الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ} (71)

( لاَّ ذَلُولٌ )[ 70 ] لم يذللها العمل فتثير الأرض ، ولا تعمل في الحرث .

( مُسَلَّمَةٌ )[ 70 ] : أي : من العيوب( {[2506]} ) .

( لاَّشِيَةَ فِيهَا )[ 70 ] : أي : لا بياض( {[2507]} ) .

ولولا قولهم : ( إِن شَاءَ اللَّهُ ) ما اهتدوا إليها أبداً ، فوجدوا البقرة عند عجوز عندها يتامى فأضعفت عليهم الثمن ، فأتوا موسى صلى الله عليه وسلم فأخبروه . فقال لهم : أعطوها/ رضاها ، ففعلوا وذبحوها . وأمرهم موسى صلى الله عليه وسلم بعضو منها يضربوا به القتيل ففعلوا . فرجع إليه روحه وسمَّى قاتله ومات فقُتل قاتله ، وهو الذي أتى إلى( {[2508]} ) موسى صلى الله عليه وسلم يشتكي ويطلب الدية( {[2509]} ) .

وروي أن رجلاً صالحاً من بني إسرائيل كان له ابن صغير وله( {[2510]} ) عجلة فأتى بالعجلة إلى غَيْضةٍ( {[2511]} ) وقال " اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابن حتى يكبر . فشبت( {[2512]} ) العجلة في الغيضة . وكانت ترعى فيها فلا يقدر عليها أحد ؛ تثب( {[2513]} ) على من رامها [ فيهرب منها ]( {[2514]} ) . فأتى ابن الرجل الصالح بعد موت أبيه ومعه حبل إليها( {[2515]} ) ، فخوفه الناس منها ، فأقبلت البقرة إليه مذعنة فساقها إلى أمه وكان براً بها . فلم يجد بنو إسرائيل صفة البقرة التي أمروا بذبحها إلا تلك البقرة فاشتروها منه بملء جلدها دنانير( {[2516]} ) .

وعن ابن عباس قال : ( لاَّشِيَةَ فِيهَا ) : لا بياض فيها ولا سواد ، ولا حمرة( {[2517]} ) " أي : لونها واحد لا لمعة فيها تخالف لونها وهو الصفرة . قيل : كانت صفراء حتى ظلفها( {[2518]} ) وقرنها أصفران .

قال : " وطلبوها فلم يقدروا عليها ، وكان رجل من بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه ، وأن رجلاً مر به ومعه لؤلؤ( {[2519]} ) . يبيعه ، وكان أبوه نائماً تحت رأسه المفتاح . فقال الرجل( {[2520]} ) المار للولد البار : تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفاً ؟ قال له الفتى : كما أنت : حتى يستيقظ والدي ، وأنا آخذه بثمانين( {[2521]} ) ألفاً .

قال له الآخر : أيقظ أباك( {[2522]} ) وهو لك بستين ألفاً ، فجعل التاجر( {[2523]} ) يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفاً . وزاد الحدث على( {[2524]} ) أن يصبر حتى يستيقظ أبوه حتى بلغ مائة ألف . فلما أكثر( {[2525]} ) عليه حلف ألا يشتريه منه وأبى أن يوقظ أباه ، فعوضه الله عز وجل من ذلك اللؤلؤ أن جعل تلك البقرة عنده . فسألوه بيعها( {[2526]} ) فأبى( {[2527]} ) فرفع( {[2528]} ) في سومها فمضوا به إلى موسى( {[2529]} ) ، فقالوا : قد أعطيناه ثمنها وأبى( {[2530]} ) أن يبيع . فقال : يا نبي الله : أنا أحق بمالي ؟ قال له : نعم أنصفوه ، واشتروا منه . فاشتروها منه بوزنها عشر مرات ذهباً " ( {[2531]} ) .

وقيل : ضرب بفخد البقرة الأيمن( {[2532]} ) .

وقيل : ضرب( {[2533]} ) بعظم( {[2534]} ) من عظامها( {[2535]} ) .

وقيل : بذنبها( {[2536]} ) .

وقيل : بلسانها( {[2537]} ) .

قوله : ( الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ ) [ 70 ] : أي : بينت لنا .

وقيل : إنهم عرفوا عند من البقرة لما وصفها ، وعلموا أنه ليس يجدون ما وصف لهم إلا في موضع بعينه ، فقالوا : الآن جئت بالحق . ولم يريدوا أنك لم تأت بالحق من أول كلامك إلا الساعة ، إنما معناه : الآن جئتنا بغاية البيان ، لأنهم كانوا مذعنين للذبح ولكنهم شددوا( {[2538]} ) فشدد الله عليهم( {[2539]} ) .

قوله : ( وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ) [ 70 ] .

أي : كادوا أن( {[2540]} ) يضيعوا فرض الله عز وجل لغلائها وكثرة قيمتها .

وقيل : أرادوا/ أن لا( {[2541]} ) يفعلوا خوف الفضيحة وهم قاتلوا المقتول على قول من قال : كانوا( {[2542]} ) ورثة( {[2543]} ) .

وقيل : لعزة( {[2544]} ) وجودها على تلك الصفة .

وروي عن ابن عباس أنه قال : " مكثوا في طلب البقرة أربعين سنة " ( {[2545]} ) وقال طلحة بن مصرف( {[2546]} ) : " لم تخلق تلك البقرة من نتاج ، وإنما نزلت من السماء " ( {[2547]} ) .


[2506]:- وقوله: "أي من العيوب" ساقط من ع2، ع3.
[2507]:- وهو قول قتادة وأبي العالية والربيع في جامع البيان 2/216.
[2508]:- سقط من ع3.
[2509]:- وهو قول ابن عباس. انظر: جامع البيان 2/185.
[2510]:- سقط من ع3.
[2511]:- والغَيْضَةُ: مَغِيضُ ماء يجتمع فينبت فيه الشجر، وجمعها غِيَاضٌ وأغْيَاضٌ. اللسان 2/1036.
[2512]:- في ع3: فلبث.
[2513]:- في ع1، ع2، ق، ع3: نشيب. وهو تحريف.
[2514]:- في ق: فتهرب منه. وهو خطأ.
[2515]:- في ع3: إليه.
[2516]:- انظر: المحرر الوجيز 1/259-260.
[2517]:- عزاه الطبري إلى السدي في جامع البيان 2/216.
[2518]:- في ع1، ع2: طلفها. وهو تصحيف.
[2519]:- في ع2، ع3: لؤلؤاً.
[2520]:- في ع3: رجل. وهو تحريف.
[2521]:- في ع3: ثمانين.
[2522]:- في ق: إياك. وهو تصحيف.
[2523]:- في ع3: التأخير. وهو تحريف.
[2524]:- في ع3: حتى.
[2525]:- في ق: كثر.
[2526]:- سقط من ع2.
[2527]:- سقط من ع3.
[2528]:- في ح، ق: ورفع.
[2529]:- في ع3: موسى صلى الله عليه وسلم.
[2530]:- في ق: فأبى.
[2531]:- انظر: جامع البيان 2/186-187، والمحرر الوجيز 1/260، وتفسير ابن كثير 1/109.
[2532]:- في ع2: الإيمان. وهو تحريف. وانظر: هذا القول في معاني الفراء 1/41.
[2533]:- في ع3: ضربه.
[2534]:- في ق: بعضهم. وهو تحريف.
[2535]:- انظر: تفسير القرطبي 1/457، والمحرر الوجيز 1/262.
[2536]:- انظر: معاني الفراء 1/48، والمحرر الوجيز 1/262.
[2537]:- انظر: تفسير القرطبي 1/457، والمحرر الوجيز 1/262.
[2538]:- في ع3: فشددوا. وهو تحريف.
[2539]:- انظر: جامع البيان 2/218.
[2540]:- سقط من ع3.
[2541]:- سقط من ق، ع2، ع3.
[2542]:- في ع3: كان. وهو تحريف.
[2543]:- في ح: ورثته. وانظر: هذا القول في جامع البيان 1/219، والمحرر الوجيز 1/261.
[2544]:- في ع2: القلة. وفي ع3: لغة.
[2545]:- انظر: المحرر الوجيز 1/262.
[2546]:- في ق: مضرف. وهو تصحيف.
[2547]:- وقد نسب ابن عطية قول طلحة إلى مكي. انظر: المحرر الوجيز 1/260.