ولما ذكر سبحانه وتعالى هذه القصص وحث على الاعتبار بها بقوله : { أفلم يسيروا } أتبعه بأنّ في أحاديثهم أعظم عبرة فقال حثا على تأملها والاستبصار بها : { لقد كان في قصصهم } ، أي : يوسف وإخوته أو في قصص الرسل { عبرة } ، أي : عظة عظيمة { لأولي الألباب } ، أي : لذوي العقول المبرأة من شوائب الكدر ويعتبرون بها إلى ما يسعدهم ؛ لأنّ من قدر على ما قص من أمر يوسف عليه السلام لقادر على أن يعز محمداً صلى الله عليه وسلم ويعلي كلمته وينصره على من عاداه كائناً من كان كما فعل بيوسف وغيره .
ولما كان من أجل العبرة في ذلك القطع بحقية القرآن نبه تعالى على ذلك بتقدير سؤال فقال تعالى : { ما كان حديثاً يفترى } ، أي : يختلق ؛ لأنّ الذي جاء به من عند الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم لا يصح منه أن يفتريه ؛ لأنه لم يقرأ الكتب ولم يتلمذ لأحد ، ولم يخالط العلماء ، فمن المحال أن يفتري هذه القصة بحيث تكون مطابقة لما رأوه في التوراة من غير تفاوت كما يعلم من قوله تعالى : { ولكن تصديق الذي بين يديه } ، أي : من الكتب الإلهية المنزلة من السماء كالتوراة والإنجيل ، ففي ذلك إشارة إلى أنّ هذه القصة وردت على الوجه الموافق لما في التوراة من ذكر قصة يوسف عليه السلام { و } زاد على ذلك بقوله { تفصيل } ، أي : تبيين { كل شيء } ، أي : يحتاج إليه من الدين إذ ما من أمر دينيّ إلا وله سند من القرآن بوسط أو بغير وسط ، وقيل : المراد تفصيل كل شيء من واقعة يوسف مع أبيه وإخوته .
قال الواحدي : وعلى التفسيرين جميعاً فهو من العامّ الذي أريد به الخاص كقوله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء } [ الأعراف ، 156 ] ، أي : يجوز أن يدخل فيها وقوله تعالى : { وأوتيت من كل شيء } [ النمل ، 23 ] . { وهدى } من الضلال { ورحمة } ينال بها خير الدارين { لقوم يؤمنون } ، أي : يصدّقون خصهم بالذكر ؛ لأنهم هم الذين انتفعوا به كقوله تعالى : { هدى للمتقين } فسبحان من أنزله معجزاً باهراً وقاضياً بالحق لا يزال ظاهراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.