معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

وقوله : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُما 2 }

رفَعَتهما بما عادَ من ذكرهما في قوله { كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُما } ولا ينصب مثل هذا ؛ لأن تأويله الجزاء ( ومعناه ) - وَالله أعْلم - مَن زنى فافَعلُوا به ذلكَ . ومثله { والشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ } مَعَناهُ - والله أعلَم : من قال الشعر اتّبعه الغُوَاة . وكذلك { وَالسَّارقُ والسَّارقة } ، { والَّلذَانِ يَأْتِيَانِها مِنْكُمْ فآذُوهما } ولو أضمرت قبل كلّ ما ذكرنا فعلاً كالأمر جَاز نصبه ، فقلت : الزانيةَ والزاني فاجلدوا : وهي في قراءة عبد الله محذوفة الياء ( الزانِ ) مثل ما جرى في كتَاب الله كثيرا من حذف اليَاء من الداع والمنادِ والمَهتدِ وما أشبه ذلكَ . وقد فُسّر .

وقوله : { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ } اجتمعت القراء على التّاء إلا أبا عبد الرحمن فإنه قَرَأ ( ولا يَاخُذكم ) باليَاء . وهو صواب ؛ كما قال { وَأخَذَ الذِينَ ظَلَمُوا الصيَّحْةُ } وفي الرأْفة والكأْبة والسَّأْمَه لغتان السَّأْمة فَعْلة والسَّآمة مثل فعالة والرأفة والرآفة والكأْبة والكآبة وكأنّ السّأْمَة والرأْفة مرّة ، والسّآمة المصدر ، كما تقول : قد ضَؤُل ضآلةً ، وقبُح قباحَة .

حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفرّاء قال حدثني قيس ومندل عن ليث عن مجاهد قال : الطّائفة : الواحد فما فوقه قَالَ الفَرّاء : وكذلك حدثّني حِبّان عن الكلبيّ عن أبى صَالح عن ابن عباس أنه واحد فما فوقه . وذلكَ للبِكريْنِ لا للمحصنين ومعنى الرأفة يقول : لا ترأفوا بالزانية والزاني فتُعَطّلوا حدود الله .