تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } هذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين ، فإن كانا محصنين رجما .

قال محمد : من قرأ ( الزانية ) بالرفع فتأويله الابتداء . قال الحسن : والرجم في مصحف أبيّ بن كعب ، وهو في مصحفنا أيضا في سورة المائدة في قوله : { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار }{[881]} حيث رجم رسول الله اليهوديين حين ارتفعوا إليه{[882]} .

يحيى : عن المعلى ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش قال : قال لي أبيّ بن كعب : يا زر ، كم تقرءون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثلاثا وسبعين آية . قال : قط ؟ قلت : قط . قال : فوالله إن كانت لتوازي سورة البقرة ، وإن فيها لآية الرجم ، قلت : وما آية الرجم يا أبا المنذر ؟ قال : " إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم " {[883]} .

المسعودي : عن القاسم بن عبد الرحمن " أن عمر بن الخطاب حمد الله ثم قال : أما بعد ، فإن هذا القرآن نزل على رسول الله فكنا نقرأ : " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر ، وآية الرجم ، وإني قد خفت أن يقرأ القرآن قوم يقولون : لا رجم ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا ، والله لولا أن يقول الناس : إن عمر زاد في كتاب الله لأثبتها ، ولقد نزلت وكتبناها " {[884]} .

{ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } في حكم الله ، قال قتادة : يعني : أن يجلد الجلد الشديد .

يحيى : عن الخضر بن مرة ، عن يحيى بن أبي كثير " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال : أصبت حدا ، فأقمه عليّ فدعا بسوط ، فأتي بسوط شديد . فقال : سوط دون هذا . فأتي بسوط منكسر العجز . فقال : فوق هذا . فأتي بسوط بين السوطين فأمر به فجلد [ جلدا بين الجلدين ]{[885]} .

{ وليشهد عذابهما } أي : جلدهما { طائفة من المؤمنين( 2 ) } يقال : الطائفة رجل فصاعدا .


[881]:سورة المائدة: آية (44).
[882]:رواه البخاري (1329)، ومسلم (1699) (1700)، (1701)، عن ابن عمر وجابر والبراء مرفوعا.
[883]:رواه النسائي في الكبرى (7150) وعبد الرزاق في المصنف (5990)، (13363) والطيالسي في مسنده(540) وابن جرير في التهذيب (1226) (1231) والحاكم في المستدرك (2/415)، (4/359)، وابن حبان في صحيحه(4428)، (4429)، والبيهقي في الكبرى (8/211) وابن حزم في المحلي (11/234، 235) وابن حجر في الموافقة (2/303، 304) من طريق عاصم به فذكره نحوه. وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه. وقال ابن حزم: هذا إسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه. وقال ابن حجر: حديث حسن. وله شاهد من حديث زيد بن ثابت عند الإمام احمد في مسنده (5/183) والنسائي في الكبرى (7145) والدارمي في سننه (2323) والطبري في التهذيب (37) والحاكم في المستدرك (4/360) وابن حزم في المحلي (11/235). وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجه. وقال الطبري: هذا خبر عندنا صحيح إسناده لا علة فيه توهنه ولا سبب يضعفه، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته.. وقال ابن حزم: هذا إسناد جيد. وله شاهد آخر من حديث عمر عند مالك في ((موطأه)) (10)، وصححه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (23/93) وشاهد عن أبي العجماء عند الطبراني (24/350)، (867) والحاكم في المستدرك (4/359) وأبو نعيم في المعرفة (6/3403). وصححه الحاكم، وحسنه الحافظ في ((الموافقة)) (2/304).
[884]:رواه البخاري (6829)، ومسلم (1691)، عن ابن عباس، عن عمر مرفوعا.
[885]:رواه عبد الرزاق في المصنف (13515)، وابن حزم في المحلي (11/171) عن يحيى بن أبي كثير فذكره بنحوه.