السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ} (71)

{ قال } موسى { إنه } أي : ربي { يقول إنها بقرة لا ذلول } أي : غير مذللة بالعمل { تثير الأرض } أي : تقلبها للزراعة ، والجملة صفة ذلول داخلة في النفي { ولا تسقي الحرث } أي : الأرض المهيأة للزراعة ، ولا الثانية مزيدة لتأكيد الأولى والفعلان صفتا ذلول كأنه قال : لا ذلول مثيرة وساقية { مسلمة } من العيوب وإثارة العمل { لا شية } أي : لا لون { فيها } سوى لون جميع جلدها ، قال مجاهد : لا بياض فيها ولا سواد { قالوا الآن جئت } أي نطقت { بالحق } أي : بالبيان التامّ الشافي الذي لا إشكال فيه فطلبوها فوجدوها عند الفتى البارّ بأمّه فاشتروها بملء مسكها أي : جلدها ذهباً كما قال له الملك ، وقوله تعالى : { فذبحوها } فيه اختصار ، والتقدير فحصلوا البقرة المنعوتة فذبحوها { وما كادوا } أي : ما قاربوا { يفعلون } لتطويلهم وكثرة مراجعتهم ، أو لخوف الفضيحة في ظهور القاتل ، أو لغلاء ثمنها ولا ينافي قوله : { وما كادوا يفعلون } قوله : { فذبحوها } لاختلاف وقتيهما إذ المعنى ما قاربوا أن يفعلوا حتى انتهت سؤالاتهم وانقطعت تعللاتهم ففعلوا كالمضطرّ الملجأ إلى الفعل .