهم . فأيقنوا بتصديق الرسول وأن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه . وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء . وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك ، بخلاف الذين في قلوبهم مرض ، فإنه كلما حدث أمر ، أحدث لهم شكا . كما يحصل ، للذين آمنوا ، إيقان وتصديق . كما قال تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا * فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون } {[837]} وقال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } {[838]} . وقوله تعالى : { وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم } هذا تطمين لمن صلى إلى بيت المقدس من المسلمين ومن أهل الكتاب قبل النسخ . / وبيان أنهم يثابون على ذلك . وقد روى البخاري{[839]} من حديث أبي إسحق المتقدم عن البراء : ( وكان الذي مات على القبلة ، قبل أن تحوّل قِبَل البيت ، رجال قتلوا . لم ندر ما تقول فيهم . فأنزل الله : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } ) {[840]} أي صلاتكم . وإنما عدل إلى لفظ الإيمان ، الذي هو عام في الصلاة وغيرها ، ليفيدهم أنه لم يضع شيء مما عملوه ، ثم يصح عنهم ، فيندرج المسؤول عنه اندراجا أوليا ، ويكون الحكم كليا . وذكر بلفظ الخطاب دون الغائب ، ليتناول الماضين والباقين ، تغليبا لحكم المخاطب على الغائب في اللفظ ، وفي تتمة الآية إشارة إلى تعليل عدم الإضاعة ، بما اتصف به من الرأفة المنافية لما هجس في نفوسهم من الإضاعة .


[789]:[4/ النساء/ 41].
[790]:[2/ البقرة/ 23] ونصها: {وإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون اللّه إن كنتم صادقين 23}.
[791]:[4/ النساء/ 69] ونصها: {ومن يطع اللّه والرسول فأولئك مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصّدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا 69}.
[792]:[3/ آل عمران/ 110] ونصها: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون 110}.
[793]:[6/ الأنعام/ 38] ونصها: {وما من دابّة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38}.
[794]:[16/ النحل/ 89] ونصها: {ويوم نبعث في كل أمّة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين 89}.
[795]:[5/ المائدة/ 19] ونصها: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير واللّه على كل شيء قدير 19}.
[796]:[91/ الشمس/ 9].
[797]:[4/ النساء/ 135] ونصها: {* يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيّا أو فقيرا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن اللّه كان بما تعملون خبيرا 135}.
[798]:أخرجه البخاري في: 65 ـ كتاب التفسير، 2 – سورة البقرة، 13 – باب {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}.
[799]:تفسير الطبريّ، حديث رقم (2182) طبعة المعارف.
[800]:[3/ آل عمران/ 110] انظر الحاشية رقم 4 ص 379.
[801]:[7/ الأعراف/ 157] انظر حاشية رقم 2 ص 367.
[802]:[9/ التوبة/ 71] ونصها: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة ويطيعون اللّه ورسوله أولئك سيرحمهم اللّه إن اللّه عزيز حكيم 71}.
[803]:أخرجه البخاري في: 23 ـ كتاب الجنائز، 86 ـ باب ثناء الناس على الميت.
[804]:الإمام أحمد بن حنبل في مسنده. الجزء الثاني ص 332 (طبعة الحلبيّ). عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة. وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). وفي الجزء الثالث ص 120: (طبعة الحلبيّ). عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله عليه وسلم: (إن بني إسرائيل قد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة. وأنتم تفترقون على مثلها. كلها في النار إلا فرقة).
[805]:سنن أبي داود في: 39 ـ كتاب السنة، 1 ـ باب شرح السنة، حديث 4596. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة. وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). وحديث 4597: عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: (ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار. وواحدة في الجمة، وهي الجماعة).
[806]:جامع الترمذيّ في: 38 ـ كتاب الإيمان، 18 ـ باب ما جاء في افتراق هذه الأمة. عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى على مثل ذلك. وتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية، لكان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة) قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي).
[807]:[9/ التوبة/ 31].
[808]:[3/ آل عمران/ 21] ونصها: {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشّرهم بعذاب أليم 21}.
[809]:[5/ المائدة/ 70] ونصها: {لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون 70}.
[810]:[3/ آل عمران/ 79 و80].
[811]:[2/ البقرة/ 142] ونصها: {* سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 142}.
[812]:[2/ البقرة/ 91] ونصها: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدّقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين 91}.
[813]:انظر الحاشية رقم 1 ص 383.
[814]:جامع الترمذيّ في: 44 ـ كتاب التفسير، 9 ـ سورة التوبة، 10 ـ حدثنا الحسين بن مرثد. عن عديّ بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب. فقال: ( يا عديّ، اطرح عنك هذا الوثن) وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}. قال: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم. ولكنهم كانوا إذا أحلوا شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه).
[815]:[7/ الأعراف/ 54] ونصها: {إن ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه رب العالمين 54}.
[816]:[5/ المائدة/ 1] ونصها: {يا يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلّي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد1}.
[817]:[3/ آل عمران/ 181] ونصها: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق 181}.
[818]:[5/ المائدة/ 64] ونصها: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء...}.
[819]:سفر التكوين، الأصحاح الثاني، 2 و3.
[820]:[112/ الإخلاص/ 4].
[821]:[42/ الشورى/ 11] ونصها: {فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير 11}.
[822]:[19/ مريم/ 93 ـ 95].
[823]:[4/ النساء/ 160] ونصها: {فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل الله كثيرا 160}.
[824]:[3/ آل عمران/ 50] ونصها: {ومصدقا لما بين يديّ من التوراة ولأحلّ لكم بعض الذي حرّم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون 50}.
[825]:[9/ التوبة/ 29].
[826]:[7/ الأعراف/ 156 و157] وأول الآية الأولى: {* واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء...}.
[827]:[6/ الأنعام/ 148] ونصها: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيء كذلك كذّب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون 148}.
[828]:[5/ المائدة/ 103] ونصها: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون 103}.
[829]:[3/ آل عمران/ 110] ونصها: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون 110}.
[830]:[2/ البقرة/ 144] ونصها: {قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولّينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون 144}.
[831]:[74/ المدثر/ 23].
[832]:[20/ طه/ 48] ونصها: {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذّب وتولّى 48}. و[75/ القيامة/ 32] ونصها: {ولكن كذّب وتولّى 32}. و[92/ الليل/ 16] ونصها: {الذي كذّب وتولّى 16}. و[96/ العلق/ 13] ونصها: {أرأيت إن كذّب وتولّى 13}.
[833]:[39/ الزمر/ 42] ونصها: {الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 42}.
[834]:[32/ السجدة/ 11] ونصها: {* قل يتوفّاكم ملك الموت الذي وكّل بكم ثم إلى ربكم ترجعون 11}.
[835]:[4/ النساء/ 113] ونصها: {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمّت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرّونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما 113}.
[836]:أخرجه مسلم في: 45 ـ كتاب البر والصلة والآداب، حديث 43 (طبعتنا). ونصه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يقول، يوم القيامة: يا ابن آدم! مرضتُ فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمتَ أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم! استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي).
[837]:[9/ التوبة/ 124 و125].
[838]:[17/ الإسراء/ 82].
[839]:أخرجه البخاريّ في: 65 ـ كتاب التفسير، 2 ـ سورة البقرة، 12 ـ {سيقول السفهاء من الناس...} ونصه: عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا. وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت. وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر. وصلى معه قوم. فخرج رجل ممن كان صلى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون. قال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قِبَل مكة. فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قِبَل البيت رجال قُتِلوا، لم ندر ما نقول فيهم. فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}.
[840]:[2/ البقرة/ 143].