الوسط الخيار ، فجعل هذه الأمة خيار الأمم ، وجعل هذه الطائفة خيار هذه الأمة فهم خيار الخيار . فكما أن هذه الأمة شهداء على الأمم في القيامة فهذه الطائفة هم الأصول ، وعليهم المدار ، وهم القطب ، وبهم يحفظ الله جميع الأمة ، وكلُّ من قَبِلَتْهُ قلوبهم فهو المقبول ، ومن رَدَّتْه قبولهم فهو المردود . فالحكم الصادق لفراستهم ، والصحيح حكمهم ، والصائب نظرهم عصم جميع الأمة ( عن ) الاجتماع عن الخطأ ، وعصم هذه الطائفة عن الخطأ في النظر والحكم ، والقبول والرد ، ثم إن بناءَ أمرهم مُسْتَنِدٌ إلى سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم . وكل ما لا يكون فيه اقتداءٌ بالرسول عليه السلام فهو عليه ردٌّ ، وصاحبه على لا شيء .
قوله جلّ ذكره : : { وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ التي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانِت لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ } .
بيَّن أن الحكم في تقرير أمر القبلة إلى وقت التحويل ، وتحويلها من وقت التبديل كان اختباراً لهم من الحق ليتميز الصادق من المارق ، ومَنْ نَظر إلى الأم بعين التفرقة لكبُر عليه أمر التحويل ، ومن نظر بعين الحقيقة ظهرت لبصيرته وجوه الصواب . ثم قال : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } أي من كان مع الله في جميع الأحوال على قلبٍ واحد فالمختلفات من الأحوال له واحدة ، فسواءٌ غيَّر أو قرَّر ، وأثبت أو بدَّل ، وحقَّق أو حوَّلَ فَهُمْ بِهِ لَهُ في جميع الأحوال ، قال قائلهم :
كيفما دارت الزجاجة دُرْنا *** يحسب الجاهلون أنَّا جُنِنَّا
فإنْ قابلوا شرقاً أو واجهوا غَرْباً ، وإنْ استقبلوا حجراً أو قارباً مدراً ، فمقصودُ قلوبهم واحدٌ ، وما كان للواحد فحُكْمُ الجميع فيه واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.