مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (111)

{ لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ } أي في قصص الأنبياء وأممهم أو في قصة يوسف وإخوته { عِبْرَةٌ لأَوْلِى الألباب } حيث نقل من غاية الحب ، إلى غيابة الجب ، ومن الحصير ، إلى السرير ، فصارت عاقبة الصبر سلامة وكرامة ، ونهاية المكر وخامة وندامة { مَا كَانَ حَدِيثًا يفترى } ما كان القرآن حديثاً مفترى كما زعم الكفار { ولكن تَصْدِيقَ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ } ولكن تصديق الكتب التي تقدمته { وَتَفْصِيلَ كُلّ شَىْء } يحتاج إليه في الدين لأنه القانون الذي تستند إليه السنة والإجماع والقياس { وهدى } من الضلال { وَرَحْمَةً } من العذاب { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله وأنبيائه وما نصب بعد «لكن » معطوف على خبر «كان »

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " علموا أرقاءكم سورة يوسف فأيما عبد تلاها وعلمها أهله وما ملكت يمينه هون الله عليه سكرات الموت وأعطاه القوة أن لا يحسد مسلماً " قال الشيخ أبو منصور رحمه الله : في ذكر قصة يوسف عليه السلام وإخوته تصبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أذى قريش كأنه يقول : إن إخوة يوسف مع موافقتهم إياه في الدين ومع الأخوّة عملوا بيوسف ما عملوا من الكيد والمكر وصبر على ذلك ، فأنت مع مخالفتهم إياك في الدين أحرى أن تصبر على أذاهم . وقال وهب : إن الله تعالى لم ينزل كتاباً إلا وفيه سورة يوسف عليه السلام تامة كما هي في القرآن العظيم ، والله أعلم . .