تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُواْ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةٞ مُّقۡتَصِدَةٞۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ سَآءَ مَا يَعۡمَلُونَ} (66)

إقامة التوراة والإنجيل : العملُ بما فيهما على أتمّ الوجوه .

لأكَلوا من فوقِهم ومن تحت أرجُلهم : أي لوسَّع الله عليهم موارد الرزق . مقتصدة : معتدلة في أمر الدين .

لو أنهم عملوا بالتوراة والإنجيل ، وحفظوهما من التحريف ، وآمنوا بما أَنزل إليهم ربهم ، وهو القرآن الكريم ، لأعطتهم السماءُ مطرها وبركتها ، والأرضُ نباتها وخيراتها ، وهذا معنى : لأكلوا من فوقِهم ومن تحتِ أرجلهم . وكما قال تعالى { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض } [ الأعراف : 95 ]

ثم بيّن الله تعالى أنهم ليسوا سواءً في أفعالهم وأقوالهم ، فهناك فيهم جماعة معتدلة في أمر دينها ، وهم الذين آمنوا بمحمّد والقرآن . بيد أن الكثير من جمهورهم متعصّبون مغرورون ساء ما يعملون .

أخرج الإمام أحمد وابنُ ماجة عن زياد بن لبيد ، وهو أحد الصحابة الكرام ممن شهد بدراً قال : «ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فقال : وذلك عند ذهاب العِلم . قلنا : يا رسول الله : وكيف يذهب العِلم نحن نقرأ القرآن ونُقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة ؟ قال : ثكلتْك أمك يا ابن أُم لبيد ، إن كنتُ لأراك من أفقهِ رجل في المدينة ، أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشيء » .

ومغزى هذا أن العبرة في الأديان هو العمل بها ، فإذا لم نعمل نحن بالقرآن الكريم ، بل اكتفينا بلوْك الألسن فقط ، فإن مصيرنا معروف نسأله تعالى أن يلهمنا الصواب .