غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (111)

103

{ لقد كان في قصصهم } قصص الرسل إضافة للمصدر إلى الفاعل ، ويحسن أن يقال : الضمير لإخوة يوسف وله لاختصاص هذه السورة بهم . والعبرة نوع من الاعتبار وهي العبور من الطرف المعلوم إلى الطرف المجهول ، ووجه الاعتبار على العموم أن يعلم أنه لا خير إلا في العمل الصالح والتزوّد بزاد التقوى ، فإن الملوك الذي عمروا البلاد وقهروا العباد ثم لم يراعوا حق الله في شيء من ذلك ماتوا وانقرضوا وبقي الوزر والوبال عليهم . وعلى الخصوص أن الذي قدر على إعزاز يوسف بعد إلقائه في الجب وإعلاء شأنه بعد حبسه في السجن واجتماعه بأهله بعد طول البعاد قادر على إظهار محمد وإعلاء كلمته .

والكل مشترك في الدلالة على صدق محمد لأن هذا النوع من القصص الذي أعجز حملة الأحاديث ورواة الأخبار ممن لم يطالع الكتب ولم يخالط العلماء دليل ظاهر وبرهان باهر على أنه بطريق الوحي والتنزيل ، وإنما يكون دليلاً واعتباراً { لأولي الألباب } وأصحاب العقول الذين يتأملون ويتفكرون لا الذين يمرون ويعرضون . على أن الدليل دليل في نفسه للعقلاء وإن لم ينظر فيه مستدل قط كما أن الرئيس الحقيقي من له أهلية الرياسة وإن كان في نهاية الخمول .

{ ما كان } مدلول القصص وهو المقصوص أو القرآن { حديثاً يفترى } لظهور إعجازه { ولكن } كان { تصديق الذي بين يديه } من الكتب السماوية ، { وتفصيل كل شيء } يحتاج إليه في الدين لأنه القانون الذي يستند إليه السنة والإجماع والقياس . وقيل : تفصيل كل شيء من واقعة يوسف مع أبيه وإخوته قال الواحدي : وعلى التفسيرين فهو ليس على عمومه لأن المراد به الأصول والقوانين وما يؤل إليها { وهدى } في الدنيا { ورحمة } في الآخرة { لقوم يؤمنون } لأنهم هم المنتفعون بذلك .

/خ111